انفجار “التليل” إلى المجلس العدلي… نحو الحقيقة

هيام طوق
هيام طوق

بعد جريمة انفجار خزان الوقود في منطقة التليل العكارية في آب الماضي التي أودت بحياة عشرات الأبرياء والجرحى، أحيلت التحقيقات حينها على القضاء العسكري الذي وضع يده على الملف بحكم أن هناك شهداء من الجيش. ومنذ ذلك الوقت، طالب نواب وفاعليات عكارية وشمالية ونقيب المحامين في الشمال محمد المراد في حديث لـ”لبنان الكبير” بإحالة الملف على المجلس العدلي الذي يؤمّن مبدئياً الحقوق لأطراف الدعوى إن كان لجهة الادعاء أو لجهة الدفاع لأن القضاء العسكري هو قضاء استثنائي ولا يؤمّن بحسب القانون حقوق المتضررين والمدعين، ولا يؤمّن المعايير الدولية لجهة المحاكمات وتأمين حقوق الأطراف.

وفي أول جلسة لمجلس الوزراء بعد نيل الثقة، أحيل تفجير التليل على المجلس العدلي مما خلق جواً من الارتياح لدى أهالي الشهداء والجرحى الذين رأوا في هذا القرار بارقة أمل في الوصول الى الحقيقة ومحاسبة كل من له علاقة بهذه الجريمة لأنهم ومنذ وقوع الانفجار حتى الآن لم يعرفوا أي شيء عما توصل اليه التحقيق العسكري، علّ نفوس الشهداء ترتاح في عليائها من خلال وضع الملف في مساره الصحيح.

وكانت “كتلة المستقبل” تقدمت باقتراح يقضي بتعويض أهالي الضحايا والجرحى، واعتبارهم بمثابة شهداء المؤسسة العسكرية على أمل إقراره في المجلس النيابي، كما أتت إحالة الملف على المجلس العدلي بعد جهد قام به نواب “المستقبل” مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي كان متجاوباً.

وأوضح عضو “كتلة المستقبل” النائب سمير الجسر ان “المجلس العدلي هو محكمة استثنائية وهي تحتاج الى مرسوم من مجلس الوزراء لاحالة الدعوى عليها، وليس أي دعوى يمكن احالتها على المجلس العدلي بل تكون خاضعة لنصوص قانونية معينة ولها مواصفات تسمح بنقل الدعوى للمجلس العدلي كقضية تتعلق بأمن الدولة الداخلي وأمنها الخارجي. ربما اعتبروا طريقة تخزين البنزين وخطورة ما حصل من الانفجار يمس أمن الدولة الداخلي، مشيراً الى ان الهدف منها سرعة البت في القضايا اذ انه امام المجلس العدلي ليس هناك بداية واستئناف وتمييز. هناك درجة واحدة من المحاكمات كما ان طريقة التحقيق تكون أسرع لأنها لا تخضع الى اجراءات النيابة بكل اجراء يقوم به قاضي التحقيق. على أمل أن نصل الى الحقيقة بأسرع وقت ممكن”.

وتحدث عضو “كتلة المستقبل” النائب وليد البعريني لـ”لبنان الكبير” عن ارتياح أهالي عكار لإحالة ملف انفجار التليل على المجلس العدلي “لأنه بذلك يتوسع التحقيق، ويعتبر المجلس العدلي ضمانة لايصال الحقوق الى كل الناس. الملف وضع على السكة الصحيحة، لاننا منذ انفجار التليل كنا نطالب ونسعى لتحويله الى المجلس العدلي”. 

المراد: كبار المحامين للمتابعة

وقال المراد لـ”لبنان الكبير”: “انفجار التليل هو بحسب قانون العقوبات من الجرائم التي تدخل ضمن صلاحيات المجلس العدلي باعتباره من أشد الجرائم خطراً وتأثيراً في الأمن الاجتماعي والقومي، كما ان أثر هذه الجريمة امتدّ على مساحة الوطن لا بل الى خارجه، إن حقوق الضحايا الشهداء والجرحى أمام القضاء العسكري بحكم القانون منعهم حتى من الادلاء بأقوالهم أو طلباتهم، وتالياً لا دور لأهالي الشهداء ولا دور للمتضررين أمام القضاء العسكري، ولا مجال لأن يكون هناك محام أو أكثر للدفاع عن مصالحهم أمامه. وعملاً بمبدأ التوازن بين الادعاء والدفاع، نجد ان هذه الحقوق متوافرة في المجلس العدلي”.

وأشار المراد الى ان “حضور المحامين عن الادعاء أمام المحقق العدلي، يساهم في: أولاً، المساهمة في تأمين البيّنات والادلة في سبيل الوصول الى الحقيقة. ثانياً، فريق الادعاء له حقوق متوازنة بكل مفاصل الدعوى وبكل بيّناتها من حيث تقديم الادلة أو تهميش أدلة الدفاع. ثالثاً، من يضع يده على هذا الملف هي أعلى سلطة قضائية”.

ولفت إلى “اننا شكلنا مكتب ادعاء من كبار المحامين المتخصصين قبل الاحالة الى المجلس العدلي، لأننا كنا على ثقة ان الملف سيحال اليه، ونحن على تواصل دائم مع أهالي الشهداء والمتضررين، وتالياً، نعمل على اعداد الملف حالياً، وبمجرد أن يصل أمام المحقق العدلي الذي سيُعيّن، سنكون على جاهزية تامة للبدء في مسار الملف”.

وأوضح المراد انه “كانت هناك مطالبات من أهالي الشهداء ونقابة المحامين وهيئات وفاعليات عكارية منذ وقوع الجريمة، بإحالة الملف على المجلس العدلي. الموضوع يحتاج الى كشف الحقيقة كاملة وصولاً الى العدالة، ونحن كنقابة محامين ملتزمون متابعة الملف حتى النهاية لأن الملف بمساره الجديد سواء على مستوى التحقيق أو المحاكمة سيصل الى النتائج التي من شأنها أن تساهم في تعويض الخسائر على الأهالي، وفي تأمين الاستقرار المجتمعي العام”. 

ترحيب الأهالي

وأعرب رئيس بلدية خربة شار – منطقة الدريب غسان إبراهيم عن ارتياح أهالي منطقة عكار خصوصاً أهالي الشهداء والجرحى، بقرار إحالة الملف على المجلس العدلي “لأننا لم نعرف ماذا جرى في التحقيقات العسكرية، والى أي مرحلة وصلت، فنحن لدينا شهود لم يستدعوا، وبالتالي من خلال تحويل الملف الى المجلس العدلي، سنتمكن من متابعة التحقيق خطوة بخطوة لأن نقابة محامي الشمال برئاسة النقيب المراد تتابع الموضوع”. وأضاف: “اننا اليوم بتنا على ثقة أكبر بأننا سنصل الى الحقيقة لأن الملف متشعب، ويجب أن تتوضح الامور من خلال التحقيقات ليس فقط خلال التفجير انما ما قبل التفجير”.

وعلم موقع “لبنان الكبير” انه بعد احالة الملف على المجلس العدلي، تداعى رؤساء اتحادات البلديات في الدريب الاوسط والغربي والشمالي ونهر الاسطوان ورابطة مخاتير الدريب الاوسط ورؤساء البلديات في هذه الإتحادات وفاعليات المنطقة مع ممثلي عدد من عائلات الشهداء والجرحى، الى اجتماع عاجل عقد في مبنى اتحاد بلديات الدريب الاوسط، واصدروا بياناً، لفتوا فيه الى “اننا تلقينا خبر احالة ملف قضية انفجار خزان الموت في التليل على المجلس العدلي بفرح بالغ. انه اجراء يطيب خاطرنا ويبلسم شيئا من جراحنا. ونأمل ان تسرع الحكومة ولا سيما وزارة العدل في تشكيل هيئة المحكمة، واستدعاء المجرمين والمتورطين والمخططين والمنفذين اليها لأن آمالنا تعقد عليها لجهة إنزال أشد العقوبات بحقهم ليكونوا عبرة لمن اعتبر”.

ونوه المجتمعون “بالنواب الذين قاموا بالإجراءات اللازمة لجهة احالة هذا الملف على القضاء المختص او تقديم مشروع قانون امام اللجان النيابية للحصول على مستحقات مالية لعموم الشهداء والجرحى. ونحن مستمرون بنضالنا حتى نيل الشهداء والجرحى حقوقهم كاملة ولا سيما العسكريين كشهداء واجب والمدنيين ايضا من خلال اقرار حقوقهم بموجب مراسيم تحفظ مستحقاتهم”.

شارك المقال