مخالفات العهد… عقلية عسكرية تلغي الديموقراطية

هيام طوق
هيام طوق

يبدو أن رئيس الجمهورية وفريقه الاستشاري سيستمرون في التدخل في شؤون وشجون كل مفاصل الدولة حتى الرمق الأخير، ضاربين بعرض الحائط الدستور وبنوده، تعبيداً للطريق أمام مصالحه الخاصة، وتأميناً لاستمرارية الإرث السياسي في السلطة، وذلك بحجة الحفاظ على حقوق المسيحيين واسترداد مكتسبات الرئاسة التي يعتقد العهد أنها سُلبت منه في اتفاق الطائف.

منذ وصول الرئيس ميشال عون إلى سدة الرئاسة، يكاد لا يخلو أي استحقاق من تجاوزات يقوم بها الفريق الاستشاري للعهد من الامتناع عن توقيع مرسوم التشكيلات القضائية خلافاً للدستور والقانون، وتأليف الحكومات وانقلاب رئيس الجمهورية على النظام البرلماني وأصوله، والتمسك بحصة وزارية له أو تمسكه بتعيين الوزراء المسيحيين خلافاً للدستور، وفي مرسوم التجنيس وعوراته، والتعيينات المالية والادارية من أعلى المراكز الى أسفلها مروراً بدعوة المجلس الأعلى للدفاع إلى الاجتماع قبل الجلسة الاولى لمجلس الوزراء لبحث تمديد إعلان التعبئة العامة مع العلم ان انعقاد جلسات المجلس تكون في حالات الاضطرابات والخطر التي تتعرض لها البلاد، وصولاً الى تفويض رئيس الجمهورية وفداً بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي، ويضم وفق البيان الصادر عن مكتب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ووزير المال يوسف الخليل ووزير الاقتصاد والتجارة أمين سلام وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، على أن “يستعين بخبراء من أصحاب الاختصاص وفقاً للمواضيع أو الملفات المطروحة في مسار التفاوض” إذ ان معلومات صحافية تحدثت عن ان الخبراء هم مستشارون لرئيس الجمهورية ومنهم المستشار الاقتصادي للرئيس شربل قرداحي، والمسؤول المالي في “التيار الوطني الحرّ” رفيق حدّاد.

كل ذلك غيض من فيض، لكن هناك العديد من نقاط استفهام يطرحها اللبنانيون الذين يعتبرون ان الرئيس ميقاتي من خلال تدويره الزوايا لإنجاح مهام الحكومة، يتنازل عن حقوقه الدستورية.

والسؤال الذي يطرح هنا، لماذا لا يتمسك الرئيس ميقاتي بحقوقه التي كفلها له الدستور خصوصاً انه وفق القانون رئيس الجمهورية يتولى التفاوض في عقد المعاهدات الدولية بينما الوفد المشكل هو للتفاوض مع جهة مانحة؟ وبالتالي لمجلس الوزراء مجتمعاً وحده صلاحية تشكيل وفد كهذا. ولماذا الغموض بشأن الاستعانة بخبراء من أصحاب الاختصاص؟ وهل يحق للعهد تعيين أشخاص من فريقه ومستشاريه في الوفد المفاوض؟ وما هو تفسير انعقاد المجلس الأعلى للدفاع قبل ساعات من انعقاد مجلس الوزراء ما دام أن البلاد لا تشكو من خطر أو حالات اضطراب؟

فتفت: عون يخرق الدستور كل يوم

رأى الوزير والنائب السابق أحمد فتفت ان “الرئيس عون يخرق الدستور كل يوم وليست المرة الاولى. البلد في حالة أزمة كبيرة، وللأسف، رئيس الجمهورية وصهره جبران باسيل يحاولان الضغط في شتى الاتجاهات للاستفادة انتخابياً. الهم الوحيد لديهما تحقيق المصالح الانتخابية وليس مصالح البلد، لكن على الرغم من ذلك، ما يهمنا ماذا سينتج عن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي”.

ولفت الى ان “انعقاد المجلس الاعلى للدفاع رسالة تحقير للدستور، والرئيس يستخدمه للسلطة والتسلط. انها اهانة لمجلس الوزراء وكأنه يقول ان كل القرارات عندي. انه العقل الديكتاتوري عند رئيس الجمهورية الذي يتجاوز الدستور والديموقراطية”، متسائلاً: “هل هي عراقيل معنوية قبل أول جلسة لمجلس الوزراء؟ وعندما كان لدى الرئيس عون علم بمواد النيترات في المرفأ، لماذا لم يطرح الموضوع على المجلس الاعلى للدفاع”؟

وأشار الى ان “رئيس الجمهورية حوّل المجلس الاعلى للدفاع الى حكومة خاصة له من خلالها يمارس صلاحيات تنفيذية مباشرة”، متحدثاً عن شخصين هما سليم جريصاتي وجبران باسيل، أوصلا البلد الى مكان خطير جداً بتفكيرهما المصلحي. لا أعرف ان كان رئيس الجمهورية يتمتع بالحس الوطني أو بالمسؤولية”.

حرب: التصرف كرئيس جمهورية وليس كرئيس تيار

اعتبر النائب والوزير السابق بطرس حرب ان “لرئيس الجمهورية صلاحية في ان يتولى التفاوض في عقد المعاهدات الدولية بحسب المادة 52 من الدستور، والاتفاق ليس من الضروري أن يكون بين دولة ودولة انما يمكن ان يكون بين دولة ومؤسسة دولية ينتج من هذا الاتفاق معاهدة دولية”، لافتاً الى ان “لرئيس الجمهورية الحق في اقتراح أسماء في الوفد المفاوض لكن اختياره مستشارين مقربين منه، أمر لا يوحي بالثقة. هناك ناس في البلد غير حزبيين ولديهم الكفاءة خارج التيار الوطني الحر. من الطبيعي أن نطالبه بالتصرف كرئيس جمهورية وليس كرئيس تيار”.

وعن اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، أشار حرب الى انه “خلال مرحلة الفراغ الحكومي، تحول المجلس الى مجلس وزراء لكن لا يمكنه اتخاذ القرارات الا ان رئيس الجمهورية كان يغطي القرارات الاستثنائية. اجتماع المجلس الأعلى للدفاع قبل جلسة مجلس الوزراء سوء تصرف، معتبراً انه يفترض على رئيس الجمهورية ان يكرس دور مجلس الوزراء الذي هو صاحب السلطة السياسية في البلد وليس ان يقدّم عليه جلسات المجلس الاعلى للدفاع. انه أمر مستغرب في وقت تشكلت فيه الحكومة. انها عقلية عسكرية ولا ثقافة ديموقراطية في عقل الحاكم، في عقل رئيس الجمهورية”.

صادر: تشكيل الوفد يعود لمجلس الوزراء

ولفت الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر الى ان “التفاوض ليس تفاوضاً من دولة لدولة. البنك الدولي ليس سلطة ذات سيادة، وبالتالي من صلاحية الحكومة ادارة التفاوض ولا علاقة لرئيس الجمهورية به. رئيس الجمهورية يعين الوفود لمناقشة المعاهدات الدولية وليس الوفود التي تتفاوض مع جهات مانحة”، مشدداً على ان ” تشكيل الوفد يعود لمجلس الوزراء الذي يضع السياسة العامة للبلد”.

وأشار الى انه “منذ استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، استبدل رئيس الجمهورية الحكومة بالمجلس الاعلى للدفاع الذي أخذ القرارات، وهذا لا يجوز قانوناً. انه خرق للدستور”.

شارك المقال