الناس في وادٍ… وحكومة ميقاتي في وادٍ آخر!

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

لا أمل لدى اللبنانيين بقدرة الحكومة على تحقيق ولو أشياء بسيطة، فالقرار اللبناني لا يُطبخ في مجلس الوزراء، بل حسب تعليمات مرشد الجمهورية في الضاحية الجنوبية كما يقول البعض متهكّما. وعلى الضفة الأخرى لا امل عند اللبنانيين بقدرة الثورة على التقدم بخطى سريعة نحو تغيير هذا الواقع البائس. ولا يخفي الكثيرون خيبتهم من تشكيلة الحكومة وفق المحاصصة السياسية بين قوى السلطة لتحاكي اهواء رئيس الجمهورية ميشال عون وحسابات صهره ولتكون خاضعة بالكامل لارادة حزب الله الذي يكبّر دويلته يوما بعد يوم ويسيطر على مقدرات البلد ويرسم الخطوط التي تناسب أطماع ايران، ويعمل وفق مخططها مع حلفائه على تيئيس اللبنانيين من وطن عرفوه مشعا وقادرا على تجاوز أزماته بالانتفاض على الواقع الصعب والبناء للمستقبل، وتحويله من نظام ديموقراطي الى نظام تحكمه عصابات وميليشيات إيرانية بلباس لبناني. المخطط التنفيذي للحزب جاهز على الدوام وهو إغراق اللبنانيين بالمزيد من الازمات الاقتصادية والمالية والمعيشية وابتداع الحيل لاستقدام الحلول من ايران وضرب علاقة لبنان بمحيطه العربي، وتكبيل عمل الحكومة بأصفاد الشعارات الرنانة والمشاريع الوهمية حتى يصبح بلد الحريات مجرد سجن كبير.

لا تغيير في ظل الاحتلال

الكثير من المواطنيين اللبنانيين يفهمون اللعبة، تعتبر ساندي.ش لـ”لبنان الكبير” وهي ناشطة في مجموعات الثورة، ان تشكيل الحكومة لم يغير أي شيء على ارض الواقع، وتقول: “للأسف نحن واقعون تحت الاحتلال الإيراني في لبنان وحزب الله الذراع العسكري لإيران يحكمنا، هو يأخذ البلد الى المحاور التي يريدها ونعيش تحت سلطة سلاحه، اخذ رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ومجلس النواب وسيطر على كل مفاصل الدولة، فإذا كانت حكومة ميقاتي او أي حكومة أخرى، مشكلتنا هي عينها اليوم، ليست المشكلة في لبنان معيشية ولا مشكلة كهرباء ولا مشكلة مياه كل هذه المشاكل ممكن ان تحل لو كان عندنا سيادة”.

وتضيف: “مشكلتنا ان الدولة لا تفرض سيادتها على الدويلة، نريد من الحكومة تطبيق القرارات الدولية وأن تبسط سلطة الجيش على كل الأراضي اللبنانية وان شاء الله حتى لا نكون سلبيين كثيرا بيطلع بايد الحكومة شي، مع انه برأيي بما ان المشكلة ليست ازمة معيشية، بل ازمة سيادة لن تستطيع انجاز شيء طالما ان الجميع مرتهن لحزب الله”.

فرنسا باعتنا والرئيس فاسد

نعم اللبنانيون محبطون من هذه الحكومة، هذا ما رددته ندى.ع على مسامعنا وهي تفسر لنا الأسباب، إذ تعتبر هذه الحكومة “حكومة إيران والممانعة”. لم تتوقع ندى، حسب قولها، “ان تبيعنا فرنسا والدول العظمى بهذه السهولة لإيران بعد ان كان شرطهم حكومة مستقلين اختصاصيين، فالشعب وحده عاجز عن فرض حكومة مستقلة امام هذه المافيا التي جنّدت كل الاجهزة والتابعين لها لمحاربة اللبنانيين”.

وتؤكد: “نحن لا نثق بحكومة رئيسها فاسد وحرامي ومأمور من أسياده. نحن لا نثق بحكومة محاصصة وتابعين لنفس الأشخاص الذين سرقونا وأذلونا وفجرونا. كيف نعطي هؤلاء ثقتنا ونصدق انهم سينقذوننا. وان كان هناك وزراء صادقين هل سيُسمح لهم بتنفيذ الاصلاحات؟ بالطبع كلا، لهذا لا نثق بهذه الحكومة”.

وبالنسبة لها :”نحن واقعون تحت الاحتلال الايراني المتمثل بفيلق حزب الله الإيراني، ولا خلاص للبنان إلا بمقاومة ومعارضة لبنانية كبيرة بمواجهته وبعدها نتحدث عن حكومة ولبنان كما نريد”.

إسمع يا ميقاتي

اما خالد المواطن الطرابلسي فيدخل في الموضوع مباشرة، سائلا رئيس الحكومة الطرابلسي أيضا اين الكهرباء يا ريس؟! ويقول: “ايام عمر كرامي هدد بأنه اذا قطعتم الكهرباء عن طرابلس ايديكم بدنا نقطعها. اليوم عنا رئيس حكومة من طرابلس وعايشين بالظلام في منطقة الشمال، من القلمون حتى عكار، لماذا لا يصطلح حال المدينة في عهد ميقاتي، بدنا مثلا دواء وهو غير متوافر في الصيدليات. هل سمع ميقاتي بأن أصحاب الموتورات طالبونا هذا الشهر بدفع الاشتراكات وفقا لسعر صرف الدولار بالسوق السوداء؟ نحنا على الليرة ما كنا قادرين ندفع كلفة الاشتراك كيف ندفع بالدولار ومن اين نحصل على الدولار ما حدا معو دولارات الا حزب الله”.

ويضيف: “راتب الموظف صار بيسوى 3 تنكات بنزين اليوم، شو بيقول ميقاتي عن حياة الذل التي يعيشها المواطن أينما كان في الوظيفة والبيت وفي كل مكان، بسبب وضع الكهرباء وأزمة المحروقات واخفاء الدواء وارتفاع سعر الدولار الذي صار له اربع خمس منصات على الأقل، اذا بيعتبر انو رئيس حكومة فليوحد سعر صرف الدولار، بهذا الشكل نقول ان الدولة موجودة وحاكمها لبناني وليس إيرانيا، الشعب يذل ويدفع ثمن التشبيح من عصابات مدعومة من السلطة، لكننا لن نسكت وسنحاسبهم ونلقيهم في مزابل التاريخ”.

قرار الحكومة ليس بيدها

أصيبت رنا شعبان (32 عاما) في انفجار 4 آب، كانت في منزلها في عائشة بكار فدفع الانفجار القوي بها الى الوقوع وكسر وركها وتضررت ركبتها، ومع ذلك لم تجد معاناتها تجاوبا لدى وزارة الصحة لاجراء عملية لها لوضع “بروتيز” وكان عليها دفع مبلغ 18 الف دولار للمستشفى فارق تغطية الوزارة. وتساءلت: “من أين سيكون معي 18 الف دولار، ابي متقاعد وامي لا تعمل وهي مريضة قلب وسكري وضغط وانا اعمل لاعيلهما، انعطبت بسبب الجريمة التي ارتكبتها السلطة بتفجير المرفأ”.

وتنتقد رنا مساعدات فرنسا لمتضرري المرفأ، اذ تقول: “ارسل لنا الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون فريقا صحيا من المتطوعين الذين يدرسون لا أطباء اخصائيين ولم نحصل على نتيجة من مساعداتهم، فالاصابات اكبر من ان تحل بطريقة الإسعاف السريع”.

ولا تجد رنا ان “ما يعيشه اللبنانيون اليوم مستمر منذ 100 عام وليس جديدا عليه، نظام طائفي وصراعات مذهبية ومناكفات سياسية، انا طائفتي اكبر وانا بيي اقوى من بيك، ما يهمني انا من هذا الصراع السلطوي، انا كمواطنة اريد العيش في سلام والحصول على حقوقي وأريد ان أكون مجرد مواطنة لبنانية، اريد العيش بجمهورية لبنانية وليس إيرانية ولا جمهوريات كل مين أيدو الو، ولا اقبل بدويلة هنا وهناك”.

بالنسبة لها، “الثورة لم تحصل بسبب زيادة الــ6 دولار على خدمة الواتساب وانما لان ما قبل ذلك لبنان احترق ولم يجد الأهالي ماء لاطفاء منازلهم سقطت ضحايا، والطائرات التي قدمت لنا تبين انه لم يجر صيانتها السارقون في الحكومة استكثروا على الشعب اللبناني صيانة طائرة لاطفاء حريق بسبب سرقاتهم، من يصدق ذلك، قبلها أيضا فاضت الشوارع في مياه الشتاء وأقفلت الطرقات وعاش المواطنون ساعات رهيبة وهم محتجزون بسبب عدم تنظيف المجاري وبسبب السمسرات في مشاريع الرملة البيضاء لصالح المدعومين من دون النظر الى تضرر الخدمات العامة. كيف لنا ان نثق بمثل هؤلاء في السلطة؟ كيف نثق بحكومات يجري تقاسمها بين الفاسدين وكل منهم يريد حصة من جبنة الوطن؟”.

وتضيف: “ولا يجب ان ننسى ازمة النفايات ومصائب تراكمها في الشوارع وعدم إيجاد الحلول المناسبة، لا مشروع لإعادة التدوير مثلا والمواطن دفع ويدفع من جيبه من دون الحصول على خدمات في كل القطاعات التي صرف عليها المال العام من دون نتيجة”.

لا يخفى على رنا محاولات اهل الحكم زرع الفتن الطائفية، وتقول: “حتى الثورة نجحوا في افشالها، وصارت الانشطة في المناطق وكأنها أنشطة تعني طائفة بحد ذاتها، يتظاهرون في الضاحية مثلا من اجل الخبز، يأتي اولو الامر ويوزعون ربطات خبز تنتهي المشكلة وهكذا في بقية المناطق، في بنزين في الشرقية ما في مشكلة، للأسف الثورة صارت انتفاضات متقطعة وساحاتها انقسمت من طرابلس الى صيدا الى النبطية وغيرها ولم تتحول الى قوة مؤثرة قادرة على احداث تغيير حقيقي”.

وتتابع: “انا لا اؤمن بهذه الدولة حتى لو تغيرت مئة حكومة، الى ان تتشكل حكومة من الشعب، انا لا اثق بهذه الحكومة، هي ورقة سوداء مهما فعلوا لن تبيض، لا اجد ان لديها القدرة على اجراء إصلاحات لان القرار ليس بيدها، وليس تفصيلا ان تسمى بسخرية منذ اليوم الأول بحكومة الحفاضات”.

وترى رنا ان “الازمات المعيشية مفتعلة والشحّ في المواد الضرورية وارتفاع سعر الدولار مخطط له، لكن من يقوم بهذه اللعبة نسي او تناسى اننا شعب لن يتنازل عن كرامته لاي قوة مهما تجبّر، لن ننسى مطالبنا الأساسية ولو افتلعوا الف ازمة وهي اسقاط المنظومة الفاسدة واحقاق العدالة ومحاسبة كل من سرق وفجر واغتال وقتل وتعامل مع قوى خارجية لاضعاف لبنان واستباحته، لبنان لن يبقى مرتهنا لارادة هؤلاء وهو قاوم احتلالات عدة وباستطاعته اليوم أيضا ان يواجه ابشع احتلال كان مقنّعا وكشف وجهه البشع اليوم في تنفيذ مهمته بالقضاء على لبنان ومصادرة قراراته، وفي لبنان احرار سيحاربون من اجل حرية لبنان وسيادته مهما بلغت التضحيات ولن يتنازلوا عن حقوقهم”.

شارك المقال