المجلس الأعلى اللبناني – السوري… أحد مظاهر الاحتلال

هيام طوق
هيام طوق

سنة 1991 وُقّعت “معاهدة الأخوة والتنسيق” بين لبنان وسوريا، وانبثق عنها المجلس الأعلى اللبناني – السوري الذي يتألف من رئيسي جمهورية الدولتين، ورئيسي مجلس الشعب السوري ومجلس النواب اللبناني، ورئيسي مجلس الوزراء ونائبيهما في البلدين. وحسب المهام الرسمية المنوطة به، يضع المجلس السياسة العامة للتنسيق والتعاون بين الدولتين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ويشرف على تنفيذها. كما يعتمد الخطط والقرارات التي تتخذها هيئة المتابعة والتنسيق ولجنة الشؤون الخارجية ولجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ولجنة شؤون الدفاع والأمن أو أي لجنة يتم إنشاؤها فيما بعد. وتُعد قراراته مُلزمة ونافذة المفعول في إطار النظم الدستورية في كل من البلدين.

وبعد أن اتخذ قرار سنة 2008 بفتح سفارتين في الدولتين الجارتين، طرح حينها أكثر من علامة استفهام حول جدوى استمرارية المجلس الأعلى الذي جُمّد عمله قسريا حوالي 10 سنوات نتيجة انقطاع التواصل بين البلدين التزاماً من لبنان بقرارات جامعة الدول العربية وبالإجماع العربي على مقاطعة النظام السوري. الا أنه كما يبدو ان المجلس أعيد تفعيله وبقوة في الفترة الأخيرة اذ ان سوريا أوكلت إلى الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني – السوري نصري خوري، الإعلان عن قرارها الموافقة على طلب الجانب اللبناني السماح بتمرير الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية إلى لبنان. كما زار خوري رئيس الجمهورية ميشال عون وعرض معه عمل الأمانة العامة والسبل الآيلة الى تفعيل العلاقات مع سوريا في المجالات كافة، كما تطرق البحث الى نتائج الاجتماعات التي عقدت سابقا وضرورة متابعتها إذ أوضح خوري ان اللجنة الفنية المشتركة اللبنانية – السورية التي كشفت على خط الغاز بين لبنان وسوريا، أعدّت تقريرا يشير الى ان الخط بحاجة الى إصلاحات بسيطة ليصبح جاهزا للعمل.

وهنا لا بد من طرح الاسئلة التالية: هل هناك نية لاعادة إحياء المجلس الأعلى اللبناني – السوري؟ وما هو دوره والجدوى من استمراريته في ظل الحكومة ووزراء الخارجية والسفارات بين البلدين؟ وهل زيارة الوفد اللبناني الى سوريا ستؤدي الى تطبيع العلاقات بين البلدين خصوصا ان الوفد كان رفيع المستوى بخلاف الوفود الاخرى السابقة التي كانت تقوم بزيارات تقنية؟ مع العلم ان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أشار الى أنه “لا يمانع زيارة سوريا والتعاون معها إذا لم يترتب على الزيارة عقوبات على لبنان، وانه لا يسمح بتعريض لبنان لأي مخاطر، ولا تعريض لبنان لأي عقوبات جراء أي علاقة مع أي كان”.

كل ذلك يجري في ظل ما يُعرف بـ”قانون قيصر” الذي اعتمدته الإدارة الأميركية، لفرض عقوبات على الحكومة السورية والدول التي تدعمها. كما يمكن للرئيس الأميركي بموجب القانون فرض عقوبات جديدة على أي شخص أو جهة تتعامل مع الحكومة السورية أو توفر لها التمويل.

علوش: المجلس أحد مظاهر الاحتلال السوري

اعتبر نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش ان “المجلس الأعلى اللبناني – السوري هو أحد مظاهر الاحتلال السوري، لكن في المقابل يجب أن تكون لدينا الجرأة لإلغائه حتى عندما كانت 14 آذار تمسك بأمور البلد لم تأخذ قرارا بإلغائه. اذا كان هناك من ضرورة لوجوده، على الحكومة أن تأخذ قرارا بتفعيله واذا كان وجوده غير ضروري، فليتم الغاؤه من خلال مجلس النواب الذي يتقدم بطلب الغائه بأسباب معللة أو الحكومة التي يمكن أن تتخذ هذا القرار أيضا”.

وأشار الى ان “من وضع قانون قيصر هو من فتح الباب للاتفاقيات بين البلدين. الصورة ضبابية والوضع حذر من قبل القيادات اللبنانية لناحية التطبيع مع سوريا. علينا الانتظار لنرى كيف ستتطور الامور في الايام المقبلة مع أنني أظن انه حتى حزب الله حريص على عدم توتير علاقة لبنان مع أميركا بانتظار توضيح صورة الوضع الايراني – الاميركي”. 

أبو جمرا: لا لزوم لوجود المجلس

لفت نائب رئيس الحكومة السابق والقيادي المنشق عن “التيار الوطني الحر” اللواء عصام أبو جمرا الى انه “في الفترة الاخيرة هناك محاولة لمساعدة لبنان الزاميا عن طريق الاراضي السورية، معتبرا ان المجلس الأعلى اللبناني – السوري لم يظهر في تاريخه أي فعالية في اصلاح الامور أو ايقاف تعثرها. أنا مع الغاء المجلس لأن لا لزوم لوجوده في ظل الحكومة ووزير الخارجية والسفارة”.

وسأل أبو جمرة: “ما هي مهمات المجلس؟ ماذا يفعل؟ وبماذا أفاد في المرحلة الماضية؟. إنه مصروف بلا منفعة، داعيا الى بدء المحادثات بين البلدين لاعادة النازحين بطريقة آمنة”. 

محفوض: المجلس يناقض العلاقات الديبلوماسية بين البلدين

اعتبر رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض ان “الخطأ الكبير الذي ارتكب منذ سنوات حتى خلال فترة تولي قوى 14 آذار الحكومة، انها لم تتقدم بطلب لإلغاء هذا المجلس الذي يكلف الدولة اللبنانية سنويا مئات ملايين الليرات كرواتب وحوافز ومخصصات. المجلس في خدمة النظام السوري الذي لم يتبدل فيه لا رأس الهرم ولا الموظفين منذ تأسيسه في زمن الاحتلال السوري”.

ورأى ان “المجلس يناقض العلاقات الديبلوماسية بين البلدين لأنه كان بدلا عن ضائع في فترة لم يكن هناك من تمثيل ديبلوماسي بين البلدين أما وقد أصبح هذا الامر واقعا، فبات المجلس لزوم ما لا يلزم. المجلس هو غبّ الطلب اذ ان سوريا تسعى اليوم جاهدة للعودة الى الحاضنة العربية، وعلى الرغم من أن هناك مساعٍ لتعويم الرئيس الاسد عربيا وعودة المقعد السوري الى جامعة الدول العربية، الا أن هذا لا يمنع ان تستخدم سوريا، لبنان بأبشع الصور. وأبشع صورة تتجلى في هذا المجلس الهجين الذي يكبّدنا مبالغ مالية من دون أي جدوى”. وأشار الى ان “الغايات السورية تختلف عن الاهداف اللبنانية، وكان من الأجدى بهذا المجلس في عز أزمة اللجوء السوري بدلا من أن يقف حجر عثرة في وجه عودة النازحين السوريين، كان من المفترض بناء حجر أساس لهذه العودة، لكن كان واضحا ان كل الاطراف ومن ضمنهم هذا المجلس يغذّون المجموعات اللاجئة للبقاء في لبنان”.

وشدد محفوض على ان “السلطة بكليتها موالية لنظام الأسد من رئيس الجمهورية وصولا الى الوزراء، وبالتالي خيار طاقم الحكم في لبنان هو الى جانب سوريا وايران وحزب الله، معتبرا انه على السلطة التنفيذية أن تفعّل. ماذا فعل الرئيس نجيب ميقاتي ازاء هذا الواقع؟، مؤكدا ان اعادة احياء الجسم الميت، أي المجلس الأعلى اللبناني – السوري، هو تحصيل حاصل مع سلطة تتماهى بين حزب الله والنظام السوري”.

شارك المقال