كلاوديو كوردوني… ارحل!

زاهر أبو حمدة

يُعرّف موقع الأمم المتحدة السيد كلاوديو كوردوني، بأنه مدير شؤون وكالة “الأونروا” في لبنان منذ عام 2017. وفي سيرته الذاتية إشارة الى أنه شغل بين الأعوام 2013-2017 منصب مدير قسم حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وسيادة القانون في بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وكذلك ممثلًا للمفوض السامي لحقوق الإنسان هناك. وهو إيطالي الجنسية وحاصل على شهادات في القانون ودراسات الشرق الأوسط. هذا تعريف لمن يرأس مهام غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في لبنان. لكن هل ينفذ مهامه؟

في خلال خمسة أعوام، استخدم الأسلوب النمطي في العمل على الرغم من المستجدات والأزمات المتلاحقة التي تضرب المخيمات الفلسطينية. ومن سوء حظه ترافق تسلمه لمهامه الترويج لصفقة القرن وشطب حق العودة وتدمير وكالة “الأونروا” بحسب ما كان يطمح جاريد كوشنير وبنيامين نتنياهو. وتضامن الفلسطينيون مع الوكالة وتحملوا العجز بالميزانية والتراجع الملحوظ في الخدمات، لكن إدارة المؤسسة الدولية لا تملك خطة بديلة بشأن الميزانية. المطلوب ليس خطة تقشفية بقدر ما الحاجة الى “نفضة” لوقف الهدر والعمل على تنوع مداخيل المساعدات والمُنح المالية. وهذا للأسف لم يفكر به السيد كوردوني.

ولكي نكتشف إمكانياته الضئيلة في الإدارة والقيادة، لم يحرك ساكناً في القطاع الطبي حين انتشرت جائحة كورونا في المخيمات. لا بل أغلقت بعض العيادات أبوابها أمام اللاجئين واعتمدت الوكالة على ما تصدره وزارة الصحة اللبنانية والعمل الكبير من مؤسسة الهلال الأحمر الفلسطيني. تخيل عزيزي اللاجئ أن الجهة المسؤولة عنك لا تملك أرقاماً لعدد الإصابات أو الوفيات جراء الجائحة كما أنها لا تملك خطة للقاح لولا وزارة الصحة مشكورة وبعض المؤسسات الدولية الأخرى. وهكذا فشل المستر كوردوني، في إدارة ازمة حياة أو موت، وكأنه يقول في باله: “ليمت العدد الأكبر من اللاجئين ولتنخفض أعدادهم”.

واستمر مسلسل فشل وتقاعس الخبير في حقوق الانسان، حين لم يعلن خطة إنقاذية إغاثية طارئة وشاملة بعد التطورات الاقتصادية والمعيشية في لبنان وإرخاء تداعياتها على مستويات الفقر والبطالة في مجتمع اللاجئين. لم يرف له جفن وهو يقرأ التقارير حول ارتفاع منسوب الجريمة والتفكك المجتمعي داخل البيئة اللبنانية عموماً والفلسطينية خصوصاً، جراء انهيار الليرة اللبنانية والغلاء الفاحش. وهنا حجة المستر كوردوني، هي العجز المالي. أما الحقيقة أنه لم يطرق الأبواب للمساعدة، فمثلاً حين طالبت السفارة الفلسطينية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من السفارة الألمانية في لبنان العون في تأسيس قسم لعلاج كورونا في مستشفى الهمشري في صيدا، قدم الألمانيون مساهمتهم العاجلة. فلماذا لم يطلب كوردوني، مساعدة السفارات الصديقة للشعب الفلسطيني لا سيما العربية والأوروبية في خطة الإغاثة في هذه الظروف الصعبة؟

أما الكارثة فكانت في القطاع التعليمي، فتوجه نحو 38 ألف طالب فلسطيني في لبنان، إلى مدارس “أونروا”، في ظل العوائق المادية في بلد يعيش حالة اقتصادية متردية، دفعت العديد من الأهالي إلى الامتناع عن إرسال أبنائهم للمدارس. لا رؤية واستراتيجية واضحة لآلية تنفيذ نظام التعليم المدمج الذي يحتاج مستلزمات وتحضيرات ومقومات عديدة يفترض توفيرها لتمكين الطلاب من تحقيق الفائدة والتحصيل الدراسي المطلوب. يضاف إليها مشكلة النقص في بعض الكتب والتأخر في توزيع القرطاسية والزي المدرسي وغيرها من الاحتياجات المطلوب الاسراع في توفيرها وعدم تكبيد الطلبة أية أعباء تثقل كاهل الأسر الفلسطينية. ولم يلحظ السيد كوردوني، مشكلة النقل والمواصلات وارتفاع أجورها وغلاء أسعار المحروقات، لا سيما مع عدم وجود مدارس ثانوية داخل المخيمات الفلسطينية في بيروت كافة، وفي بقية المناطق يتواجد عدد كبير من الطلاب خارج المخيمات. نحن أمام سوء الإدارة والتخطيط في وكالة “الأونروا” أدخل الأهالي والطلبة والطاقم التعليمي في حالة من الإرباك كان من الممكن تلافيها، لو اعتمدت الوكالة رؤية واضحة. وحتى الأن لا يُعرف كيف سينتهي العام الدراسي، لكن الأكيد أن جيلاً فلسطينياً سيكون جاهلاً وربما يصل الى الجامعات من دون أي كفاءة، ولاحقاً لديه فرصة أن يصبح موظفاً في الوكالة؛ هذا إذا كان يعرف أحدهم في المقر الرئيسي في بئر حسن. وهنا لا بد من التوقف أمام الفضائح المتلاحقة في موضوع التوظيف في عهد السيد كوردوني. فلا يوجد معايير واضحة للامتحانات والمقابلات الشخصية وهناك اتهامات ودلائل على “وساطات شخصية وفصائلية” في هذا الامر. واعتصم عدد من “المظلومين” أمام مقر الإدارة لنيل حقوقهم. ولم يستمع كوردوني، لمطالبهم أو استضافهم لتبديد هواجسهم والدفاع عن نفسه وفريقه، لا بل يكابر وكأنه ضالع في مسألة التوظيف الاستنسابي.

ووسط الفشل المستمر في المجالات كافة، وجب على إدارة “الاونروا” إقالة كلاوديو كوردوني، أو فليستقل من وظيفته أو يقدم طلب نقل لساحة أخرى سيفشل فيها أيضاً. وإذا لم يتغير هذا الرجل فسيصبح عدواً للشعب الفلسطيني، فهو يدمر منهجياً الوكالة واللاجئين.

شارك المقال