المجتمعان الدوليّ والعربيّ ينتظران عودة لبنان… إلى لبنانيته! 

هيام طوق
هيام طوق

لا يختلف إثنان على أنّ “حزب الله” بات صاحب القرار الفعليّ في لبنان، وأثبت ذلك في الآونة الاخيرة من خلال إدخال المازوت الإيراني من دون المرور بمؤسّسات الدولة، على الرغم من العقوبات الأميركية على إيران، وتمسّكه بزمام السلطتين التنفيذية والتشريعية. إنه الحكم والحاكم الوحيد من دون أي منازع، وهو تمكن من جعل البلد يدور في الفلك الإيراني، لا بل حوّله إلى ورقة تفاوض في مهبّ رياح تفاهمات ومحادثات دولية وإقليمية من هنا، ومصالح استراتيجية من هناك.

ومَن يراقب المشهد، يلاحظ زحمة الزيارات الديبلوماسية المفعمة بالوعود والحماسة الكبيرة لمساندة لبنان الغارق في أزماته، إلا أنّ الواقع لا يزال “محلّك يا واقف” في أحسن أحواله، لأنّ الأوضاع تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، والخناق يشتدّ على رقاب اللبنانيين الذين باتوا على قناعة أنّ بلدهم على وشك الضياع من بين أيديهم، وأنه أصبح رهينة في يد إيران، فيما ينحصر دور المجتمع الدولي بمساعدة البلد على تجنّب الانهيار، مما يدفع كثيرون إلى التساؤل: هل سُلّم لبنان فعلياً إلى إيران؟ وإذا كان المجتمع الدولي يريد فعلاً الإنقاذ، لماذا لا يقف سداً منيعاً في وجه الدولة التي يتّهمها السياديون بأنّها أوصلت البلد إلى الخراب؟ خصوصاً أنّ بعض الأطراف السياسية والشعبية يعتبرون أنّ سياسة الحزب وإيران تهدف إلى تنفير الدول العربية أكثر فأكثر، لتأخذ موقفاً سلبياً من لبنان، وعدم دعمه باعتبار أنه غير قادر على ضبط الدويلة. ولماذا لا تعود الدول العربية إلى لبنان وتدعمه وتنشله من مأزقه انطلاقاً من مقولة “حارب العدو بسلاحه؟”.

الخازن: الدولة الحريصة لا تلزم لبنان بمعاداة أخرى

اعتبر النائب فريد هيكل الخازن أنه “من الطبيعي أن يحافظ لبنان على علاقاته السياسية مع الدول التي لديه مصالح معها، وإذا كانت هذه الدول متصارعة، فعلينا نحن تحييد أنفسنا عن صراعاتها، مشدداً على أنه من المهم أن يكون لبنان على علاقة جيدة مع دول الشرق والغرب، والدولة الحريصة على لبنان لا تلزمه بمعاداة دولة أخرى ممكن أن تجرّه إلى حرب أو انشقاق بين أطيافه لخدمة مصالحها. وبالتالي السياسة الخارجية اللبنانية، يجب أن تُزان بميزان “الجوهرجي” بحيث نحمي مصالحنا مع كل الدول، وعلى رأسها دول الخليج العربي”.

ورأى أنّ “العلاقة الطبيعية ستعود بين لبنان والدول العربية، لكن مسألة دفع الأموال للبنان من باب الهبات أو القروض الميسّرة، تنتظر الإصلاحات الجدّية لأنّ هذه الدول هي التي موّلت باريس 1 وباريس 2 وباريس 3. أين ذهبت هذه الأموال؟ هُدرت. الدول العربية ليست مستعدّة لإعادة التجربة عينها”.

وأضاف: “على ما يبدو، أنّ هناك بوادرَ حلحلة ما قد تؤدّي إلى تسوية في المنطقة بين إيران والولايات المتحدة ودول الخليج، وعلينا كلبنانيين أن نعرف كيفية الإفادة منها لمصلحة لبنان بما يحفظ سيادته وحرية قراراته، متحدّثاً عن “معلومات غير مؤكّدة تشير إلى أن هناك لقاء سعودياً إيرانياً قد يؤدّي إلى إعادة العلاقات الديبلوماسية بين الطرفين، وفتح السفارة السعودية في إيران”.

فتفت: إذا لم نعترف بأنّ المرض فينا فلن نُشفى

وشدّد الوزير والنائب السابق أحمد فتفت، على أنّه “على القوى السياسية والقيادات اللبنانية أن تتخذ موقفاً واضحاً وصريحاً، إذ ليس مقبولاً على سبيل المثال أن يقول رئيس الحكومة أنه ليست لديه معلومات عن المعابر غير الشرعية، كما لا يجوز هذا التدخّل الإيراني، والقول إنّ لديها جيشاً في لبنان هو (حزب الله)”، معتبراً “أننا لا نعاني من تدخّل إيراني، إنما من احتلال إيراني. والأطراف في السلطة لا تتّخذ أي تدبير. المسؤولية الأولى تقع على القيادات وتحديداً مَن هم في المسؤولية كرئيس الجمهورية ورئيس المجلس ورئيس الحكومة”.

وسأل: “لماذا نلوم المجتمع الدولي على عدم وقوفه إلى جانبنا، طالما لم نقف نحن مع أنفسنا؟ ولماذا نلوم العالم العربي الذي نصدّر له الكبتاغون ونضربه بالصواريخ، إضافة إلى الحملات الإعلامية الممنهجة ضدّه، ونتحالف مع الحزب الذي يفصّل قوانين انتخابية تمكنه من السيطرة على المجلس النيابي. إذا لم نعترف بأنّ المرض فينا، فلن نُشفى منه”.

ورأى أنّ “المشكلة الأساسية أنّ نصر الله لديه تفكير استراتيجي، في حين أنّ القيادات تتلهّى في حصصها من السلطة، ولا أحد يتّخذ موقفاً استراتيجياً حقيقياً، ويعمل لمصلحة لبنان وسيادته”، لافتاً إلى أنّ “الدول العربية دعمت لبنان بمئات المليارات من الدولارات، وماذا كانت النتيجة؟”.

وختم فتفت بأنّ “لبنان لن يُسلَّم إلى إيران، ولن نستسلم، لكن علينا العودة الى المشروع الوطني الأساسي الذي على أساسه توقّفت الحرب الأهلية. المنطق منطق مصالح، وعلينا أن نعرف أين هي مصلحتنا الوطنية العليا لنتصرّف”.

عطاالله: التعويل على استفاقة الشعب

اعتبر النائب السابق الياس عطالله أنّ “(حزب الله) بدعم من إيران، يشكّل نوعاً من وضع اليد على الدولة، ويعوق عمل السلطة ويهيمن عليها. وهذا أمر مرتبط بكل الأزمات التي يعانيها البلد”، لافتاً إلى أنّ “سلوك الدولة العاجز عن منع تدخّل الفرع الإيراني في لبنان في شؤون الدول العربية، إضافة إلى تهريب المخدّرات والإعلام المتجنّي الدائم، ذلك يجعل من دول الخليج غير موافقة على التعامل مع لبنان، طالما أنّ السلطة لا تصون حياد لبنان ودستوره. ولا إمكان لتطوير العلاقات حالياً بين لبنان والدول العربية، نتيجة الاعتداء غير المبرّر على مصالح هذه الدول”.

وتابع: “إذا كانت السلطة لا تمثل مصالح اللبنانيين، ولا تقوم بأي خطوة، وتظهر للعالم أنّنا غير مهتمين بوضعنا، فكيف يمكن أن تهتم الدول بنا وتساعدنا؟ وما هي الخطوات التي نتّخذها في ظلّ الانهيار؟ لا يمكن أن نلوم الدول العربية ولا المجتمع الدولي، طالما أنّ هذه الدول ترى سلوك هذه السلطة المتحالفة عبر موقعها الأول مع ميليشيا السلاح، ويخرب وضع البلد من دون أي اعتبار لا للدستور ولا للقوانين، وطالما أنّها لا تهتم بالمصلحة الوطنية العليا”.

وشدّد على أنّه “لا يمكن أن نسلّم أمرنا لإيران، بل يجب على الشعب أن يكافح في وجه سلطته وفي وجه سلطة الأمر الواقع المتمثلة بـ (حزب الله). والتعويل اليوم على استفاقة الشعب لمصالحه. الأفق مظلم، ولا خلاص إلا بالمزيد من الوعي”.

شارك المقال