حين لا ينفع لا قضاء ولا قدر!

رواند بو ضرغم

نال العهد مبتغاه. انهارت مؤسسات الدولة. ضرب الاحباط الطبقة السياسية والمواطنين معا. جحافل الشباب على أبواب السفارات، تلبية لدعوة رئيس الجمهورية حين قال: اللي مش عاجبه يهاجر…

إحباط هائل في السياسة الداخلية. دخل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي معترك الاصلاحات متفائلا وناشرا الإيجابيات، فاصطدم بفيتوات تيار العهد القوي لحفظ صفقاته، وعلى رأسها رفض تأليف الهيئة الناظمة للكهرباء. لا أحد يستبعد أن يصل ميقاتي الى طريق مسدود ويُشهر رغبته في الاستقالة للتخلص من سلاسل العهد التي تكبله وتمنعه من تحقيق الإصلاحات، فهو من يتحمل المسؤولية كرئيس للسلطة التنفيذية أمام المجتمع الدولي، وهو من سمع كلاما عالي النبرة من مستشار الرئيس الفرنسي بيار دوكان وإنذارا واضحا أن المهلة المعطاة للحكومة لا تتخطى نهاية العام الحالي لتحقيق الاصلاحات، وذلك تحت طائلة تخلي المجتمع الدولي عن مساعدة لبنان وتجاوز ازماته.

الوضع لا يختلف قضائيا عن الوضع السياسي، فالاحباط يضرب العدلية نتيجة الشعبوية المسيحية التي تؤثر سلبا في العدالة الكاملة في قضية انفجار المرفأ، وذلك عشية بتّ القاضية جانيت حنا بطلب رد القاضي طارق بيطار المقدم من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر امام محكمة التمييز. ومعروف عن القاضية حنا أنها لا تحضر الا يوم الأربعاء الى غرفتها في محكمة التمييز، فأمام هذا الطلب هل تأتي الى غرفتها وتبتّ في هذا الطلب سلبا كان ام ايجابا؟

اذا بتّت القاضية حنا سلبا، فهذا يعني انه ليس من اختصاص محكمة التمييز، عملا بالاجتهاد الذي ارساه الرئيس رالف رياشي في غرفة التمييز… واذا بتّت ايجابا وطلبت ابلاغ الفرقاء، فمن المتوقع ان يتم ابلاغ القاضي بيطار صباح الاثنين ليرفع يده فورا عن الملف لأنها دعوى رد، على عكس الدعاوى التي تدعو الى نقل الدعوى للارتياب المشروع التي تقدم بها منذ حوالي الشهر فور صدور مذكرة توقيف بحقه، الوزير السابق يوسف فنيانوس، وتقدم بأخرى الوزير السابق نهاد المشنوق منذ بضعة أيام. لكن في الحالتيْن، تتوقع المصادر القضائية أن “يتغيب بيطار عمدا الاثنين عن العدلية، ليحضر الثلاثاء ويستعجل اصدار مذكرة توقيف غيابية بحق الوزير السابق علي حسن خليل قبل تبلغه طلب الرد من محكمة التمييز”.

هذا الاسلوب اذا اتبعه القاضي بيطار او اي قاض آخر، إنما يعزز الارتياب في حياديته ونزاهته.

في المقابل، لم يفهم المراقبون لماذا تقدم الوزير المشنوق بهذه الدعوى التي لا تؤدي الى رفع يد بيطار عن الملف. إنما تؤكد مصادره أنه يلتزم الاجتهاد الصادر عن الرئيس رالف رياشي الذي يقول إن محكمة التمييز ليست الجهة الصالحة لبتّ طلبات رد القاضي. وفي هذه الحالة أصبح النواب المدعى عليهم امام الوضع التالي: محكمة الاستئناف بشخص الرئيس ايليا اعلنت عدم اختصاصها لرد الدعوى، ومحكمة التمييز سبق ان أعلنت عدم اختصاصها بالاستناد الى الحكم الصادر عن الرئيس رياشي. فالى اي محكمة يلجأون؟ ومن ستكون المحكمة التي تبت طلبات رد القضاة؟ وهل اسلوب المحاكم هذا يهدف الى التهرب من المسؤوليات، تماشيا مع الشعبوية المسيحية الحاصلة؟

تؤكد مصادر موقع “لبنان الكبير” أن النواب المدعى عليهم لن يمثلوا أمام بيطار يومي الثلاثاء والاربعاء، والتوجه هو لإعلان موقفهم وموقف رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر بيان صادر عن هيئة مكتب المجلس، او عبر مؤتمر صحافي، لاتخاذ الموقف بخصوص الاجراءات القسرية والمهينة التي تُمارس بحق النواب المنتخبين من الشعب ويمثلون الامة…

وتقول مصادر لموقع “لبنان الكبير”: “فليصدر بيطار مذكرات توقيف غيابية بحق النواب، فهذا لن يمنعهم من ممارسة مهامهم في مجلس النواب، وليقبض بيطار عليهم اذا تمكن”.

شارك المقال