العراق: لا صوت يعلو فوق صوت الانتخابات

علي البغدادي

على بعد أيام قليلة من يوم الفصل في الانتخابات المبكرة للبرلمان العراقي المقررة الأحد المقبل، تشهد أوساط الكابينات الانتخابية للمرشحين في اللوائح حراكاً وترقباً لما ستفضي إليه من نتائج قد تغير من شكل المشهد السياسي العراقي.

وبدأت الكتل السياسية العراقية مبكراً ترتيب أوراقها وتنظيم شكل تحالفاتها بهدف ضمان الخروج بما يحفظ لها امتيازاتها السياسية في ظل قانون انتخابي جديد قد يساهم في تقليص حضور قوى ذات التمثيل الشعبي الضعيف على حساب أخرى ذات الحضور الجماهيري الواسع.

واستندت الانتخابات البرلمانية العامة في الدورات السابقة، إلى قانون يعتمد دائرة انتخابية واحدة، بينما القانون الذي ستجرى بموجبه الانتخابات البرلمانية، سيعتمد على الدوائر المتوسطة أي تكون المحافظة من ثلاث دوائر أو أكثر، وبحسب “كوتا” للنساء في كل محافظة، فضلاً عن ان القوانين الانتخابية السابقة كانت تشجع الأحزاب والكتل السياسية على الانضواء تحت قائمة واحدة لكل محافظة لأسباب كثيرة منها ان أغلب القوائم الانتخابية تعتمد على رئيس القائمة أو من يدعمون القائمة من قادة أحزاب أو تيارات سياسية، أما القانون الحالي فيميل لصالح الترشح الفردي، والفائز في الدائرة الانتخابية هو الذي يحصل على أعلى الأصوات ومن ثم الفائز الثاني الذي يليه، وبغض النظر عن القائمة أو التكتل السياسي، فان رئيس القائمة إذا ما كان نافذاً في القوانين السابقة فإن الأصوات تذهب لرئيس القائمة فقط وتهدر الأصوات الفائضة ومن هنا تتحفظ هذه القوى على هذا القانون وتحاول جاهدة أن تتكيف معه.

ويعبّر حجم الحراك الدائر هذه الأيام بين الكتل والأحزاب السياسية عن حال الجغرافيا السياسية المكوناتية من خلال التمثيل السياسي المناطقي والطائفي والعرقي، حيث ستدخل اللوائح الشيعية في مناطق ذات الصبغة عينها وكذلك اللوائح السنية في المناطق ذات الغالبية السنية والحال هذه تنطبق على الاكراد أيضا.

وستحمل الخريطة الانتخابية الشيعية تحالفات وقوى وشخصيات عشائرية ومستقلة أبرزها دخول الكتلة الصدرية (المدعومة من زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر) باسمها في خطوة تمثل تراجعاً في توجهاتها وابتعاداً عما ظهرت عليه في انتخابات 2014 او انتخابات 2018 التي تشكلت فيها تحت تحالف ضم قوى مدنية وقومية كالحزب الشيوعي لكن لم يكتب لهذا التحالف الاستمرار اثر انسحاب أغلب هذه القوى، وبقى التيار الصدري فقط من خلال كتلة “سائرون” بواقع 54 نائباً في البرلمان.

وفي هذه الانتخابات، يأمل التيار الصدري الحصول على نسبة مريحة من مقاعد مجلس النواب، تمكّنه من الحصول على رئاسة مجلس الوزراء، وهو أمر لن يكون سهلا في ظل تنافس القوى الشيعية على مقاعد مجلس النواب في مناطق تمثيل المكون الشيعي، ورغبة أغلب القوى برئاسة الوزراء.

أما رئيس الوزراء السابق نوري المالكي فسيكون تكتله “دولة القانون” في قائمة منفردة لكن المعطيات تؤشر إلى تراجعه في الانتخابات المقبلة، ولاسيما ان القاعدة الشعبية والحزبية التي كان يستند اليها المالكي تشظّت إلى قوى عسكرية وحزبية وبالتالي ستؤثر في ما يحققه من نتائج.

ويحرص رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي على تحقيق نتائج ايجابية من خلال تحالفه مع تيار الحكمة (بزعامة السيد عمار الحكيم) بقائمة موحدة باسم “الدولة الوطنية”، وهو اسم يحمل دلالة على تميزه عن “قوى اللادولة”.

أما المرشح السابق لرئاسة الوزراء عدنان الزرفي رئيس حركة الوفاء فقد قرر المشاركة في الانتخابات المرتقبة بقائمة منفصلة في عدد من المحافظات منها بغداد والبصرة إضافة إلى ما يعده الزرفي ثقله السياسي والشعبي وهي محافظة النجف لكونه عمل لسنوات محافظاً لها ومن ثم نائباً عنها في الانتخابات الأخيرة.

وستدخل قوى تحالف الفتح بقائمة موحدة أبرزها تكتلات شبه عسكرية كعصائب اهل الحق (بزعامة قيس الخزعلي) وحزب الله وحركة سيد الشهداء ومنظمة بدر (بزعامة هادي العامري).

وكان لافتاً في هذه المرحلة المفصلية قرار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي عدم خوض الانتخابات على الرغم من أنه كان راغباً في الدخول بقائمة تضم مجموعة قوى سياسية أبرزها تكتل العبادي والزرفي من خلال تشكيلين سياسيين هما ما سمي بـ”تيار المرحلة” و”تيار الازدهار”، لكنه يبدو من خلال قرار الانسحاب فضل أن يناور لمرحلة ما بعد الانتخابات فيما قد يطرح كمرشح تسوية لرئاسة الوزراء لولاية ثانية، وهي مسألة غير معلومة في ظل رغبة أغلب القوى بالحصول على هذا الموقع لكن الكاظمي قد يعول على القبول الخارجي أو طرح نفسه مرشحاً مقبولاً من قوى مختلفة.

شارك المقال