طيف البيطار يغيب عن الجلسة… والانتخابات في 27 آذار

هيام طوق
هيام طوق

صحيح أن لبنان لم يعرف استقراراً حقيقياً منذ سنوات إذ كان أسير التوازنات الطائفية والتسويات، وكان يعمد مسؤولوه الى “تقطيع الوقت” لتمرير المسائل بأقل خسارة ممكنة الا انه لا يختلف اثنان على ان البلد حالياً على “كف عفريت”، لأنه يواجه تحديات كبيرة تعتبر الأخطر خصوصا على الصعيد الأمني، وما جرى من أحداث في منطقة الطيونة الاسبوع الماضي خير دليل على ان الانزلاق الأمني خلف الأبواب على الرغم من تأكيد كل الأطراف حرصهم على عدم السماح بجرّ البلاد الى ما لا تحمد عقباه.

ملفات وقضايا واقتراحات وأحداث تفرض حضورها على الساحة وتظهر الفجوة الكبيرة بين الاطراف والتباعد في المواقف والآراء، ولعلّ جلسة مجلس النواب، التي انعقدت أمس مع بدء الدورة العادية للمجلس والتي خصصت لانتخاب هيئة مكتب المجلس ثم تحولت إلى تشريعية وعلى جدول أعمالها بندان؛ الأول يتعلق بالانتخابات النيابية والثاني بالكوتا النسائية، خير دليل على الانقسام الحاد بين الكتل النيابية، اذ انه وبعد أن صَدّقت الجلسة تاريخ اجراء الانتخابات النيابية في 27 آذار المقبل، اعترض النائب جبران باسيل على تحديد الموعد في آذار بسبب الطقس وبسبب صوم المسيحيين، وقال: “سنطعن بتغيير موعد الانتخابات إلى 27 آذار”، فرد الرئيس نبيه بري “ما حدا يهددني… كل شي بسمح فيه إلا التهديد”. كما ارتفع منسوب التوتر بينهما حول موضوع “الميغاسنتر”، مما دفع الرئيس نجيب ميقاتي الى الدخول على الخط وكلف وزير الداخلية دراسة إمكان تطبيقه.

وعلى الرغم من انه كان متوقعاً أن تكون أجواء الجلسة متوترة لأنها ستشهد مداخلات للنواب من خارج جدول الاعمال، تتمحور حول أحداث الطيونة وكف يد القاضي البيطار، وانها ستكون “ولعانة” بين نواب كتلتي “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة” من جهة، وكتلة “الجمهورية القوية” من جهة ثانية، خصوصاً بعد أن هاجم الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله حزب “القوات” برئاسة سمير جعجع، واتهمه بالسعي لجرّ البلاد نحو حرب أهلية، وانه أكبر تهديد للمجتمع المسيحي وأمنه إلا ان الرئيس بري لم يفتح الباب لهذا السجال بين النواب.

الجلسة مرت بسلاسة عكس التوقعات، خصوصاً لناحية التصويت على تعديل المادة 122 من قانون الانتخابات وحصر اقتراع المغتربين بـ128 نائباً، وتعليق المادة المتعلقة بالبطاقة الممغنطة في قانون الانتخاب واسقاط صفة العجلة عن اقتراح قانون “الكوتا” النسائية اذ إن الرئيس نجيب ميقاتي اعتبر ان إقرار “الكوتا” النسائية يعقّد الأمور بالنسبة لقانون الانتخاب لذلك اقترح أن تقتصر “الكوتا” بالترشح أي عبر اللوائح.

وللاستيضاح عن أجواء الجلسة خصوصاً لناحية كيفية التعاطي بين نواب “التنمية والتحرير” و”الوفاء للمقاومة و”الجمهورية القوية”، وما اذا كان حصل تواصل بينهم، أكد النائبان محمد خواجة وعماد واكيم لـ”لبنان الكبير” أن الجلسة كانت هادئة ونوقشت البنود المطروحة من دون الخروج عنها، وانه جرت مصافحة بين نواب “التنمية والتحرير” و”الجمهورية القوية” لأن ذلك أمر طبيعي ولا يمكن تحويل المجلس الى حلبة مبارزة على الرغم من الخلاف في التوجه السياسي. وبعدما انتشر خبر في مواقع الكترونية مفاده ان هناك تنبيهاً على الثنائي الشيعي بعدم التعاطي مع نواب القوات الا ان خواجة نفى الخبر جملة وتفصيلاً، واعتبره نوعاً من السذاجة.

وأشار واكيم الى “اننا تواصلنا وتحدثنا مع نواب التنمية والتحرير لكن لم نتواصل مع نواب الحزب لأن مقاعدهم في الاونيسكو بعيدة عنا. نحن ليس لدينا مشكلة في المصافحة على الرغم من خلافنا السياسي، مشدداً على اننا بتهدئة دائمة ولا نريد افتعال المشاكل ولم نفتعلها الخميس الماضي، والتحقيقات تظهر ذلك، لكن في الوقت عينه لا نخاف أي طرف. نحن لا نجر البلد الى حرب أهلية بل طرحنا هو قيام الجمهورية التي لها مقومات. ونتمنى على من يختلف معنا بالسياسة أن يقارعنا بالسياسة وليس برمي التهم الباطلة”.

أما خواجة الذي أكد ان “الرئيس بري لا يمكن أن يفتح مجالا للنقاش في الجلسة لنقل أجواء توتر الشارع الى المجلس، اعتبر انه ليس من المفروض أن يكون هناك تصعيد لكن هناك جريمة وقعت الخميس وكل من ارتكبها يجب توقيفه ومحاكمته. لن ننجر الى الفتنة ولن نسمح لأي طرف بإشعالها. ممنوع الفتنة والحرب الاهلية لأنه يكفي اللبنانيين ما يعانونه في حياتهم اليومية”.

ولفت الى ان “أحداث الخميس أتت نتيجة مسار، ولدينا رفض كلي لمنهجية وأداء البيطار الذي نطالب بتنحيته. التحقيق مسيس واستنسابي وانتقائي. وأكثر من ذلك، أداء البيطار بعد الخميس، هز الاستقرار العام والسلم الاهلي. وبالتالي، لا مشاركة في الحكومة قبل ايجاد حل لموضوع البيطار ثم نبني على الشيء مقتضاه بحسب اتجاه الامور، مشدداً على اننا لن نكون الا ضمانة للاستقرار وكل اللبنانيين متمسكون بوحدتهم الوطنية وبالاستقرار”.

قضائياً، تشير المعلومات الى ان مجلس القضاء الأعلى عقد اجتماعاً أمس وانه سيجتمع غداً الخميس للاستماع إلى المحقق العدلي في انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار، وسماع رأيه في الملاحظات حول إدارة التحقيق من جانبه إلا ان البيطار أكد انه لم يتبلغ بعد الدعوة لحضور جلسة مجلس القضاء الأعلى الخميس.

وهنا تكمن المعضلة القانونية والسياسية اذ انه وفق خبراء دستوريين لـ”لبنان الكبير”، يعود تغيير قاض الى محاكم الاستئناف المدنية ومحاكم التمييز المدنية، والتي ردت جميع الطلبات التي تقدم بها وكلاء المتهمين. كما ان مجلس الوزراء ومجلس القضاء الاعلى ليس من صلاحيتهما تغيير القاضي البيطار في حين ان الحزب والحركة باتا، بعد أحداث الطيونة، أكثر إصراراً على موقفهما لجهة كف يد البيطار، وانهما لن يشاركا بأي جلسة لمجلس الوزراء قبل تغييره، وبالتالي، فإن الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات وصولا الى المقاطعة أو الاستقالة من الحكومة، وذلك يتحدد على وقع تطور الامور انما لا شيء محسوماً حتى الساعة وفق مصدر مطلع لـ”لبنان الكبير”.

وفي هذا الاطار، نفذ أهالي ضحايا ​انفجار المرفأ​، اعتصاماً أمام ​قصر العدل​ دعماً للقاضي البيطار​، بدعوة من الجبهة اللبنانية المعارضة، وذلك تزامناً مع انعقاد ​المجلس الأعلى للقضاء​.

شارك المقال