البيطار “فاتح العدلية على حسابه” بحماية عبود

رواند بو ضرغم

مهزلة المحقق العدلي طارق بيطار تستمر فصولاً، وهو لا ينكفئ عن اعطاء المدعى عليهم إثباتات لتسييسه الملف واستنسابيته في تحديد الجلسات وإمعانه في خرق الدستور. فبعدما تغاضى عن المادة أربعين من الدستور التي تمنع ملاحقة النواب خلال العقد العادي، وحدد موعدا لاستجواب كل من النائب غازي زعيتر ونهاد المشنوق، مستندا إلى النظام الداخلي للمجلس النيابي الذي يُعد أقل رتبة من دستور البلاد.

ولا يكتفي بخرق الدستور وحسب، لا بل انه “فاتح العدلية على حسابه” حيث علم موقع “لبنان الكبير” أنه غاب عن مكتبه يومي الخميس والجمعة وسيستمر أيام السبت والأحد والاثنين والثلثاء والاربعاء غائباً عن العدلية ليعود الخميس الى مكتبه، تاريخ موعد جلسة رئيس الحكومة السابق حسان دياب. وهو يبرر غيابه بأن لا عمل لديه في هذا الاسبوع، مع العلم بأن جريمة كهذه وُصفت بجريمة العصر يحتّم على مطلق محقق عدلي أن ينكب على الملف للتحقيق في جوانبه كافة. ويسأل المراقبون هنا: لماذا لم يعاود البيطار تحديد موعد جلسات مخصصة لضباط الجيش ممن طارت جلساتهم نتيجة كف يد القاضي البيطار للبت بطلبات الرد؟ ومن المفيد العودة هنا الى اسبوعين ماضيين، حيث كان البيطار قد حدد جلسات للضباط عويدات وغرز الدين وكميل ضاهر، وفي اليوم التالي كان موعد استجواب العماد السابق جان قهوجي، فكفت يده الى حين البت بطلبات الرد حينها، وعاد بعدها الى مزاولة عمله فحدد جلسات للنائبين زعيتر والمشنوق، وبقيت جلسة الرئيس دياب في موعدها، ولم يحدد جلسات جديدة لضباط المؤسسة العسكرية.. وهذا ما زاد الارتياب ارتيابا، وغرس في الشك يقينا بأن البيطار يعقد التسويات والاتفاقات ويرسم سيناريو للاقتصاص فقط من السياسيين… فلماذا لم يستكمل بيطار التحقيق مع الجيش؟ وهل صحيح ما يتداوله بعض محامي الادعاء بأن هناك اتفاقاً من تحت الطاولة بين القيادة الحالية للمؤسسة العسكرية أي العماد جوزيف عون والقيادة السابقة أي العماد جان قهوجي مفادها بأن يتم استبعاد استدعاء القيادة الحالية بمن فيهم العميد طوني منصور مدير المخابرات السابق والمدير الحالي طوني قهوجي؟!

وفي المعلومات المتداولة بين فريق الادعاء ان ضابطا متقاعدا في الجيش اللبناني كان مسؤولاً عن فرع التحقيق يقوم بالتنسيق مع البيطار، مكلفاً من قائد الجيش الحالي. وهناك جهة تمدّ القاضي بيطار بالاحداثيات للتحرك قضائياً. فماذا سيفعل في هذه الحالة المدعى عليهم أي زعيتر والمشنوق ودياب؟ هل سيواصلون تقديم دعاوى رد او ارتياب؟ وخصوصا أن المعلومات تشير الى أن دياب عبر وكيله القانوني النقيب السابق رشيد درياس يميل الى تقديم دعوى مخاصمة الدولة بسبب الأخطاء الجسيمة التي تُرتكب بحق الدستور والمؤسسة القضائية.

هل تُثمر هذه الخطوة باتخاذ الهيئة العامة لمحكمة التمييز قراراً بوقف النظر في ملف انفجار مرفأ بيروت بناء على طلب دياب؟ علما ان الاجتماعات المتواصلة حول موضوع انفجار المرفأ التي تعقد في مجلس القضاء الاعلى لم تتوصل حتى تاريخه الى نتيجة، وذلك بسبب اصرار وإمعان الرئيس سهيل عبود في حماية البيطار، على الرغم من التساؤلات المشروعة التي يطرحها اعضاء المجلس كافة حول طريقة سيره بهذا الملف.

وفي مستجدات الرأي العام وأهالي الضحايا، فهل يمكن الا يؤثر انسحاب خمس عشرة عائلة من المدعين، جميعهم من الطائفة الشيعية، على اثر احداث الطيونة، والطلب الى وزير العدل هنري خوري تعيين محقق عدلي بديل عن البيطار لعدم ثقتهم به، وذلك بالتوافق بين وزير العدل وهيئة مجلس القضاء الاعلى؟ وهل اصبح الضحايا هم فقط من الطائفة المسيحية لكي يحمي الرئيس عبود البيطار نزولا عند رغبتهم من دون الأخذ بالاعتبار ارتياب أهالي الضحايا المسلمين؟!

كلها أسئلة مشروعة وتؤدي حتما نحو الارتياب بالمحقق العدلي، والارتياب الأكبر تمثل في دعم رئيس حزب القوات سمير جعجع للبيطار، في حين وصل “الموسى لذقنه”. واعتبر جعجع ان القاضي فادي عقيقي هو مفوض “حزب الله” في المحكمة العسكرية، وأن مثوله أمامه مشروط بمثول السيد حسن نصرالله. وهذا التصريح من جعجع ينسف كل نظرياته بالدفاع عن البيطار والقضاء..

فالقاضي الذي يضرب الخصوم يُصفّق له جعجع ويدعمه، أما القاضي الذي يصوب عليه فيصبح مفوضاً لـ “حزب الله”.. فكيف لـ “حزب الله” أن يعتبر بيطار المدعوم من القوات قاضياً منزلاً ولا يقترف الأخطاء؟!

شارك المقال