“المثالثة” الموصوفة

فؤاد حطيط
فؤاد حطيط

كثيرة هي الرسائل التي وجّهها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في طلّته الإعلامية لقراءة تداعيات “الخميس الأسود” لأحداث الطيونة على التماس بين الشياح وعين الرمانة، والتي رأى فيها كثيرون كسراً “قواتياً” (مسيحياً) لـ 7 أيار شيعي جديد.

حمل كلام نصرالله تعداداً لأمور كثيرة خصوصاً في مجال “تربيح الجميل” للمسيحيين بالمرات التي كانت فيها “يد الشيعة” طايلة لكنها لم تستفد من الوضع.

وما إن نطق برقم المئة ألف، تعداداً فقط للعناصر المقاتلة لدى “حزب الله”، حتى انشغل الجميع بالتعليق والتحليل عن دلالة هذا العدد وكم يمثل من نسبة مئوية من مجموع الشيعة المنقسمين بين “ثنائي” غير متكافئ القطبين وبين “فرافيط” لا يحبون حضن البيئة.

لكن رسالة منذرة مررها نصرالله بنعومة، وفي مجال “تربيح الجميل”، لم تلق أدنى اهتمام. رسالة واضحة عن مدى مرارة خيبة نصرالله من انعدام حليف مسيحي يحمي “الظهر الشيعي” عند أول كوع في عين الرمانة، وهو الذي لم يبخل بـ”كعك العباس” على الجنرال العوني فأوصله الى “القصر المشتهى” وحماه مرات كثيرة من شر أعماله وشهوته للسلطة هو وصهره ولي عهده.

وقال السيد: “لا حزب الله ولا حركة أمل ولا أي شيعي طرح مسألة المثالثة، والتي كانت من طرح الفرنسيين على الايرانيين ونحن لم نقبل بها عندما تم عرضها علينا، ولم نتكلم بها”.

وعلى غرار المئة ألف مقاتل الذين لم نستخدمهم بعد، فلا تجبروننا وتختبروننا، جاء كلام السيد عن المثالثة في السياق عينه: تهديد واضح.

“المثالثة” أشبه بـ”الضمير الغائب” الأكثر حضوراً في خلفية المشهد اللبناني، والذي يتبدّى خطره في ذلك التمسّك المفتعل بـ”المناصفة” بين المسيحيين والمسلمين.

“الطائف” عالج مكامن خلل في السلطة ضمن المناصفة، في حين أن “المثالثة” ستمس أسس كيان “لبنان الكبير”.

المرة الأولى التي ورد فيها ذكر المثالثة كانت خلال زيارة موفد وزير الخارجية الفرنسية جان كلود كوسران عام 2007 إلى طهران، كتعويض سياسي لـ”حزب الله” مقابل تسليم سلاحه.

للحقيقة لم يُضبط أي مسؤول شيعي متلبساً بكلام عن المثالثة، لكن كانت هناك شهية شيعية واضحة تجاه “المؤتمر التأسيسي” إظهاراً للاستياء من “حصة بالسلطة” لا تتناسب مع “حجم القوة”.

وتراجع “المؤتمر التأسيسي” عن الخطاب المعلن، الى أن “نكز” المفتي الجعفري الممتاز أحمد قبلان الأجواء في خطبة عيد الفطر، في أيار 2020، بدعوته بكل صراحة إلى إسقاط صيغة “الميثاق الوطني” التي وضعها الرئيس الماروني بشارة الخوري ورئيس الحكومة السني رياض الصلح.

غير ان “حزب الله” كان راضياً عن المسار السياسي بعدما وظّف كل رصيد “المقاومة” في الدولة ومؤسساتها برعاية رئيس “جمهورية تفاهم مار مخايل” مما مكّنه من الطمع بالأحادية، وصارت المثالثة أقل مما لديه.

واذا كان البلد يفتقد تاريخياً الى التعداد والاحصاء السكاني، فإن نصرالله بتركيزه على العدد هذه المرة، عبّر عن مدى ضيقه من “كمين الطيونة”، كأنما كان يهدد بـ”الموجات البشرية” التي استخدمتها ايران ضد العراق في الحرب بينهما.

شارك المقال