تصريحات قرداحي تضعضع الدعم الاقليمي لرئاسة فرنجية!!

محمد الساعد (كاتب سعودي)

في أواخر العام 2015 رشّح الرئيس سعد الحريري النائب والوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية، وكان هذا الترشيح يحظى بغطاء إقليمي معقول وبغطاء دولي ممتاز، وأتذكر أن فرنجية حين ظهر في مقابلة تلفزيونية، قال انه يعتز بشخصية الملك فيصل بن عبد العزيز رحمه الله، ويعلّق صورته في مكتبه.

الطعنة التي عطّلت وصول فرنجية إلى رئاسة الجمهورية لم تكن من المملكة العربية السعودية ودول الاعتدال، بل جاءت من المحور الذي ينتمي إليه فرنجية، محور الممانعة الإيراني، إذ صمّم رئيس الميليشيا المتأيرنة، حسن نصرالله، على ترشيح ميشال عون لرئاسة الجمهورية اللبنانية.

كان من المتوقع أن تكون هذه القصة نقطة تحول في مسيرة فرنجية السياسية، حين رشّحه خصومه ورفضه حلفاؤه، لكن للأمانة سمعة فرنجية كرجل يحترم تعهداته ومواقفه لا غبار عليها ولو كانت على حسابه.

مرت سنوات وقام سليمان فرنجية بترشيح جورج قرداحي لوزارة الاعلام في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، أعتقد أن القرداحي فاجأ فرنجية قبل غيره بتصريحاته المسيئة للمملكة والامارات وكل دول التحالف والشرعية اليمنية، لكن المفاجىء اكثر هو رد فعل فرنجية نفسه، الذي غرد قائلاً: “‏لكلّ رأيه السياسي وهذا بلد التنوّع والحرية. أما المحاسبة فتكون حين يتولّى الانسان مسؤولية وهذا ما حدث مع الوزير جورج قرداحي الذي عبّر عن رأيه وعن قراءته للأحداث حين كان خارج المسؤولية والتزم لغة الدولة رسمياً حين تولّى المسؤولية مع احترام كافة الدول العربية وبخاصة السعودية والامارات”.

اقول ان تعليق فرنجية مفاجئ لأنه لم يحترم احترام خصومه له، بل قدّر اهمال حلفائه، وفرنجية بالذات يجب ان يكون أعلم الناس باخلاقيات المملكة النبيلة، اذ ربطت الصداقة الوطيدة بين والده طوني فرنجية وجده الرئيس سليمان فرنجية وبين حكّام المملكة، كما اوردت ذلك عمته صونيا فرنجية في كتابها “وطني دائماً على حق”.

لقد تم ترشيح فرنجية عام 2015 ظناً في قدرته على التزام الحياد والنأي ببلاده عن تجاذبات الإقليم، بما يحقق الارباح والمكاسب للبنان ولا أحد سواه.

حين هاجم جورج قرداحي المملكة رغم افضالها عليه عبّر عن معدنه، اخذ فرنجية ينافح عن وزيره كما يشاء، لكن يغلب الظن بأن تسويق رئاسة فرنجية اقليمياً بعد عهد ميشال عون ستكون دونه صعوبات جمة، فالقرداحي لم يهاجم المملكة وحدها بل هاجم الشرعية اليمنية وكل دول عاصفة الحزم التي تضم 15 دولة عربية وغير عربية، تنفيذا للقرار الدولي رقم 2216، وهاجم كذلك السعوديين الذين يتعرضون لقصف الصواريخ الباليستية بشكل دوري من الميليشيا الحوثية، في مدنهم وشوارعهم، فضلاً عن الشهداء من كل دول التحالف الذين قضوا دفاعاً عن اليمن وعن العروبة.

السؤال الآن، مع أي فرنجية يتعامل اللبنانيون والمجتمع الدولي، هل هو المرشح الذي ظهر بخطاب متزن ومعتدل ومسؤول أواخر العام 2015، أم هو فرنجية الممانع الذي قال أوائل العام 2015 وفق حسابه على تويتر: 

 ⁃ انا مع السيد نصرالله حتى النهاية في موقفه من حرب السعودية على اليمن.

لماذا لا يقال بأن الحوثيين كانوا مغبونين ويطالبون بحقوق وعدوا بها ولم تنفذ.

عاصفة الحزم وصلت الى طريق مسدود فالحرب البرية هي المقياس، والسعودي لا يستطيع خوض مثل هذه الحرب. (انتهى التصريح).

بلا شك ان تصريحات جورج قرداحي ليست الحدث، بل الحدث هو توزير فرنجية لقرداحي ومعنى ذلك، وأيضاً معنى دفاع فرنجية عن تصريحات قرداحي، فاذا كان فرنجية نسخة سياسية مجملة من ميشال عون فلبنان سيظل غارقاً في أزماته وتدهور أوضاعه بسبب خيارات إيران ومن والاها، ولا ننسى أن أهم معاوني فرنجية، يوسف فينيانوس، من المتهمين في ملف تفجير المرفأ، وعليه عقوبات اميركية بسبب الفساد وتمويل الميليشيا المسمّاة “حزب الله”.

شارك المقال