الحلّ مع الخليج… داخل مفقود وخارج غير مولود

هيام طوق
هيام طوق

الحلحلة من الداخل مفقودة ومن الخارج غير مولودة، هكذا يمكن وصف الوضع القائم، خصوصاً بعد المأزق الذي وقع به لبنان إثر المواقف المنحازة التي أدلى بها وزير الإعلام جورج قرداحي، وما نتج عنها من تصعيد خليجي وسعودي بشكل خاص.

وعلى قاعدة “الإفلاس في الحلول” أو “التطنيش عن الأمور”، ينتظر الجميع عودة الرئيس نجيب ميقاتي لمعرفة إن كان يحمل في جيبه مفاتيح باب ما أو خريطة طريق، يمكن الانطلاق منها لفك العقد الواحدة تلو الأخرى، إلا أنّ طريق العودة لا تبدو ميسّرة، بل محفوفة بالكثير من المطبّات، ليس أوّلها الاختلاف على استقالة قرداحي وتلويح “حزب الله” في حال حصل ذلك، باستقالة الوزراء الشيعة من الحكومة خصوصاً أنّ المعلومات الصحافية تتحدّث عن مسعى لعقد جلسة لمجلس الوزراء، يصدر عنها اعتذار رسمي للسعودية والإمارات.

وفي حال لم تتّخذ الخطوة الأولى المتمثلة بالاعتذار كبادرة حُسن نية للانطلاق إلى تصحيح مسار سياسي أساء إلى المملكة العربية السعودية ودول الخليج على مدى سنوات، فسيكون الرئيس ميقاتي مطالباً بالاستقالة من جانب رؤساء الحكومة السابقين، الذين رشّحوه لرئاسة الحكومة، واستعدادهم لسحب الثقة منه.

إلا أنّ نائب رئيس “تيار المستقبل” مصطفى علوش، أكد لـ”لبنان الكبير” أنه “ليست لديه أي معلومات أو معطيات عن سحب ثقة من رئيس الحكومة، والكلام يبقى نظرياً، إلا إذا حصل اجتماع سياسي ديني موسّع، وطالب الحكومة بالاستقالة”. واعتبر أنّ “القيام بخطوات مثل استقالة وزير أو الاعتذار غير كافية، وفق المواقف السعودية لأنّ جوهر القضية هو (حزب الله) وتصرفاته ومواقفه. والسؤال الذي يُطرح: هل ستتمكن الحكومة من ضبط تصرّفات الحزب تجاه الدول الخليجية؟ لا أعتقد. وطالما هذا الأمر غير وارد، فذلك يعني أنّ الأفق مسدود، لأنه حتى لو تمكنّا في المرحلة الحالية من تخفيف حدّة الأزمة، إلا أنّ ذلك سيكون موقتاً”.

ووسط كل ما يجري من انسداد للأفق، يدور في بال اللبنانيين ألف سؤال وسؤال حول كيفية إيجاد حل للأزمة بين لبنان ودول الخليج، وهل يحمل الرئيس ميقاتي تطمينات من مسؤولين دوليين وعرب، خصوصاً من الفرنسيين والأميركيين الذين دخلوا بقوة على خط الوساطة مع السعودية لوضع القضية على سكة الحلّ؟ وهل سيدعو إلى جلسة لمجلس الوزراء بعد عودته يشارك فيها الثنائي الشيعي ويتم اتخاذ مواقف وإجراءات تطمئن الدول العربية؟ وفي حال اتّجهت الأمور نحو التصعيد، هل يقدّم الرئيس ميقاتي استقالته؟

أسئلة أجاب عنها النائب علي درويش، الذي شدّد لـ”لبنان الكبير” على أنّ “أول خطوة بعد عودة الرئيس ميقاتي ستكون التواصل مع رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي لوضعهما في نتائج مباحثاته مع المسؤولين الدوليين والعرب، ثم ستكون هناك خطوة معينة قد تكون عقد جلسة لمجلس الوزراء”.

وعما إذا كانت الإجراءات التي ستقوم بها الحكومة تتمحور حول موضوع استقالة قرداحي والاعتذار الرسمي، قال: “هذه الأمور عند رئيس الحكومة والوزراء والوزير قرداحي، لكن يتم التباحث حالياً بإجراءات للملمة الأمور لأنّ التقارب العربي – العربي هو أحد عوامل القوة للعرب. وعلى الجميع تلطيف الأجواء، لأنه في حال استمرينا في الكباش، فسيزداد التمزّق في البلد أكثر فأكثر”. وتابع: “عملية رأب الصدع ليست حاجة لبنانية فقط، إذ أنه لمصلحة العرب جميعاً ومصلحة لبنان تخفيض منسوب التوترات بين البلدان العربية. ولبنان محب للبلدان العربية، وهناك روابط أخوة وروابط اقتصادية وجالية لبنانية كبيرة في دول الخليج. ولبنان يكنّ كل الاحترام لهذه الدول. وفي حال اتّخذت الأمور منحى تصاعدياً، فالكل سيكون خاسراً”.

وشدّد درويش على أنّ “الأزمة تُحل مع السعودية بالحوار، وستكون هناك مباحثات وتشاور بين الرؤساء الثلاثة لتخفيض منسوب التوتر، ووضع الأمور على السكة الصحيحة. وبالتالي، لن تكون هناك حلول سريعة وجاهزة، إنما ستتخذ بعض الإجراءات على طريق الحل، وستبصر النور خلال اليومين المقبلين”، مشيراً إلى أنّ “لا استقالة للرئيس ميقاتي إلا في حال ذهبت الأمور نحو صدام أكبر”.

ولفت درويش إلى أنّ “الرئيس ميقاتي لمس من الجانبين الفرنسي والأميركي استعدادهما للتواصل مع دول الخليج لوضع الأمور ضمن نطاق الإصلاح والتسوية، وزيارة وزير خارجية قطر إلى لبنان ليست سوى جزء من الإشارات الإيجابية التي تدل على أنّ الجميع يريدون وضع الأزمة على سكة الحل والوصول إلى خواتيم إيجابية، لأنّ لا مصلحة لأحد بالتصعيد، خصوصاً في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ المنطقة”.

وفي حين تنتظر المساعي والوساطات الدولية كيفية مقاربة الدولة اللبنانية للقضية واتخاذ إجراءات تُظهر بوادر حُسن نية في ظلّ الحديث عن معارضة “الثنائي الشيعي” لاجتماع الحكومة بكامل أعضائها وتقديم اعتذار للسعودية، وأن يكون هناك تخريجة مختلفة للأمر، أشارت مصادر مطلعة لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “الثنائي” بانتظار بدء جهود الرئيس ميقاتي من أجل طرح سؤالين: هل بدأ عصر البطاقة الحمراء الموضوعة خارج الحدود السيادية للوطن؟ وهل يُمكن أن تمتلك دول طرفي النزاع الإقليمي نسخة من هذه البطاقة؟”.

ولفتت المصادر إلى أنّ “أزمة العلاقة مع بعض دول الخليج ليست مستجدّة وليست لها أي علاقة بتصريحات الوزير قرداحي، الذي عبّر أكثر من مرة قبل جلوسه على طاولة مجلس الوزراء عن رأيه، لا بل هو معروف في الوسط الإعلامي والسياسي بدعمه الدائم للشعوب المظلومة، والتي تعاني بسبب حروب تُكلّف الجميع أثماناً باهظة، أهمها الخسائر البشرية لشعوب أصبحت متعطّشة للأمن والأمان والسلم والسلام”.

شارك المقال