إسرائيل عدوّة المناخ أيضاً

زاهر أبو حمدة

من المضحك أن يتظاهر 200 من الرجال والنساء العراة عند شواطئ البحر الميت، بهدف “زيادة الوعي بحالة الطوارئ المناخية”، كما قال المنظّمون. لكن الحقيقة أنّ إسرائيل تستغلّ قضيّة التغيّرات المناخية وقمّة الأمم المتحدة في غلاسكو لتروّج للسياحة. حصل هذا أواخر الشهر الماضي، اعتماداً على المصوّر الأميركي سبنسر تونيك، حيث التقط الصور للعراة المصبوغين بالطين الأبيض المستخرج من البحر الميت، ضمن مشروع فنيّ جديد بعد تجربتين سابقتين قادتهما شركة المصوّر، ساهمتا في الجذب السياحيّ في إسرائيل، وفق ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية. وهي محاولة ليست جديدة لتسويق فكرة أنّ “الدولة المتقدّمة” تحافظ على البيئة بناء على الاتفاقية الأممية للمناخ الصادرة عام 1996.

ليس غريباً على دولة الاحتلال طريقة الاستغلال وتزامن الأحداث وعكسها لمصلحتها. لكنّ تقرير “مراقب الدولة” الإسرائيلي ماتنياهو إنغلمان، يفضح زيف ادعاءات حكومات الاحتلال المتعاقبة، إذ يقول في تقريره الأخير إنّ دولته لم تتّخذ إجراءات على مدار العقد الماضي للإعداد لأزمة المناخ. ويشير التقرير إلى ارتفاع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في إسرائيل، وسط تكتّم شديد على الأرقام، وأنه تسبّب بخسارة الاقتصاد ما يقدّر بـ 217 مليار شيكل (67.7 مليار دولار)، وأنّ هدف الدولة المتمثّل في الحصول على 30% من الطاقة المتجدّدة بحلول عام 2030 هو الأدنى في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. والأهم أنّ الحكومات لم تلتزم بنصوص اتفاقية الأمم المتحدة ولم تتّخذ الخطوات اللازمة لتنفيذها.

وهذا أمر طبيعي لدولة غير طبيعية، وهي ضدّ الطبيعة أصلاً. فالمستعمرات الإسرائيلية والمحاجر ومكبات النفايات، سواء الكيميائية أو الالكترونية والصلبة وغيرها، هي أهم الملوّثات للبيئة في فلسطين. ومع التغيّر في المناخ، فإنّ النتائج السلبية تكون أكثر من مضاعفة. هذا غير سرقة المياه، إذ يسطر الاحتلال على 90% من المياه الجوفية والسطحية في الضفة الغربية، إضافة إلى تدمير جبال بأكملها بشكل ممنهج لبناء المستوطنات والمواقع العسكرية. وحين يتحدّث المسؤولون الإسرائيليون عن حمايتهم للبيئة، لا يذكرون أنّ بلدياتهم وأجهزتهم الأمنية ومستوطنوهم اقتلعوا منذ عام 1967 نحو 2.5 مليونَيْ شجرة، منها نحو 800 ألف شجرة زيتون. وتركز في ذلك على مناطق سكن الفلسطينيين في محاولة لتصحير الأرض وانقراض أنواع كثيرة من الحيوانات والطيور، وإفقار المزارعين، ما يدفعهم لترك أرضهم بحثاً عن الماء ومصدر رزق آخر غير الزراعة. بالتالي، تستغلّ إسرائيل الطبيعة ضدّ أهل الأرض لطردهم.

يقول نفتالي بينت، إنّ حكومته ستحارب الغازات الدفيئة. في المقابل، يطلق جيشه الغازات السامة على الفلسطينيين. فالاحتلال يقتل الفلسطيني بالتلوّث الهوائي والمائي وليس فقط بالرصاص والغارات والاعتقالات. فالفلسطيني الآن أمام نكبة بيئية حقيقية، فيكفي معرفة أنّ مياه غزّة كلّها ملوّثة، لنكتشف حجم المصيبة. فأهل غزة لا يمكنهم شرب مياه الشفة صافية، بل مليئة بالميكروبات والجراثيم، ما تنتج عنه أمراض عضال تصيب أهل القطاع المحاصر. يضاف إلى ذلك كلّه، أنّ الاحتلال النووي ضد الإنسان والحيوان، يعادي الطبيعة والأرض، ربما لتحقيق كذبتهم منذ وعد بلفور وهي أنّ هذه “فلسطين أرض بلا شعب وأنهم شعب بلا أرض”؛ لكنّ الحقيقة أنّ الطبيعة ستقاوم أيضاً لتستمر.

شارك المقال