انتخابات زحلة: غربلة أسماء ومعركة فوق “صفيح” التحالفات

ديالا احمد
ديالا احمد

قتامة المشهد السياسي العام و”انغماس اللبنانيين” في المستجدات الأخيرة للقرار الخليجي بعزل “لبنان الإيراني”، وانعكاسه جواً انقسامياً بمحاولة من بعض القوى لإعادة الاصطفاف الذي كان سائداً بين معسكرين، معسكر “حزب الله” وحلفائه من قوى ما كان يسمى ٨8 آذار، ومعسكر “القوات اللبنانية” وبعض حلفاء قوى 14 آذار سابقاَ. وبينهما تيار المستقبل الذي يواجه اعتى هجمة على وجوده السياسي في لبنان.

والى حين ان تتبلور الصورة، تتصاعد وتيرة الضجيج السياسي متناغماً مع حراك انتخابي محوري في دائرة زحلة والبقاع الأوسط، لتحديد الأسماء والتحالفات ليكون التنافس على أشده وقد يصل الى ست لوائح على سبعة مقاعد، إثنان للكاثوليك ومقعد واحد لكل من السنة والشيعة والأرمن والارثوذكس والموارنة.

وعلى أنغام الحراك الانتخابي يتراقص المرشحون فوق صفيح التحالفات، فيُسمع من طواحين الصالونات والمقاهي والمطاعم الزحلاوية ضجيج لرسم الأشكال والمقاييس الأولية للصورة العامة، بهدف انتاج طحين لا يبقي عاصمة “الكثلكة” خارج المعادلة، حتى لا تتكرر النتائج التي حصلت في دورة 2018 بفعل تحالفات الأحزاب وإحجام البيوتات السياسية فيها عن اي تحالف يضمن فوز مرشحيها بالمعركة.

لذا يحمّل الزحلاويون مسؤولية النتائج وعدم تمثيل مدينتهم بمقعد كاثوليكي واحد من اثنين، للأحزاب المسيحية التي تحالفت أيضاً في انتخابات المجلس البلدي عام 2016 بوجه لوائح العائلات، فشغل المقعدين الكاثوليكيين نائبان من خارج المدينة، ميشال ضاهر مستقل من بلدة الفرزل، وجورج عقيص حزب القوات من أبلح، فيما العرف السائد مقعد يمثل الكاثوليك خارج زحلة، وآخر عن المدينة، كان يتطاحن عليه سابقاً النائب الراحل ايلي سكاف والنائب السابق نقولا فتوش، فأتت الانتخابات الاخيرة بنتائج غير مرضية لأهل المدينة، مما اعتبره البعض “حرمانها عن قصد بهدف مصادرة قرارها وصوتها في محافل الحوار الوطني لما لها من خصوصية وحيثية جغرافية وقربها من العاصمة السورية دمشق، ودينية باعتبارها المدينة المسيحية الوحيدة في الشرق”.

ففي هذا الصراع يعوّل كل من مرشحي العائلات سكاف وفتوش على تحالف أي منهما مع من لديه فائض أصوات من هذه القوى لتؤمن حاصله الانتخابي يضمن وصوله بمعزل عن الاحزاب المسيحية خاصة “القوات والتيار الوطني الحر”، من هذا المدخل يتم طرق الأبواب والاتصال. وبهذا الصدد، تقول مصادر مقربة من رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف، إنه في حال لم تصل الى تحالف مع تيار المستقبل هي مستمرة بتشكيل لائحة مكتملة بالتحالف مع شخصيات مستقلة ترتكز الى قدرتها التجييرية لتؤمن حاصلاً انتخابياً.

فيما عائلة النائب السابق نقولا فتوش لم تحسم الجدل والخلاف العائلي بعد قرارها بترشيح ايلي بيار فتوش، او ان تعاود لترشح نقولا على الرغم من ان الأخير وضعه الصحي لا يساعده في متابعة الشؤون الخدماتية َوالتواصل مع الناس. وتشير المصادر إلى أن “حزب الله” تواصل مع فتوش ليعقد معه تحالفا مرضيا يعوضه خسارته في الدورة السابقة، بعدما نكث الحزب بوعده ولم يرفده بـ5 آلاف صوت شيعي ليتسنى له الفوز. ولفتت المصادر نفسها إلى أن اتصال الحزب بفتوش ما هو الا رفع عتب، لأن لا امكان للتوافق على ترشيح اي من آل فتوش في هذه المرحلة، ولأن لدى الحزب خياراً آخر هو التحالف مع التيار الوطني الحر وفق شروط من الجانبين، ترشيح مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي.

وفي الاطار عينه، تشير أوساط النائب ميشال ضاهر إلى أنه بدأ مروحة الاتصالات لتشكيل لائحة من المستقلين ومرشحين لهم حيثيتهم، وأضاف المصدر أن بين ضاهر و”الأزرق” قنوات اتصال وتواصل، “بانتظار ما سيقرره الرئيس سعد الحريري بخصوص التحالفات التي تأتي بناء لشرح الحيثيات من قبل قيادة المنطقة”.

وبخصوص تيار المستقبل لا تخفي اوساطه أنه حتى الساعة يحبّذ الاستمرار بترشيح النائب عاصم عراجي، الا انه على الرغم من انتقادات البعض له لم تشجع على طرح البديل، على اعتبار أن البديل غائب ويحتاج إلى تحضير نفسه، وحسب أحد قياديي “الازرق”، أن أيا من الطامحين والمنتقدين منذ الدورة السابقة حتى اليوم، وعلى الرغم مما طرأ من أزمات لم يتواصل مع الناس ليقف عند حاجاتهم في ظل توالي الكوارث، ليقتصر النشاط المكوكي والحركي على خدمات منسق التيار في البقاع الاوسط ورئيس بلدية مجدل عنجر سعيد ياسين. وعلى هذا الأساس، دارت نقاشات في صالونات مستقبليين عن الأسماء الممكن طرحها لخوض المعركة عن المقعد السني حيث يجري الحديث عن امكان ترشيح الدكتور بلال الحشيمي صاحب مجمع تعليمي، وقيادي مستقبلي حالي وناشط. كما يجري التداول باسم الطبيب سليمان معدراني وهو محازب للمستقبل. وقال قيادي في التيار إن المعركة لا تقتصر على المقعد السني، انما يجري الحديث عن تبني مرشح عن المقعد الماروني، بمواجهة مرشح الوطني الحر، وتبني اسم عن المقعد الشيعي بمواجهة مرشح “حزب الله”، فعن الماروني يتم الحديث عن رجل الاعمال سمير صادر والدكتور يوسف ساسين والنائب السابق ايلي ماروني، والذي سرت شائعة انه زار معراب في اليومين الاخيرين، الا انه نفى نفياً قاطعاً ذلك واعتبره كلاماً بهدف الاصطياد الانتخابي بحقه. وعن المقعد الشيعي ما زالت دائرة الترشيحات تتسع شيئاً فشيئاً انطلاقاً من حملة انتقادات لـ”الثنائي الشيعي” (حركة أمل وحزب الله) بدأت تكبر ومعها بدأ بروز عدد من المرشحين من خارج عباءتهما، ومصرون على الاستمرار وخوض المعركة بلوائح مهما كلف الامر، منهم الاعلامي صبحي منذر ياغي المعارض من قوى 14 آذار سابقاً، المنطلق من ثوابت وشعارات تغييرية، إلى المرشح السابق والمعارض عامر الصبوري الذي يسعى لايجاد طريق موات للانضمام الى لائحة تضم قوى 17 تشرين او ان ينضم الى لائحة المستقبل، ورجل الأعمال علي سويدان المرشح المعارض والمنتقد لأداء “الثنائي” ايضاً والمتبني لثوابت وشعارات 17 تشرين، ويسعى للانضواء ضمن لائحة وفق شعاراته التي بدأ يرفعها صوراً و”يافطات”، إلى رجل الأعمال فرس أبو حمدان، الذي ينطلق من صلب “الثنائي”رافضاً التعليب والقوقعة ومرتكزاً الى موقع العائلة وقدرتها التجييرية في الأصوات، ويسعى لينضوي ضمن أي لائحة باستثناء لائحة القوات.

أما “حزب الله”، والذي يعتبر الثاني بعد “المستقبل” بما لديه من فائض أصوات وقادر على تأمين الحاصل ورفد حليفه، تحدثت أوساطه أن الحزب يحاول بث اخبار انه بصدد ترشيح النائب جميل السيد في زحلة، للضغط على حركة أمل اما القبول بالتحالف مع الوطني الحر من دون خروجها من دائرة التحالف او ترشيح جميل السيد في حال الخروج، لكن هذا الموضوع لم يُبتّ بعد ويشهد اخذاً ورداً. وقالت اوساط مقربة من الحزب أن اسم النائب انور جمعة عاد للصدارة رداً على الانتقادات الشعبية التي رافقته منذ توليه المنصب، على قاعدة أنه “في حال نزل الحزب عند رغبة المنتقدين وغيّر جمعة، بعدها يصبح طلبهم قبع الحزب”.

أما القوات اللبنانية فوضعها لا تحسد عليه، وأصبحت أمام تحد إذ قد لا تصل لتحصّل حاصلا واحدا بمعزل عن أي تحالف سياسي، وذلك بعدما غادرها النائب سيزار المعلوف وامتناع حزب الكتائب عن التحالف، اضافة الى خسارتها أصوات المغتربين مما يحرم القوات ما لا يقل عن 5 آلاف صوت ويضعها في موقع خطر. وتقول أوساطها انها حتى اللحظة تصّر على ترشيح النائب جورج عقيص باعتباره كان نائباً ناجحاً وتشريعياً لامعاً، واستطاع خلال هذه المرحلة في الظروف الصعبة أن يثبت حضوره في الوسط البقاعي بحسب قواتيين. واضاف أن القوات بصدد تشكيل لائحة من المستقلين، لكنها تصطدم بعائق رفض بعض المرشحين التحالف معها فلا يقبلون أن يكونوا مجرد رافعة أصوات لأن يخرق مرشحها الأساسي الذي تسميه وتجيّر له أصوات المحازبين والمؤيدين دون سواه من المرشحين، وفق الاطر التنظيمية. وتقول أوساط متابعة أن لائحة القوات قد تكون غير مكتملة بخاصة في المقعد الشيعي وذلك لرفض المرشحين عنه التحالف مع القوات بعد احداث عين الرمانة واتهامات “حزب الله” لكل حليف للقوات بالعمالة. كما تجد القوات صعوبة في ايجاد مرشح عن المقعد السني يرفد اللائحة بثلاثة آلاف صوت سني.

وفي المقلب الآخر، يعيش التيار الوطني الحر في زحلة حالة صراع وانقساما داخليا حول الاسم الذي يمكن أن يرشحه عن المقعد الماروني إذ يصر البعض بالاستمرار بترشيح النائب سليم عون وآخرون يطرحون اسم ابراهيم الرامي، مما يجعله في حال نزاع لعدم موافقة أي جهة لتتحالف معه سوى “حزب الله”. لأن قدرته التجييرية لا تصل الى ثلاثة آلاف صوت في أفضل حالاته الاستنهاضية، وتشير مصادر برتقالية إلى أن التيار في حال لم يجر الائتلاف مع “حزب الله” بلائحة واحدة إذ يلح الأخير على التيار ليتبنى مرشحا ًعن المقعد الكاثوليكي ويستغني عن المقعد الماروني، بهدف خلق حالة تنافس، وقالت المصادر أن التيار بهذه الحال يترك الخيار حراً لاي شخص يريد الترشح ومن يجد نفسه بلائحة بمعزل عن التيار ليجري لاحقاً اعادة تبنيه، وذلك خلافاً لقاعدة التكتلات قبل الانتخابات، فتكون هذه المرة انتخابات اولاً ثم التكتل.

فيما تجد رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف نفسها امام سيناريو 2018 عينه على الرغم من التحولات السياسية في التحالفات بين التيارات والأحزاب، لتجلس على ناصية الحيرة بين أن تبني تحالفا لا يستفز الشارع المسيحي، وآخر الذهاب للانضواء ضمن لائحة تضم ميشال ضاهر وعدداً من المستقلين من دون تغيير ما لم تغير في نمطية التحليلات والاستنتاجات، كل ذلك مرهون بما ستؤول اليه الاتصالات مع تيار المستقبل باعتبار أن التحالف معه لا يشكل استفزازاً مسيحياً، اضافة إلى انه الأكثر ارتياحاً من حيث فائض الأصوات على الرغم مما تعرض له من ارتدادات بعد 17 تشرين.

كما تشهد دائرة زحلة حراكاً لقوى الانتفاضة ولناشطين ثوريين تعمل على توحيد صفوفها في لائحة ائتلافية موحدة وذلك بعد دراسة وضع كل مرشح وامكان استقلاليته والتحالف، فكان لافتاً في البقاع وتحديداً في القرى ذات الغالبية المسيحية والدرزية عمل “كلنا ارادة” منفصلاً عن “نحو وطن”، وبينهما نشطت حركة “سوا للبنان” المحسوبة على رجل الاعمال بهاء الحريري شقيق الرئيس سعد الحريري، في قرى البقاعين الغربي والاوسط في بعلبك وعرسال بخاصة ذات الغالبية السنية، وقالت مصادر من “سوا” لـ”لبنان الكبير” إن الحركة بصدد خوض معارك انتخابية ائتلافية من قوى 17 تشرين، من خلال دعم مرشحين ولوائح مستقلة عن السلطة.

شارك المقال