أشهر عديدة تفصلنا عن موعد الاستحقاق الانتخابيّ في لبنان، وهي أشهر كانت تشهد معارك سياسية – انتخابية “حامية” تُشير إلى حجم المنافسة الكبيرة بين الأحزاب والتيّارات السياسية لا سيما في مدينة طرابلس التي غالبًا ما كانت تحتدم فيها هذه المنافسة منذ بداية إعلان موعد الانتخابات النيابية إلى حين الانتهاء من استحقاقاتها.
وبعد تحديد موعد الانتخابات النّيابية، لا يبدو أنّ القوى السياسية الكبرى في المدينة قد استعدّت لهذه المعركة بالشكل المعتاد والمطلوب حتّى اللحظة، بل يُمكن القول أنّ الهدوء “الذي قد يسبق العاصفة” ما زال سيّد الموقف، فلا تحالفات معروفة تُذكر، ولا شخصيات معلنة بوضوح بهدف الترشح حتّى هذه اللحظة، وإذ يقول البعض أنّ المشهد الانتخابيّ ما زال ضبابيًا، يُؤكّد أحد المتابعين أنّ المشهد بات عشوائيًا أيضًا، “إذ تنقل صفحات طرابلسية ترشّح بعض الشخصيات غير المعروفة طرابلسيًا، ولم تقم بأيّ أعمال سياسية أو إنمائية معروفة يُقال عنها أنّها شخصيات مستقلّة، لكن لا ندرك هويتها ولا أهدافها، وهي شخصيات تدفع الأموال لتظهر إعلاميًا وتجمع بعض الأفراد لإظهار حجم شعبيتها بين المناطق”، حسبما يقول لـ”لبنان الكبير”.
وتستغرب بعض الأوساط السياسية “التطفّل” المفاجئ لبعض الشخصيات الطرابلسية التي تحمل نفوذًا ماليًا ودوليًا للدخول في معترك السياسة اللبنانية، وصولًا إلى إعلانها رغبتها في الوصول إلى سدّة رئاسة الحكومة، إذ “لم تكن هذه الشخصيات تُظهر هذه الرغبة والميول في فترات سابقة ولم تُبيّن منشوراتها ومبادراتها أنّها ترغب في الترشح أو الوصول إلى مركزٍ ما، مما يعني أنّ الدخول بشكلٍ مفاجئ إلى هذا الخط يُشعرنا بصدمة وقلق أيضًا من تداعيات وما وراء خطوة البعض…”.
منافسة “ناعمة”
وبعد تداول أخبار ومعلومات تُشير إلى احتمال إعلان ترشح بعض الشخصيات من تيّارات سياسية معيّنة، أو من شخصيات جديدة على الساحة الطرابلسية انتخابيًا، يُؤكّد المتابع أنّه لم يتمّ تشكيل أيّ لائحة واضحة المعالم والأفراد من قبل تلك الشخصيات التي غالبًا ما كانت أهدافها منافسة تيّارات سياسية موجودة منذ أكثر من 15 عامًا في البلاد، وقد عملت هذه الشخصيات لأشهر على تكريس بعض أعمالها وأدوارها عبر مكاتب لها للانتشار شمالًا، لكن بقي انتشارها محدودًا ولم ترتق بعد لمنافسة التيّارات التي باتت معروفة سياسيًا، وتراجع وجودها فعليًا في الفترة الأخيرة لكن الأشهر المتبقية كفيلة بعودتها من جديد، بخاصّة في ظلّ حاجة النّاس إلى المساعدات والدعم المادّي، وبالتالي ليست خافية قدرتها الفعلية على الدخول من جديد، لكن لا ضمان لفوزها في الانتخابات المقبلة التي تُعدّ حاسمة وخطيرة بسبب عدم رغبة بعض التيّارات السياسية في إتمامها خوفًا من خسارتها مع تراجع شعبيتها بوضوح ولا سيما عند عدم تمكّن بعضها من إتمام تحالفات مع تيّارات أخرى اعتادت التحالف معها مسبقًا، وفي حال أبرمت تحالفات مع أحزاب جديدة، تبقى حظوظ احتمال خرق المرشحين في دوائر مختلفة محدودة، كما تقلق الكثير من الأوساط السياسية من احتمال حدوث خضة أمنية قد تُطيحها، وقد تكون هذه الخضّة مشابهة لأحداث الطيونة أو خلدة وقد تحمل انعكاسات وأخطار أبعد منها بكثير”، وفق ما يقول.
ريفي والقوات
بعد زيارة الوزير السابق اللواء أشرف ريفي إلى معراب وإعلانه دعم موقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعد أحداث الطيونة، عقدت منذ أيّام، “الجبهة السيادية من أجل لبنان “لقاء في مكتب الوزير ريفي في طرابلس، بحضور رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” كميل دوري شمعون، رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب “القوات اللبنانية” شارل جبور، والقاضي بيتر جرمانوس، إضافة إلى عددٍ من الشخصيات التي أكّدت في كلماتها ضرورة تطبيق الدستور ومحاربة السلاح غير الشرعيّ، لافتة إلى أنّ لبنان بات محتلًّا من قبل إيران لكن بـ”لباس لبناني”، وغيرها من الرسائل السياسية التي لم تكن مقبولة بين الطرابلسيين، لأنّه في وقتٍ يرفض فيه طرابلسيون دخول “القوات اللبنانية” إلى ساحة المدينة سياسيًا، لم يُدرك آخرون حصول هذا الاجتماع من الأساس، نظرًا لعدم اهتمامهم بهذه الاستعدادات التي تبدو باردة وغير واضحة المعالم تحضيرًا للانتخابات المقبلة، وكأنّ اتجاه ريفي إلى معراب ثمّ دعوة شخصيات “قوّاتية” إلى المدينة يُشبه كثيرًا فكرة “رمي الصنارة” ليبتلع الطرابلسيون الطعم والفخ الانتخابيّ “رويدًا رويدًا”، وذلك نظرًا للرفض الطرابلسيّ عمومًا لجعجع، وهو ما يُعدّ معروفًا بينهم منذ سنوات، فضلًا عن توحيد المجتمعين آرائهم وتوجهاتهم السياسية لمعارضة سلاح وهيمنة حزب الله الذي يرفضه المجتمع الطرابلسيّ بشكلٍ عام، ذلك ما رأته بعض الأوساط السياسية في المدينة أنّه محاولة لجذب الطرابلسيين للتأثير في نفوسهم وهم ينشغلون أساسًا بهمومهم المعيشية المختلفة، ولا يربطون رفضهم للحزب بلوائح انتخابية ومنافع سياسية أيًا تكن ومهما كان مصدرها.
كرامي… بين الزواج والانتخابات
في وقتٍ تُرتكب في مدينة طرابلس جريمة قتل أو أكثر يوميًا لأسباب قد تكون عائلية أو ثأرية من دون حسيب أو رقيب، وفي وقتٍ تعاظمت فيه الأزمات المعيشية والسياسية والديبلوماسية في البلاد مما يدفع الكثير من الشبان إلى “رمي أنفسهم في البحار” للهروب من جحيم هذه البلاد، يُعلن النائب فيصل كرامي زواجه للمرة الثانية على التوالي عبر صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، ممّا أثار جدلًا واسعًا محلّيًا حول هذا الزواج وتوقيت الإعلان عنه.
وما إن أعلن كرامي هذه المناسبة التي أفرحت البعض وأغضبت البعض الآخر، حتّى قام بعض المناصرين بتنظيم مهرجان شعبي زُيّن بـ”زفة” طرابلسية بامتياز تمهيدًا لوصول العريس، مع تصفيق المناصرين الذي وضعوا الأغاني المؤيّدة له وحملوه على الأكفّ، مما رآه البعض أيضًا أنّه مهرجان انتخابيّ “يُثلج” قلوب المناصرين في زمن الأزمات الاقتصادية التي جعلت الكثير من الطرابلسيين الأحياء “كالأموات” في مدينتهم التي أغرقتها الطبقة السياسية بالإهمال والعجز الدائميْن!
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.