السلاح الصيني الجديد والمخاوف الأميركية

حسناء بو حرفوش

ما الذي يفعله السلاح الاستراتيجي الصيني الجديد المتمثل بنظام قصف مداري جزئي ومركبة انزلاقية تفوق سرعة الصوت؟ وما هو التهديد الذي يمثله بالنسبة إلى الولايات المتحدة؟ الإجابة في “بودكاست” بموقع “دايلي سيغنال” (Daily Signal) الأميركي، بمشاركة الباحث في معهد “هيريتيج فاونديشن” (Heritage Foundation) للأبحاث حول أسلحة الدمار الشامل ومكافحة انتشار الأسلحة، بيتر بروكس، والذي يحذر “من بعض القدرات التي يصعب صدها بسبب نطاق الصاروخ غير المحدود وإمكان إطلاقه فوق القطب الجنوبي باتجاه الولايات المتحدة. علماً أن هذه الأخيرة عملت لسنوات طويلة في فترة الحرب الباردة، على تطوير قدرات الرادار الخاصة بها لرصد ما يأتي من ناحية القطب الشمالي أو من الشرق والغرب، ولكن ليس من الجنوب.”

ويثير هذا السلاح الجديد، بحسب بروكس، “المخاوف لأنه أكثر من مجرد سلاح تفوق سرعته سرعة الصوت. فهو يتحدى المصالح الأميركية كما يمثل جزءاً من الجهود الأخيرة للصين لزيادة قدرات قواتها الاستراتيجية الأرضية والبحرية والجوية. كما أن الرأس الحربي الذي يحمله قد يكون تقليدياً أو استراتيجياً أو حتى سلاحاً نووياً. وبالنظر إلى التوترات الحالية بين الصين والولايات المتحدة، من المؤكد أنه يمنح الصين نفوذاً دولياً من خلال أجندتها التي لا تتوافق بالضرورة مع أجندة الولايات المتحدة أو أصدقائها وحلفائها.

وحول المدى المحتمل والضرر الذي يمكن لهذا السلاح أن يلحقه (…) تجدر الإشارة إلى صعوبة تتبعه ولذلك قال العديد من العسكريين وكبار أعضاء الجيش إنه اختراق استراتيجي. ومن المفترض أن الصين اختبرت هذا السلاح مرتين هذا الصيف، كما قد تكون هناك المزيد من الاختبارات (…) وليس ذلك بالمفاجأة فالصينيون لا يعرفون بشفافيتهم، خصوصاً في القضايا النووية. وفي الواقع، حاولت الولايات المتحدة التحدث مع الصين حول القضايا النووية منذ فترة طويلة جدا (…) ومن المتوقع أن تنمو القدرات البحرية والبرية الصينية بشكل ملحوظ وبنسبة ثلاث إلى أربع مرات في ما يخص القدرات النووية خلال العقد المقبل كما يقول كبار القادة العسكريين الأميركيين.

(…) ويتميز السلاح الصيني بالقدرة على المناورة مما يصعب التنبؤ بمساره وبالتالي الدفاع ضده (…) ويترتب الكثير على أميركا الحذر خصوصاً في ظل المنافسة بين القوى العظمى أي الولايات المتحدة والصين وروسيا. وللصين والولايات المتحدة مصالح مختلفة في عدد من القضايا المهمة، بما في ذلك قضية تايوان. إذ يشعر الصينيون أن الولايات المتحدة تتفوق حاليًا على الصين من حيث الأسلحة النووية وهذه أيضاً الحال مع روسيا. وتحاول الصين الوصول إلى التكافؤ مع الولايات المتحدة وروسيا للتمكن من الجلوس على طاولة مع أقوى الدول النووية في العالم لتوفير النفوذ والدعم لجهودها الديبلوماسية وفرض رأيها. وتعتمد الصين سياسة حازمة للغاية، ولا سيما في علاقاتها الدولية بخصوص تايوان. وقد تحاول بالتزامن مع تطوير قواتها البحرية والجوية، وهو ما يحدث بمعدل هائل، ممارسة السيطرة على تلك المياه الضخمة، والتي تؤمن تريليونات الدولارات من التجارة في كل عام.

في المقابل، على الولايات المتحدة التمسك بديبلوماسية قوية والحفاظ على قاعدة متينة والعمل في العالم بالتعاون مع حلفائها. وعلى الرغم من التعاون بين روسيا والصين إلا أنهما ليستا حليفتين بالطبيعة وقد تسيران يوماً ما باتجاه مختلف كما في الماضي في ظل الانقسام الصيني السوفياتي خلال الحرب الباردة. لذلك، وفي مرحلة ما، من الواضح أن الصينيين والروس يلعبون أوراق بعضهم البعض ضد الولايات المتحدة لكن الاحتكاكات ستتطور بمرور الوقت. ويجب على الولايات المتحدة العمل مع الحلفاء بشأن هذه القضايا. وهذا لا يشمل آسيا فقط بل ينسحب إلى أوروبا حيث هناك قدرات هائلة لمحاولة إيجاد طرق للتعامل مع هذا السلاح الجديد والمتطور، إلى المضي في تحديث القدرات النووية وزيادة قوة الردع التقليدية ضد أي شيء قد تفعله الصين على المستوى التقليدي أو النووي، خصوصا للاستعداد لسيناريو (…) مثل رغبة الصين بتغيير مستقبل تايوان عسكرياً، وهو ما تعارضه الولايات المتحدة بشدة.

عدا عن ذلك، لا تزال الدفاعات الصاروخية مهمة للغاية. وقد اتخذت الولايات المتحدة خطوات كبيرة في ما يتعلق بالدفاع الصاروخي وليس فقط ضد الأسلحة الاستراتيجية. ومع ذلك، تحتاج إلى تحسين القدرة على اكتساب وتتبع هذا النوع من الأهداف، وهو ما يعني على الأرجح تطوير وسائل المراقبة والتعقب الأفضل للفضاء (…) ومن ثم هناك الضغط على الصين بشكل مباشر وغير مباشر من خلال الأصدقاء والحلفاء والشركاء من أجل دفعها للمشاركة في محادثات الحد من التسلح (…) لكن الصين لا تبدي أصلاً رغبة في ذلك وهي تسير باتجاه تحقيق تكافؤ لناحية السلاح مع الولايات المتحدة وروسيا قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وربما حتى لا تريد الانضمام إلى طاولة المفاوضات… ومن يدري ربما تخطط للحلول مكان الولايات المتحدة”.

المصدر:dailysignal

شارك المقال