الحريري باقٍ وخياراته مفتوحة بانتظار مصير الانتخابات

رواند بو ضرغم

ينظر الرئيس سعد الحريري من مقر إقامته في أبوظبي إلى حملة الأضاليل، التي تطاله في كل يوم والشائعات التي تستهدف حياته السياسية، بضحكة ومن غير إبداء أي رد فعل. فما الذي يجبره أن يدلي بموقفه ويكشف أوراقه وأن يحدد خطواته السياسية قبل أن ترسو الساحة على برّ الأمان الانتخابي؟! فيترك الأدمغة السياسية تحلّل أسيرة أحقادها ويفتح لها المجال لكي تنكبّ على إيجاد بديل يرثه، فتقنع نفسها حينا أن “الحريرية السياسية” انتهت الى غير رجعة، وتصطدم أحيانا بأنه أكثر الشخصيات اعتدالا على الساحة السنية ولا بديل عنه على الصعيد الوطني الا التطرف وحملات التحريض الطائفي.

وعليه، تؤكد معلومات موقع “لبنان الكبير” أن كل الكلام الذي سيق عن عدم ترشح الرئيس الحريري للانتخابات النيابية سابق لأوانه، لأنها حتى الوقت الراهن لم يُعلن رسميا عن موعد إجرائها، وذلك لوقوعها رهينة المصالح الشخصية لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي أعلن أنه سيطعن في قانون الانتخاب المعدّل أمام المجلس الدستوري، ويُتوقع أن يُقدم على هذه الخطوة الخميس المقبل. فإذا تبيّن للحريري أن الهدف من كل هذه الاعتراضات والاستعراضات تطيير الانتخابات، فسيكون موقفه مختلفا ومفتوحا على كافة الاحتمالات التصعيدية. وفي شتى الحالات، فإن موقفه سيتضمن خريطة طريق للمرحلة المقبلة، هذا إذا قرر الترشح أو قرر العزوف عنه، ولكن إذا وصلت القوى السياسية الى قرار التمديد للمجلس النيابي، فإن موقف الحريري سيكون واضحا وصريحا، وسبق أن أعلن عنه بأن كتلته ستجد نفسها مضطرة للاستقالة من المجلس النيابي والانقلاب على النهج التعطيلي والتدميري.

وما هو أكيد وقطعي أن رئيس تيار “المستقبل” لن يخرج من الساحة السياسية بشكل نهائي ولن يُفرح خصومه ولن يسلمهم القرار السياسي للتحكم به. أما عدم حماسته في الوقت الراهن، فمنطلق من مبدأ “من جرّب مجرّب كان عقله مخرّب” فحاول التعاون مع رئيس الجمهورية ميشال عون و”حزب الله” في حكومتين من العهد ولم يستطع أن يغيّر نهجهما، ولا يرى حاليا أي إمكان لتحسين الأوضاع مع فلول هذا العهد، والدليل على ذلك اصطدام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بالأزمات التي عطّلت حكومته ومهامها.

الخرق الوحيد في جمود الساحة السياسية، متمثل في وصول رئيس كتلة اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط يرافقه النائب وائل بوفاعور الى الامارات. وتقول معلومات موقع “لبنان الكبير” ان الاشتراكي يهدف الى استطلاع الأوضاع بعد الأزمة الديبلوماسية اللبنانية مع دول الخليج، وإمكان دعم الإمارات للاشتراكي في الاستحقاق الانتخابي المقبل، ومن المرجح أن يطلبا لقاء الرئيس الحريري، الذي لا يزال في الامارات، للبحث في المرحلة السياسية المقبلة.

وبالعودة الى الطعن الذي سيقدمه التيار الوطني الحر بقانون الانتخاب، ترى مصادر سياسية أنه بات من الواضح تسليم مهمة تطيير الانتخابات للنائب جبران باسيل، وأن أي تأجيل لها لن يُشكل أي فارق في النتائج التي يعوّل عليها باسيل، وأي زيادة في عدد الناخبين لن تُشكل ضمانة له بأنها ستصب لمصلحته. أما مطالبته بالدائرة 16 للمغتربين اللبنانيين وتخصيصهم بستة مقاعد، فما هو الا لتحديد خسائره النيابية، فبدلا من تأثيرهم في نتائج المقاعد الـ128 فيحصرها في ستة مقاعد، وذلك نظرا لمعرفته مسبقا بأن كل من هاجر من لبنان حديثا يحمّل باسيل وعمه صاحب العهد مسؤولية تغرّبهم عن عائلاتهم، لأنهم هاجروا نتيجة ممارسات العهد وتعطيل البلاد وتخريب الاقتصاد، ويعلم باسيل أنهم لن ينتخبوا التيار الوطني الحر لا بل سيصوّتون ضده، لذلك يضمن بذلك التيار بالحد الأدنى مقاعد الداخل ويحصر الضرر بالمقاعد الستة للمغتربين، إذ إن المقاعد المسيحية الثلاثة الموزعة بين أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأوروبا، يستطيع أن يضمن منها مقعد أوروبا لصالحه.

وترى مصادر مطلعة أن المجلس الدستوري لن يوافق على الدائرة 16 وسيثبت اقتراع المغتربين للمقاعد الـ 128 لأن هذه الدائرة فيها مخالفة دستورية. ويؤكد الدستور أن الدوائر الانتخابية هي دوائر إدارية أي مستندة الى قضاء أو محافظة، وفي الدائرة 16 لا يوجد أي محافظ ولا قائمقام، لذلك سيرفضها المجلس الدستوري.

لطالما طالب “التيار الوطني الحر” بالتمثيل الصحيح للمسيحيين، لكن تبين أن باسيل يحصر تمثيلهم وصحته بمصلحته الانتخابية، فإنّ تراجعت شعبية التيار على أعتاب فلول العهد ظهرت الادعاءات على حقيقتها، والمحاسبة آتية لا محال.

شارك المقال