“القوّال” أوّل نقيبة لمحامي الشمال: ماذا يكشف فوزها؟

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يُشكّل نيْل المحامية ماري تيريز القوّال فنيانوس منصب النقيب في انتخابات نقابة المحامين في طرابلس والشمال، صدمة نقابية أو سياسية، إذ كان فوزها بين المرشحين المسيحيين الآخرين لهذا الموقع متوقّعًا بسبب الدعم السياسي الكبير الذي تحظى به، مقارنة بالتحالفات السياسية الأخرى التي بدت ضعيفة وعاجزة عن الارتقاء إلى مستوى يسمح لها بالحصول على حجم الأصوات التي حصلت عليها والتي كانت بفارق يتعدّى الضعف تقريبًا عن منافسيها.

ولا تتمتّع القوّال بدعمٍ سياسيّ فحسب، بل تتمتّع بشعبية كبيرة ولا سيما في النقابة التي أعلن الكثير من المحامين فيها دعمهم لها منذ اللحظة الأولى التي قرّرت فيها خوض هذه المعركة، التي تبدو بظاهرها بأنّها “نقابية” لكنّها في مضمونها كانت بمثابة معركة سياسية خاضتها أحزاب وتيّارات بينها مستقلّين، على الرّغم من الحملات التي يصفها بعض المحامين بأنّها “افترائية” طالت هذه الانتخابات.

رسائل سياسية طرابلسية

يُمكن التأكيد أنّ هذه الانتخابات سواء أكانت تلك المرتبطة ببيروت أو بطرابلس، حملت رسائل مختلفة تُشير إلى نقطتيْن رئيستيْن هما: الإشارة إلى التحالفات السياسية الجديدة وقياس حجم نجاحها نقابيًا استعدادًا للمعركة الانتخابية النيابية المقبلة، والنقطة الثانية تتعلّق بشكلٍ أساسيّ بالثورة اللبنانية والمرشحين المرتبطين بمبادئها والذين غربلتهم النتائج التي ذهبت أكثر لصالح السياسة اللبنانية، ممّا شكّل خيبة أمل كبيرة لدى الكثير من مؤيّدي الثورة، لأنّهم لا يرغبون بالاستمرار في هيمنة هذه الأحزاب على صورة الدّولة ومؤسساتها المتنوّعة.

ووفق المعطيات، فإنّ عدم التنظيم بين قادة الثورة هو السبب الرئيسي الذي يُؤدّي إلى تراجعها في لبنان، وفي الوقت الذي تعيش فيه البلاد أوقاتًا عصيبة، لم تتمكّن الثورة من الاستمرار في احتجاجاتها ولم تشمل كلّ المناطق اللبنانية على اختلافها وفي مختلف الظروف الطارئة على البلاد، ممّا أتاح فرصة أمام مختلف السياسيين للتدخل من جديد وفق تحالفات ستُعلن نجاحها في مناطق وخسارتها في مناطق أخرى.

وفي انتخابات نقابة محامي الشمال مطلع مئويتها الثانية، اتضح نجاح تحالف “المردة” و “تيّار المستقبل” مع تيّار “الكرامة” وآخرين، وأظهر فشل التيّار الوطني الحرّ الذي لا يُحالفه الحظ في طرابلس منذ سنوات، كما فشلت القوات اللبنانية في إحراز تقدّم انتخابيّ لما يحمله هذا الحزب “عمومًا” من استفزاز شعبيّ غير جديد على الإطلاق.

وفي الوقت عينه، تُشدّد مصادر لـ”لبنان الكبير” على رغبة النائب سمير الجسر في إحداث خرق ما من “المستقبل”، ممّا دفعه إلى دعم المرشح بطرس فضول بدلًا من القوّال التي يدعمها تيّاره السياسيّ، ممّا يُظهر بعض الشرخ الذي أراد منه الجسر وبطريقة سرية معارضة اتجاه تيّاره الذي يراه اتخذ قرارًا يُعاكس آراءه، مما قد يُشير أيضًا ووفق مصادر “مستقبلية” إلى أنّ ما يُتداول عن الجسر يحمل جدّية يُدركها تيّاره جدًا لا سيما مع قرب حلول الانتخابات النيابية التي لن يكون من ضمنها، في خلافٍ تتضح معالمه مع الاستعدادات اللازمة لها…”، حسب هذه المصادر لـ”لبنان الكبير”.

المحاماة والسياسة

قد تكون القوّال مدعومة من السياسيين، لكنّها كانت أشارت في تصريحات مختلفة قبل فوزها بالمنصب، أنّ الانتماء السياسي لا يدخل ضمن العمل النقابي والمهني الذي يستهدف خدمة المصلحة العامّة ومصلحة المحامين، ولا سيما في كلّ ما يرتبط بالتأمينات الصحية لهم والتي تُشكّل حاجة ملحة لا بدّ من الوصول إليها، وفي الوقت عينه فهي ترى أنّ السياسة ترتبط بالمحاماة لكنّ المحامين عليهم أن يهتمّوا بشكلٍ كبير بالقيم الاجتماعية والأسس الأخلاقية، بدلًا من تسخير هذه المهنة خدمة للسياسيين.

ومن ضمن برنامجها الانتخابيّ، صرّحت بأنّها تسعى إلى “توسيع مجالات عمل المحامين من خلال اللجوء إلى “وسائل التقاضي البديلة كالوساطة والتحكيم مع ضرورة تأمين مصادر تمويل خارجية وداخلية للاستفادة منها بشكلٍ مناسب خاصّة بعد الأزمات المالية التي مرّوا ويمرّون فيها بما يضمن لهم حياة لائقة وكريمة…”.

وفي النتائج، فقد كانت نالت القوّال في (الدّورة الثانية) التي أعلنت نتائجها ليلًا: 624 صوتًا، بينما نال منافسها بطرس فضّول 328 صوتًا. أمّا الدّورة الأولى التي خُصّصت لاختيار 4 أعضاء لمجلس النقابة، فقد كان فاز فيها إلى جانب القوّال، كلّ من المحامين: مروان ضاهر، محمود هرموش وبطرس فضّول.

شارك المقال