استقالة قرداحي على الطريق… والثنائي: بيطار أولاً

رواند بو ضرغم

جملة من التناقضات تحكم مسارات الرؤساء الثلاثة، والأجواء الإيجابية التي يشيعها رئيسا الجمهورية والحكومة، تقابلها أجواء رمادية حذِرة من الرئاسة الثانية، إذ ان الطريق الوحيد الذي يوصل الى استعادة الحكومة لجلساتها هو في التزام الدستور، وهذا الطريق لا يزال ضائعاً.

في اللقاء الرئاسي الثلاثي يوم الاستقلال، اقتنع الرئيسان ميشال عون ونجيب ميقاتي بمطالعة الرئيس نبيه بري الدستورية، ووافقاه على أن صلاحية التحقيق مع الرؤساء والوزراء تعود الى المجلس الأعلى لمحاكمتهم. ويتوافق الرؤساء الثلاثة كذلك على أن مبدأ فصل مسار التحقيق يجب أن يُتخذ من السلطة القضائية لا التنفيذية، وعليه يعول عون وميقاتي على أن تأخذ السلطة القضائية قرار الفصل صوناً لمبدأ فصل السلطات.

وكان اقتراح أن ترسل الحكومة كتاباً الى مجلس النواب، للطلب منه أن يأخذ دوره بملف انفجار المرفأ للتحقيق مع الرؤساء والوزراء السابقين، سقط فورا، فعادت المفاوضات الى نقطة ان يبادر القضاء ويطبّق الدستور، الا أن الثنائي الشيعي يعلم بأن رئيس السلطة القضائية القاضي سهيل عبود غير مقتنع بالفصل، وهو أساساً يدعم المحقق العدلي طارق بيطار ويعطيه غطاءه مدعوماً من الفرنسيين وموعوداً برئاسة الجمهورية.

وبمطلق الأحوال تقول مصادر الثنائي الشيعي لموقع “لبنان الكبير” إنه بانتظار جلسة الهيئة العامة لمحكمة التمييز اليوم الأربعاء ليبني على الشيء مقتضاه، فإذا اتخذت قراراً ايجابياً يعود مجلس الوزراء الى الانعقاد، وإذا لم تتخذه فالحكومة ستبقى معلقة.

هنا تقول مصادر مقربة من الرئيس عون إنها تستصعب أن تأخذ الهيئة العامة لمحكمة التمييز قراراً بالفصل، وذلك في ظل عدم اتخاذ أي مبادرة بالملاحقة من مجلس النواب، على قاعدة أنه قبل القول إن التحقيقات ليست من صلاحية المجلس العدلي إنما من صلاحية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، على مجلس النواب أن يباشر بأصول ملاحقتهم، وبعد إيجاد الخصومة المزاحمة فيصبح البحث في إمكان الفصل.

أما في خضم استعصاء إيجاد حل قضائي، فيكثر في الآونة الأخيرة الحديث عن الدعوة الى انعقاد مجلس الوزراء بمن حضر، الا أن مصادر الثنائي الشيعي تؤكد أن الرئيس ميقاتي لا يريد افتعال مشكل بينه وبين “حزب الله” وحركة “أمل”، وهو أكد هذا الأمر، لذلك لن يدعو اليه. في حين أن مصادر قصر بعبدا تقول لـ”لبنان الكبير” إن الرئيس ميقاتي خائف من دعوة مجلس الوزراء حرصاً على عدم تفجيرها من الداخل، ولكن في نهاية المطاف قد يجد ميقاتي نفسه مضطراً في ساعة من الساعات الى الدعوة اليها على خطورتها.

وفي الوقت الضائع الى حين عودة الرئيس ميقاتي من الفاتيكان، يتابع الرئيس عون معالجة المواضيع التي كانت محور بحث بينه وبين الرئيس بري والرئيس ميقاتي خلال اللقاء بينهم في قصر بعبدا، وفق الحساب الرسمي لرئاسة الجمهورية، وتقول مصادره إن عون يعمل على إعادة شرايين الحياة الى مجلس الوزراء، لأنه من غير الطبيعي أن لا تجتمع حكومة مكتملة الأوصاف الدستورية وأن تلجأ الى الموافقات الاستثنائية. وتضيف: هل المطلوب من رئيس الجمهورية أن يعقد جلسة حكومية ويقيل القاضي بيطار؟ هذه الخطوة ليست من صلاحيته، ولا من صلاحية وزير العدل، ولا رغبة أساساً بالإقدام على خطوة كهذه. لذلك هو يقول للثنائي الشيعي: “فلنترك شؤون القضاء للقضاء”.

وعلى خط حل أزمة وزير الاعلام جورج قرداحي، يعمل الرئيس عون على الاستقالة الطوعية بعيداً من إقالته لشأن سيادي، كما يدرس كيفية استبداله وإمكان تعيين بديل عنه لنفس المرجعية السياسية (أي المردة) بذلك يكون عون قد استطاع فك صاعق الأزمة مع دول الخليج وتحديداً السعودية، وهو يأمل من الثنائي الشيعي أن يأخذ بالاعتبار أن الحكومة التي تعتبر مظلة الثنائي ويحتاجها، نشأت من رحم اتفاق ايراني – فرنسي، ويقف خلفها المجتمع الدولي، وحتى الاميركيون في زيارتهم الاخيرة للبنان كان همهم الوحيد “حكومة ميقاتي” واستمرارها.

وفي المحصلة، إن كفة الهواجس الداخلية تفوق قوة الضغوط الدولية واستخدام قضية المرفأ، لذلك ستبقى الحكومة معطلة الى حين حل أزمة بيطار الذي بات جزءاً لا يتجزأ من المؤامرة على المكون الشيعي في لبنان.

شارك المقال