أزمة تمثيل ورهانات وتمويل بين مجموعات الثورة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

انتخابات نقابتي المحامين وعرض الاستقلال الهزيل حدثان كانا مدار نقاشات واسعة بين مجموعات 17 تشرين، إذ ينبت كل يوم مع مواسم الانتخابات النقابية والطالبية والنيابية مجموعات جديدة باسم الثورة وخروقات من قوى سياسية تقليدية، يزيد من تشتّت الصفوف ويخلط الأوراق مما يعني ان التغيير المنشود من الثوار بحسب الشعارات سيكون بعيداً، ومعركته ليس من السهل الفوز بها مع التعدّد والتشرذم الحاصل وفي ظل عدم الاتفاق على برنامج موحد وعلى أسماء مرشحين محتملين للانتخابات النيابية يضمن تحقيق كتلة نيابية وازنة على حد طموح البعض، لذا الصورة ليست ضبابية فحسب وانما تميل الى السواد الشديد.

لقد بات بعض الثوار يعتقد ان شعار “اسقاط الطبقة الحاكمة” أمر مستحيل اليوم، وعليه، فإن الواقعية السياسية تفرض التحالف مع أحزاب وشخصيات معارضة كانت في السلطة من اجل العبور الى مجلس النواب، ولا سيما ان فرص التمويل للمعارك الانتخابية متاحة لهؤلاء، وهناك مجموعات ترفض مثل هذا التحالف وهي قيد الانتظار للحصول على تمويل يؤمن لها خوض المعركة الانتخابية، وبانتظار ذلك تؤخر عملية وحدة الصف ليبنى على الشيء مقتضاه، وعليه يكيل البعض الاتهامات لمجموعات وأحزاب في الثورة بأنها كانت السبب في تيئيس الناس في اطار خطة يقوم بها أحزاب السلطة لتفريغ الساحات وافشال التحركات الشعبية وهؤلاء موعودون بجنة المراكز النيابية ويمثلون ما يسمى “المجتمع المدني”.

يعتبر بعض الثوار ان هزيمة كريم ضاهر مرشح الثورة كنقيب للمحامين جاء نتيجة خفة بعض الثوار وتذاكي آخرين وانتهازية البعض وانانية المجموعات، ويبرر آخرون هذه الخسارة نتيجة عدم الاتفاق على مرشح للثورة في هذه الانتخابات بأن السياسة خيارات.

ويبرر المحامي شريف سليمان من مهندسي معركة المحامين في بيروت في لائحة “نقابتنا” التي اشرف عليها واصف الحركة، ان القوى التغييرية دعمت عام 2019 المستقلَين ملحم خلف وناضر كسبار على العضوية، للمفاضلة بينهما على مركز النقيب، وبعد المرحلة الأولى وانسحاب مرشح القوات بيار حنا، وجنوح قوى المنظومة باتجاه ناضر كسبار ليس لانه يمثلها، – فهو مستقل ولا يمثلها – ولكن تثبيتاً لعرف تسعى أحزاب المنظومة لتثبيته الا وهو مرور النقيب اولا بنادي العضوية، حينها جنحنا كتغييرين عكس المنظومة باتجاه ملحم خلف، وليس ضد ناضر كسبار، موضحاً “لقد خضنا نقاشاً مستفيضاً إبان التحضير للمعركة الانتخابية بين المبدئي والتكتيكي، بين الشعبوي والعملي، بين ما نحن قادرون على تحقيقه وما يرغب المنظرون علينا ان نحققه، بالنسبة لهؤلاء المنظرين الواهمين ظروف 2021 مشابهة لـ 2019 في نقابة تحوي في طياتها “اعراف راديكالية” عمرها 100 عام. وفي النقاش بين ما نرغب في تحقيقه وبين ما نحن قادرون على تحقيقه اخترنا الخيار الثاني، وهو الصدق والشفافية وعدم بيع الوهم وعدم المساومة على مبادئنا”.

واكد ان “لا الكسندر نجار يمثل 17 تشرين، ولا حزب الكتائب وقناعتنا ان السلطة والمعارضة والمصارف وبعض القضاء والامن ورجال الدين والاعلام وغيرهم يشكلون المنظومة التي اوصلتنا الى الانهيار الوطني الشامل ونحن مشتبكون مع كل المنظومة وما تسبب بالخسارة فعلياً هو نحن، لان دود الخل منه وفيه”.

لم تكن صورة عرض الاستقلال بحالة تقويم افضل فهي أيضا كانت موضع نقد لاذع، اذ تساءل البعض عما اذا كان هذا الاستعراض من صنع الثوار وفي خدمة الثورة ام استعراض زعماء وممولين خطفوا الثورة؟ واعتبر آخرون ان الثورة ليست للتسلية والتفتيش على “سبونسر” للتجارة وانه ليست إعلانات وتغطية تلفزيونية.

الواضح ان الثوار باتوا امام معادلة ثنائية شبيهة بــ 14 و8 آذار، والخلاف على شرعية التمثيل الثوري قائم خصوصاً مع الاتهامات التي تكال من هنا وهناك حول خلفيات والتاريخ السياسي لهذا الفريق او ذاك ليعطى شهادة حسن سلوك او يجري له فحص دم لمعرفة مستوى نقائه الثوري.

ووسط هذا الصراع يكرر البعض نصائحه كي تتفادى الثورة في الانتخابات النيابية تجربة فشلها في نقابة المحامين، ويدعو الى تشكيل لائحة بتسمية واحدة في الدوائر الـ15، في تنسيق عريض من “الشيوعي” إلى “الكتائب” وما بينهما من القوى التغييرية في مواجهة لوائح “المنظومة الحاكمة”.

شارك المقال