صور: الشيوعي يتلاعب و”حزب الله” يستعطف والثوار لتحالف مع المعارضة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

يتذكر أهالي منطقة صور، لا سيما المعارضين للثنائي “حزب الله” – أمل، حجم التزوير الذي اتسمت به انتخابات 2018، فـ”على عينك يا تاجر” كان مندوبو مرشحي المعارضة يُمنعون من الدخول إلى مراكز الاقتراع ويُطردون منها، ويجري ترهيب المرشحين المعارضين والمندوبين وعائلاتهم. ويروون كيف كانت مراكز الاقتراع التي ليس فيها مندوبون للمعارضة، تحصل لائحة الثنائي فيها على 90 % من الأصوات، بينما في المراكز التي سمِح فيها لمندوبي المعارضة بالوجود، كانت الحصيلة تختلف بنسب متفاوتة، نحو 80\20 او 70\30 لصالح الثنائي بالطبع.

بحسب متابعين، فإن الحركة الانتخابية للثنائي اليوم ما زالت غير نشطة في صور إجمالا، إذ ترى أن “أمل” تعي الأزمة الكبيرة في الانتخابات، وهي تنتظر اكتمال صورة التحالفات بين “المستقبل” و”التقدمي” و”القوات” و”حزب الله” بالطبع، لكنها أيضا تنتظر موقف “حزب الله” منها، لأن “حزب الله” هو الذي يمنحها الحصة، وقد يعترض على أسماء أو على أشخاص، وهي تتواصل مع الناس، لكن التجاوب قليل.

ويشيرون إلى أن “ما أشيع عن ترشيح ابن رئيس مجلس النواب نبيه بري، غير صحيح، كما أن هناك إشارات إلى عدم إعادة ترشيح النائب علي خريس. في حين أن “حزب الله” يتحرك بسرية، باعتباره حزباً أمنياً يصدر قراراته في اللحظات الحاسمة، لافتين إلى أن الخطاب المستخدم للتعبئة، هو الكلام على حصار يتعرض له الشيعة، وبكون السفارة الأميركية تتدخل من أجل إضعاف “حزب الله” حامي الطائفة الشيعية وحامل لواء المشروع الشيعي في المنطقة، وبالتالي فإن ضرب نفوذه هو ضرب لقيادة الشيعة، ويعاملوننا على أننا جالية إيرانية، وإذا هزم الحزب و”أمل” في الانتخابات، فهذا سيضيع انتصارات الشيعة ويصبحون ضحية”.

في المقلب الآخر، يتحضر الثوار للعمل على إحداث خرق انتخابي، علما أن الصورة غير واضحة تماماً ومرتبطة بحسم الجدل حول التحالف مع قوى وأحزاب من السلطة، مثل “القوات” و”المستقبل”، وإحباط محاولات “حزب الله” لتركيب لائحة باسم من خرقوا الثورة وهم من أحزاب وشخصيات معروفين بانتماءاتهم الشيوعية والبعثية.

ويعتبر الدكتور علي عز الدين، أحد الناشطين المدنيين في صور ومؤسس مجموعة “نبض الجنوب”، أن “قانون الانتخاب 2018 كان مزوراً، والبرلمان الذي أقره غير شرعي، بحسب رئيس الجمهورية نفسه، استغلوا مقدرات الدولة والقضاء والأمن والمخابرات، واستغلوا كل شي لصالحهم. كانوا واعين لحجم المأساة التي حصلت للبنان منذ ذلك الوقت، وضعهم كان سيئاً في ذلك الحين لدرجة أن الأمين العام لــ “حزب الله” ترجى الناس لتذهب وتنتخب”.

وبالنسبة إليه، فإن “عملية التزوير أنتجت برلمانا يتحكم به الثنائي، وهذا كان سيفا ذو حدين، إذ حملهم المسؤولية كاملة عن الانهيار، وهذه الإيجابية الوحيدة، لأنه لو استطاع عدد من المعارضين الخرق لما كان باستطاعتهم التغيير، الارتباطات والمصالح الدولية المتداخلة في لبنان في ذلك الحين فرضت ان يمسكوا الوضع في لبنان، وأكبر دليل أن الاتحاد الاوروبي قال إن الانتخابات كانت نظيفة. ورئيس تحرير “الفيغارو” وصف الانتخابات بـ “النزيهة”. كان الجماعة مدبرين وضعهم مع صحافيين كبار من العالم. وبعد عملية التزوير احتلوا البرلمان احتلالاً بعد ما كان غير شرعي”.

ويضيف عز الدين: “كان قدراً محتوماً، أو ربما نحن كمعارضين لم نستطع إنجاز شيء في تلك الانتخابات، لكننا لاحقاً نزلنا إلى الشارع، أعداد كبيرة من الشعب اللبناني شاركت بالثورة، ولأن النظام طائفي بست رؤوس لم نستطع التغيير، لكن حققنا نجاحات مهمة وكبيرة”.

وعن صورة الوضع حالياً، يشير عز الدين إلى أن التنسيق بين الثنائي دائم ولا توجد ترشيحات واضحة، “هناك تسريبات غير مؤكدة وتحركات على الأرض، إلا أن كلا الطرفين مصدوم، لأن كثيرين يعبرون عن مواقف رافضة لأدائهما. هذا لا يعني أن الناس انتقلت إلى المعارضة، أو الثورة التي لم تستطع إنتاج شخصيات مقبولة، ولم تطرح مرشحيها ولا برامجها، على الرغم من الاتصالات التي تجري. و”نبض الجنوب” في قلب هذا الموضوع من أجل توحيد اللوائح”.

وبرأيه الإشكالية التي تواجهها المعارضة، هي في التحالف مع بعض أحزاب السلطة، مثل “القوات” و”المستقبل”، “فالسنة والمسيحيون في قضاء الزهراني يشكلون نحو 53 ألف ناخب، والمشكلة هل تقبل مجموعات الثورة التعاطي مع هذين الفريقين، وأقل بكثير مع الحزب التقدمي في الجنوب؟ والسؤال هل هذه الأحزاب مستعدة للقبول والاقتناع بالثورة أو تريد مصالحها؟ فإذا كانت مستعدة بالجنوب لدعم الثوار فهذا موقف جيد، لكن يجب عدم تبسيط الأمور، فإذا طلبنا من حزب بألا يرشح أحدا، وقلنا له نحن سنرشح هنا وأنت فقط صوت لنا. لا أعتقد أن أحدا قد يقبل مثل هذا الطرح. ثم هناك مشكلة في الحزب الشيوعي وتفكك أعضائه، إذ لا اتجاه محدداً له، ففي صور لهم رأي، وفي كفررمان رأي آخر، وفي النبطية موقف مختلف، هنا جماعة خالد حدادة، وهناك جماعة حنا غريب، وهنالك جماعة عربي عنداري. الشيوعي يعاني من عدم وحدة القرار، وبالتالي صار من الصعب التعامل معه. وهو يريد أيضا أن يرشح في كل مكان، مع أن حجمه ليس بحجم الترشيح في كل الجنوب، وأعتقد إذا تمت معالجة هاتين النقطتين فالطريق مفتوح لكل مجموعات الثورة بأن تمثل في اللوائح الموحدة”.

ماذا يفعل “حزب الله” على خط مجموعات الثورة؟

يقول عز الدين: “في ناس من حزب الله كانوا بالثورة ومعترضين على حركة أمل بشكل أساسي، وهم يزعمون أنهم مع الثورة، ولكن يجب أن لا يتحدث أحد عن “حزب الله” وسلاحه، وهو يسمح لهؤلاء بالاجتماع مع مجموعات الثورة كي يحدثوا بلبلة بشكل دائم، وغالباً ما يكون النقاش معهم أنه لا يمكن الحديث عن سيادة الدولة من دون الحديث عن سلاح “حزب الله” وضرورة تطبيق القرارات الدولية، ودائما نجد أن هؤلاء يعملون على “الحر” بين المجموعات. آخر هذه “الفنعات” دعوتهم إلى عدم ترشيح أحد من صور لأنهم أقوى منا وإذا هددونا ماذا سنفعل؟ هؤلاء غير مؤثرين ومكشوفين، لكن هنا نصل إلى موقف الشيوعيين عندما يقولون نريد الكل، فهل هذا الطرح بريء؟ بالطبع لا. وهناك من يعمل مع جميل السيد ومع شربل نحاس، مثل نعمت بدر الدين في النبطية، وبشرى الخليل في صور التي انسحبت في الانتخابات الفرعية لصالح حسن عز الدين. هؤلاء يقومون بعمليات التخريب في قلب الثورة. ومن الممكن أن يشكلوا لوائح رديفة حتى يقسموا أصوات الثوار، فهم يعتبرون أنهم يمونون على مناصريهم وقد تأتيهم أصوات من الثورة أو من المترددين أو جمهور “حزب الله” في الثورة. مثلاً يمكن أن يقول بعض الناس العاطفيين الذين قد يصوتون مثلا للخليل او لحاتم علي أو حسن حجازي أو بدر الدين بحجة أن هؤلاء ليسوا فاسدين”.

ويصف هذه المجموعات بأنها “غير فعالة، وليس لها قدرة على الحشد مثل بقية مجموعات الثورة التي هي خارج تحالف “الشيوعي، “حزب الله” في الثورة، جميل السيد وشربل نحاس، وبقايا أحزاب الممانعة”.

من هنا، يشدد عز الدين على قدرة الثوار على تشكيل لائحة موحدة في صور، الموضوع يحتاج إلى رعاية من قيادات محترمة في الثورة من خارج الجنوب، وعندها يمكن خوض المعركة، مستدركاً: “إذا لم تحصل جرائم اغتيالات وأحداث عنف وترهيب، أو تهديد لعائلات من “حزب الله” و”أمل” للناس وللمرشحين، وأنا مع إبعاد مرشحي الثورة عن الجنوب يمكن حصول انتقامات شخصية منهم، ولكن إذا كان المطلوب منهم البقاء يجب أن يبقوا. ويمكن أن نحصل على نتائج إذا حللنا إشكالية الاتفاق مع القوات والكتائب من جهة والمستقبل والعشائر العربية والتقدمي والخرق وليس فقط الحصول على نسبة عالية من الأصوات”.

من جهته، يذكر الناشط المدني بلال مهدي أنه في انتخابات 2018 بدائرة الجنوب الثانية – الزهراني، وقع خلاف بين رياض الأسعد وحمزة عبود، الذي استبعد عن لائحة المعارضة، وعقد الأسعد اتفاقا مع المرشح المسيحي العوني لكسب الأصوات، أما في صور فترشح أربعة مرشحين، ثلاثة من اليسار وسيدة تعمل مع رياض الأسعد، وأقصي مرشح الحراك حينها من اللائحة”.

ويرى أن ما حصل في ذلك الحين “هو جريمة بحق المعارضة ككل، إذ لم تحترم المشاركة المستقلة من الحراكيين أو المستقلين، إذ استبعد مرشح الحراك حينها بحجة إدخال سيدة إلى اللائحة بدلا منه، ولم يتم الأخذ بعين الاعتبار بأن تصدر اليسار لم يعد كافيا ليمثل مشهد المعارضة وحده، ولم يتم احترام شريحة كبيرة من الشباب”.

ويوضح أن “الشباب في صور اليوم يتدربون على كيفية إدارة المعركة الانتخابية، ونعمل وفق مبدأ دمج كل المندوبين في فريق واحد، بعيداً من التحالفات والمرشّحين، على أن يتم اعتماد مندوبين مدربين بمواجهة مندوبي السلطة، بغض النظر عن عدد مرشحي أو لوائح المعارضة، لحصر الخسائر الكبيرة والحد من عمليات التزوير”.

ويشير إلى أن “الثنائي لديه ماكينة مدربة وجاهزة، ولديهما اكتفاء مالي غير محدود، لا قدرة للمعارضة على مواجهته مالياً، لذلك نعتمد على المتطوعين الذين هم على استعداد لمواجهة سطوة الثنائي المسلحة التي ترهّب كل من يتطوع في ماكينات المعارضة”.

شارك المقال