هل تخوض الولايات المتحدة 4 حروب في وقت واحد؟

حسناء بو حرفوش

كم حربا تستطيع الولايات المتحدة أن تخوض في وقت واحد؟ سؤال يُطرح بالتزامن مع تبلور جبهات التوتر المحتملة مع الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية؟ الإجابة في قراءة على موقع “ناشيونال إنترست” الأميركي، تسلّط الضوء على “وضع واشنطن وسيول خطط حرب جديدة للتعامل مع تمكين القوات الكورية الشمالية. ومع ذلك، ينشغل البنتاغون أيضا إلى حد ما بحديث المحللين عن صراعات محتملة مع روسيا والصين وإيران”. فهل تستطيع واشنطن التعامل مع صراع رابع؟

وفقا للمقال، “تعمل الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية على تطوير خطة حرب عملياتية جديدة لمواجهة تهديد كوريا الشمالية (…) وتعكس مراجعة الخطة التي تعود لأكثر من عقد من الزمن، تركيزا أكبر على منطقة المحيطين الهندي والهادي (…) والتعاون الإضافي مع الحلفاء والشركاء في جميع أنحاء المنطقة لتعزيز المبادرات التي تساهم في الاستقرار الإقليمي وردع العدوان العسكري المحتمل من الصين والتهديدات من كوريا الشمالية. ومع ذلك، يثير التوقيت عددا من التساؤلات حول عدد الأزمات التي تستطيع الولايات المتحدة التعامل معها في الوقت عينه. ويأتي ذلك في ظل اجتماع الدول السبع بخصوص تهديدات روسيا لأوكرانيا (…) وعلى الرغم من أن التركيز ينصب على العقوبات الاقتصادية، يفكّر صناع السياسة بمجموعة من الخيارات العسكرية الأميركية. الأول، التسليح المكثف لأوكرانيا وإرسال قوات العمليات الخاصة إليها وتشجيع الحلفاء على اتباع الخطوات عينها (…) ثم هناك أزمة تايوان التي تعتبر أزمة خطيرة أخرى، إذ يميل المجتمع السياسي الخارجي في واشنطن بمعظمه للتدخل العسكري الأميركي في حال استخدمت الصين القوة ضد تايوان (…) خصوصا أن الجزيرة موقع استراتيجي ذا قيمة للولايات المتحدة على وجه التحديد لأنها مختلفة عسكريا واقتصاديا وسياسيا عن الصين.

ماذا يعني القتال مع الصين؟

(…) حذرت مؤسسة “راند” للأبحاث والتطوير من أن الحرب بين الولايات المتحدة والصين قد تجلب دمارا كبيرا لكلا البلدين ولشرق آسيا وللعالم. ومع ذلك، تفرّق الصين والولايات المتحدة خلافات على أساس النزاعات الإقليمية التي قد تؤدي إلى مواجهة عسكرية أو حتى إلى تصعيد العنف بين البلدين، خصوصا أن للبلدين حافزا للقيام بضربة استباقية في حالة وقوع حادثة أو أزمة ما، مع الإشارة إلى أن القوتين تمتلكان إمكانات صناعية وتكنولوجية هائلة بالإضافة إلى عدد العناصر الهائل عبر مساحات شاسعة من الأرض والبحر والجو والفضاء والفضاء السيبراني.

لكن الأمور لم تسر كما هو متوقع خلال السنوات الخمس الماضية، إذ تواجه واشنطن خطرا جادا بأن تمنى بخسارة حرب لن تكون مثل أفغانستان أو العراق مع احتمال تصعيدها إلى أسلحة نووية (…) كما ستجري أي معركة محتملة على بعد آلاف الأميال من أميركا، وعلى مئات الأميال فقط من الصين. وبالإضافة إلى الجبهة الصينية، انتشر حديثا الكلام عن صراع محتمل مع إيران. وتحولت سياسة “الضغط الأقصى” التي انتهجها الرئيس دونالد ترامب إلى كارثة، مما دفع إيران إلى الاقتراب من تطوير قدرة نووية، إن لم يكن التسليح النووي، فضلا عن تشجّع طهران لزيادة الاستفزازات في الخليج. وتعثرت حاليا المفاوضات بشأن العودة إلى الاتفاق النووي (…) وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة قادرة على كسب أي صراع بالمعنى التقليدي، إلا أن الثمن سيكون باهظا للمدنيين الإيرانيين وشعوب الشرق الأوسط والولايات المتحدة. وحذر إيلان غولدنبرغ من مركز الأمن الأميركي الجديد (CNAS) من السيناريو الأسوأ لحرب غير تقليدية وهجمات بالوكالة وانتشار الصراع والتدخل الإسرائيلي والانهيار الداخلي وإحياء الديكتاتورية والتطوير النووي المستمر.

جبهة توتر إضافية هي شبه الجزيرة الكورية، وعلى الرغم من أن جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية أصغر بكثير من الصين وروسيا، إلا أنها مسلحة جيدا وفي موقع جاهز للحرب (…) وقد حذّر الكاتب مايكل بيك نقلا عن المناورات الحربية لشركة راند من أن غزو كوريا الشمالية للاستيلاء على ترسانة كيم جونغ أون النووية أو تدميرها قد يستنزف القوات الأميركية والكورية الجنوبية. والأخطر من ذلك، قد يؤدي أيضًا إلى تدخل عسكري صيني (…) وهذا يستدعي التفكير في الافتراضات الأساسية حول الاستراتيجيات والمفاهيم التي ستستخدمها الولايات المتحدة في حالات الطوارئ الكورية”. وستكون أي حرب برية مع كوريا الشمالية معقدة للغاية مع خسائر عسكرية ومدنية كبيرة من كلا الجانبين (…) كما ستواجه القوات الأميركية مخاطر كبيرة بمواجهة خصم متفوق عدديا. وعلى الرغم من أن القوات الأميركية والكورية الجنوبية قد تنتصر في النهاية بفضل المزايا التكنولوجية الأميركية، ولا سيما في مجالات الاتصالات والتنقل والقوة النارية، لن يكون هناك مجال للخطأ.

وبينما من غير المؤكد بعد حجم وطبيعة ترسانة كوريا الديموقراطية، إلا أنها تضاعف بشكل كبير من مخاطر أي صراع قد يندلع في شبه الجزيرة (…) من دون أن ننسى التقدم السريع في كوريا الشمالية في مجال تطوير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والمخزونات الكبيرة من الأسلحة الكيماوية وبرامج الأسلحة البيولوجية. فكم جبهة تستطيع أميركا تحملها في آن معا؟ بدلا من العكوف فقط على السياسة الداخلية، سيتطلب الأمر من الولايات المتحدة وتحديدا على مستوى العلاقات الخارجية، تحديد الأولويات في النهاية، إذ لم تعد مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن قادرة على تلبية أهواء الحرب للجميع والاستعداد لخوض صراعات كبرى في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط في آن معا (…) وبالتالي ستجد إدارة جو بايدن نفسها مجبرة على العمل على مبدأ إعادة التوازن إلى آسيا والتخلي عن بعض الالتزامات العسكرية”.

شارك المقال