مثلث روسيا والهند والصين بمواجهة الغرب

حسناء بو حرفوش

نشر موقع روسي نقلا عن المحلل السياسي الروسي الشهير سيرغي ميخيف أن أي حرب مقبلة لن تكون مع الناتو، بل ستندلع بين روسيا والهند والصين بمواجهة الغرب. ووفقا للتحليل، “طلبت روسيا خلال المحادثات بين الرئيسين الروسي والأميركي، ضمانات بعدم توسع الناتو في الشرق. ورد الناتو بعدم تقديم أي ضمانات على الإطلاق، وهذا ينبئ بأن الولايات المتحدة ستستمر في التصرف على غرار العقود الماضية، مما يستدعي مجددا التمييز بين ما يقال في العلن والتطبيق على أرض الواقع”.

وحسب المحلل، “بما أن الأميركيين لن يقدموا في الواقع أي ضمانات من هذا القبيل، سيواصلون خداع روسيا. وقد تبين مؤخرا أن الأميركيين يفكرون بخيار قبول الحكم الذاتي الجزئي لدونباس داخل أوكرانيا، على الرغم من الفارق بين هذا الاقتراح وبين ما هو محدد في اتفاقيات مينسك. وأرادوا إظهار الأمر كأنه بمثابة مجاملة أو تنازل كبير لروسيا. ومع ذلك، ليست هذه سوى عملية خداع لجعل روسيا تتخلى عن دونباس. ولا شك أن الأميركيين لن يوفروا شيئا للحفاظ على صورتهم. ولن يتحركوا لتلبية أي من متطلبات روسيا: ميزان القوى غير صحيح هنا. وهم لم يلبوا متطلبات روسيا خلال الحقبة السوفياتية، ولن يفعلوا ذلك الآن.

ومع ذلك، لم تجر المحادثات عشوائيا. لقد قال جو بايدن إن الولايات المتحدة لن ترسل قوات أميركية إلى أوكرانيا. وبما أن المادة 5 من معاهدة الأمن الجماعي لحلف الناتو لا تنطبق على أوكرانيا، لن يقاتل الأميركيون من أجل أوكرانيا. علاوة على ذلك، لديهم خطة لإجلاء المواطنين الأميركيين من أوكرانيا في حالة الطوارئ. وهذا يعني أن السلطات الأوكرانية تلقت رسالة واضحة من البيت الأبيض: “إذا حدث شيء ما، لن تصيب التبعات إلا الشعب الأوكراني وهو الذي سيواجه الموت كما أن اقتصاده هو الذي سيكون عرضة للانهيار. في المقابل، سيفرض الغرب ببساطة مزيدا من العقوبات على روسيا. وهذا الواقع ليس بمثابة عزاء لأوكرانيا. هذه إحدى نتائج المحادثات بين بوتين وبايدن”.

ومن وجهة النظر الروسية، “لن تخوض أوكرانيا حربا مع روسيا من دون ضمانات بالحصول على الدعم من الدول الأخرى. ومع ذلك، لن يأتي أي دعم قريبا. ويحتاج فريق زيلينسكي للتظاهر الآن بأن كل شيء على ما يرام. لكن في الواقع، ستستمر الولايات المتحدة بمساعدة النظام الأوكراني فقط لمجرد إبقائه قائماً (…) ومع ذلك، إذا استمرت الحكومات المعادية لروسيا في أوكرانيا، ونجحت بجعل آلتها الدعائية الخاصة بها تعمل حتى يكبر الأوكرانيون الشباب على احتقار روسيا، فسيشكل ذلك مشكلة كبيرة لروسيا لسنوات عديدة مقبلة. وتحاول روسيا الآن استخدام الأزمة في أوكرانيا كذريعة للمفاوضات حول مواضيع جيوسياسية أوسع، حيث لا تقتصر الضمانات الأمنية الروسية على أوكرانيا وحدها.

المثلث الروسي – الهندي – الصيني

في المقلب الآخر، تشعر الولايات المتحدة بالقلق من التحالف الناشئ بين روسيا والصين، عدا عن القوة الهائلة التي تتمتع بها الهند. ووقعت روسيا والهند على عدد من الاتفاقيات واسعة النطاق مؤخرا. لكن إلى أي مدى يبدي الغرب استعداده لمواجهة هذا التحالف؟ ليس هناك من آفاق تعاون بين الولايات المتحدة والهند قادرة على أن تهدد روسيا، دوما حسب المحلل السياسي. والقضية تتعلق في المقام الأول بلعبة التناقضات بين الهند والصين. ويحتاج الأميركيون إلى الهند كدولة قادرة على منافسة الصين. وهناك صراع إقليمي طويل الأمد بين الصين والهند. لكن في حال تمكنت روسيا من لعب دور الوسيط واقتراح حلول للصراع، فسيشكل ذلك خرقا كبيرا في المستقبل.

وبينما لا يمكن للأميركيين أن يعرضوا وساطتهم، بامكانهم استخدام الهند للضغط على الصين لتفاقم صراع محتمل. ويمكن لروسيا أن تظهر هنا كصانعة للسلام. كما يمكن لثلاثي روسيا والهند والصين قلب ميزان القوى في العالم وإحداث منافسة جدية مع الغرب أيضا، شرط أن تكون الدول الثلاث أعضاء في منظمة شنغهاي للتعاون.

وأظهرت زيارة بوتين للهند عدم قدرة الأميركيين على استخدام الهند في ألاعيبهم المناهضة لروسيا. وتتعارض الاتفاقات التي أبرمتها الهند وروسيا في المجال العسكري بشكل مباشر مع القانون الأميركي بشأن العقوبات ضد الدول التي تشتري الأسلحة الروسية. ولسوء الحظ، أثر القانون في مبيعات الأسلحة الروسية دوليا (…) أما عن محاولة الضغط على روسيا من خلال نظام “سويفت”، فهو لن يقضي على البلاد وسيتخذ الاقتصاد الروسي في حال فصل روسيا عن النظام منعطفا دراماتيكيا نحو العملات البديلة والعملة المحلية أيضًا. وبالتوازي، ستؤثر مثل هذه الخطوة في الاقتصادات الأوروبية وحتى الأميركية عدا عن سلسلة من العواقب السلبية قصيرة وطويلة الأجل”.

شارك المقال