المجلس الأعلى والحكومة… ضرب بالرمال السياسية بنتائج وهمية

هيام طوق
هيام طوق

هو زمن الاشتباكات السياسية والعُقَد الجهنمية والأزمات اليومية وخلط الاوراق التفاهمية، إلى درجة عجز معها العارفون عن فهم ما يدور في الغرف السرية، وما هو مغزى الاحاديث والتصريحات العلنية، وربما بات الوضع أقرب الى طقوس البرّاجين والعرّافين، ليضربوا برمالهم السحرية ويخرجوا بنتيجة وهمية.

في الأمس القريب، حصلت جملة تفاهمات وصفقات لولادة حكومة على اساس انها انقاذية إلا انها اصطدمت برياح سياسية عاتية، على الرغم من الاجواء الدولية الداعمة، تعاني اليوم من شلل كلي، وهي مكبلة بألف عقدة وعقدة، وتبدو محاولات تفكيكها كمن يسير في حقل ألغام. كل ذلك يدعو الى القول ان الاسس والتفاهمات التي بنيت على أساسها الحكومة مدماكا مدماكا هي اليوم على المحك، خصوصا أن تسارع الاحداث الأخيرة التي أظهرت الشرخ الكبير بين المعنيين تنذر بالأسوأ حتى ان أحد المحللين السياسيين قال في حديث لـ”لبنان الكبير” ان الحد الأدنى من التفاهم بين الافرقاء انتهى، وان سياسة الرئيس ميقاتي في تدوير الزوايا لم تعد تنفع بعد كل ما تسرب عن صفقات وفشلها وقرار المجلس الدستوري وتداعياته، وربما سنشهد بعد الاعياد خلطا للاوراق على المستويات كافة.

واعتبر المحلل السياسي ان الحكومة، وان لم يتم اعلان استقالتها، فهي اليوم بحكم المستقيلة وان الخلاف السياسي بين أعضائها بات كبيرا، وإبطال مفاعيل الحكومة بات من داخلها في ظل اصرار الرئيس نجيب ميقاتي على عدم الدعوة الى جلسة بسبب مقاطعة “الثنائي الشيعي” لعدم زيادة الشرخ بين الأطراف. ولعل اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا خير دليل على استحالة عقد جلسة لمجلس الوزراء أقله في المدى المنظور الا اذا حصل شيء ما غير متوقع.

وفي حين يجري الحديث عن أكثر من سيناريو يتعلق بمصير الحكومة، اذ ان البعض يقول ان هناك توجه نحو الاستقالة بعد الأعياد أو ان الرئيس نجيب ميقاتي سيتخذ قرارا بالخروج منها يكون على شكل اعتكاف وليس استقالة، تؤكد مصادر الرئيس نجيب ميقاتي لـ”لبنان الكبير” ان “الحكومة مستمرة وستستمر، والتفاهمات التي على أساسها تشكلت لا تزال قائمة بمعنى ان كل من ساهم في التشكيل ما زال موجودا فيها، والعمل جار على حل المشاكل الكبيرة التي تعترضها، لافتا الى انه في الفترة الأخيرة، استجدت أمور معينة، وبات منسوب التوتر أعلى من قبل ان كان على الصعيد الداخلي أو على صعيد الشد الاقليمي إلا ان الحكومة لا تزال قائمة وتعمل عبر الوزارات، مع العلم ان معالجة أسباب عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء لا تزال مستمرة، لكن الى هذه اللحظة لم يتم التوصل الى نتيجة”.

وأشار الى ان “العمل جار انطلاقا من الفن الممكن والحلول المتوافرة. فن الممكن يتطلب منا تقطيع المرحلة بأقل خسائر ممكنة. وليس أمامنا سوى اعادة انعقاد مجلس الوزراء. وبالتالي، لا يمكن الاستسلام للواقع ولا يمكن القول ان الامور انتهت، فنحن مؤمنون انه في لحظة من اللحظات ستعود الامور الى الانتظام”.

وأكد انه “ليس هناك شبه استحالة لانعقاد مجلس الوزراء بعد كل التصعيد السياسي الذي رأيناه في الفترة الأخيرة، لافتا الى ان الرئيس نجيب ميقاتي سيستمر في لعب دوره الوسطي لتخفيف الصدام، ومحاولة الاستمرار بالسعي لحل المشاكل، ولن تكون الصيغة التي يعمل عليها سوى صيغة وسطية وليس صدامية، وهو ما زال على تواصل مع الرئيس نبيه بري كما مع مختلف القيادات السياسية”.

وشدد على ان “انعقاد المجلس الاعلى للدفاع لا يحل محل الحكومة ولا يأخذ قرارات من صلاحية الحكومة بل هناك قرارات تفعّل على مستوى الوزارات وأخرى بحاجة الى انعقاد الحكومة ترحّل الى حين انعقادها”.

وجزم مصدر سياسي ان “الحكومة لن تجتمع والمسؤولية يتحملها “الثنائي الشيعي”. والتفاهمات التي تشكلت على أساسها الحكومة لم تسقط نهائيا، لكن طغى عليها ما هو أهم أي التحقيق في المرفأ، لافتا الى ان الرئيس ميشال عون كعادته يحاول ان يرأس المجلس الاعلى للدفاع لاتخاذ القرارات، والمفارقة ان الحكومة غير مستقيلة لكنها لا تجتمع”.

وشدد على انه “في المرحلة الراهنة لا يمكن الحديث عن الأمل لان الوضع لا يبشر الا بأفق مسدود وكأن جهنم تأتي الينا ولسنا نحن الذاهبون اليها”.

من جهة أخرى، وفي ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء، عقد المجلس الاعلى للدفاع اجتماعه في القصر الجمهوري برئاسة رئيس الجمهورية وحضور الرئيس ميقاتي وعدد من الوزراء، واتخذ بعض القرارات التي تتعلق بالأوضاع العامة وذات الطابع الأمني إذ اعتبر الخبير الدستوري سعيد مالك ان “هذا الوضع غير صحي حين يجتمع المجلس الاعلى للدفاع في ظل وجود الحكومة اذ انه مبدئيا من المفترض ان تجتمع الحكومة لأنها هي التي تدير البلاد والعباد. المجلس الاعلى للدفاع هو هيئة مشكلة استنادا الى قانون الدفاع الوطني، وبالتالي صلاحياتها محددة لا يمكن ان تحل محل الحكومة على الاطلاق”.

وأشار الى ان “المجلس الاعلى للدفاع يجتمع في حالات محددة ومعينة وصلاحياته محصورة بأمور محددة خلافا للحكومة. في حال اتخذ قرارات، هذا يعتبر مخالفة لأنه لا يمكن ان يأخذ أي مقررات خارج اطار صلاحياته والا يعتبر تعدّيا على صلاحيات الحكومة. يفترض ان تجتمع الحكومة وهي من تتخذ القرارات ولا يمكن ان يحل مكانها المجلس الاعلى للدفاع وما نراه تجاوزا للقانون”.

شارك المقال