مجلس وطني وجبهة سيادية لانهاء الاحتلال الإيراني

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

يبدو ان شعار تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني، سيكون عنوانا أساسيا في السياسة لإنقاذ البلد من أزماته وإعادة الاعتبار الى الدولة اللبنانية التي همّشها حزب الله بإقامة دويلته وتوسيعها شيئا فشيئا، حتى ابتلع كل المؤسسات تقريبا ودفع باللبنانيين الى الهاوية.

الأسبوع الماضي، أعلن “لقاء سيدة الجبل” إطلاق “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني”، وكان قد اعلن سابقا من مقر حزب الوطنيين الاحرار عن “الجبهة السيادية من اجل لبنان”، العناوين المشتركة كانت تركز على ضرورة وضع حد للاحتلال الإيراني من خلال العمل على تنفيذ القرارات الدولية، ورفض جر لبنان الى الخندق الإيراني، ورفع هيمنة سلاح “حزب الله” على القرار اللبناني، وانهاء الوصاية الإيرانية.

وللاضاءة على الموضوع، توضح عضو “لقاء سيدة الجبل” الدكتورة منى فياض لـ”لبنان الكبير” ان “فكرة المجلس الوطني لم تنبثق من العدم، بل أملتها التجارب التاريخية التي مرّ بها لبنان. ففي كل مرة يتعرض لبنان لاستحقاق تاريخي لا ينقذه سوى الوحدة الوطنية، بين مكونيه الاساسيين، المسيحي – الاسلامي. منذ الاستقلال والميثاق الوطني حتى اتفاق الطائف الذي أرسى الميثاق مطوراً: لبنان وطن نهائي بجناحيه، عربي الهوية والانتماء. وهذه هي الغاية من المجلس الوطني وبسبب ما يقوم به حزب الله من دفع البلد نحو التشرذم والانقسام الطائفي، الى نداء المطارنة الموارنة الذي في مرحلة قرنة شهوان وجدت من اجل حوار وطني جامع”.

وتؤكد أن “المطلوب الآن حوار وطني جامع. والعودة الى قرنة شهوان للتذكير ان الأمر انطلق مع النداء الشهير الذي أطلقه مجلس الموارنة بزعامة البطريرك صفير في 20 ايلول 2000، وكان مطلب خروج الجيش السوري من لبنان مطلبا مسيحيا او كنسيا على الاقل حينها. لكن قرنة شهوان جعلت منه مطلبا مسيحيا، وعملت من اجل ان تجعل منه مطلباً وطنياً من خلال مصالحة الجبل ومن خلال تأسيس “لقاء البريستول” الذي جمع لبنان بجميع مكوناته. ولقد أظهرت المحكمة الدولية أهمية هذه الوحدة الوطنية التي تحققت في البريستول وأكدت أن القرار باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري اتخذ عندما انضم الى البريستول وبالتالي عندما انجزت الوحدة الداخلية”.

وتضيف: “خرج الجيش السوري من لبنان من خلال انتقال هذا العنوان من عنوان كنسي الى مسيحي الى وطني جامع لغالبية اللبنانيين، لأن قرنة شهوان فشلت عندما حاولت ضم المكون الشيعي الممثل بحركة امل وحزب الله من خلال اللقاء اللبناني للحوار بدءا من عام 2001 في مونترو في سويسرا”. وتلفت الى ان “تجارب الماضي وطبيعة لبنان بتنوعه الطائفي والسياسي، بينت ان السيادة تُنتقص كلما اختلفت مكوناته الطائفية. وهذا يرتبط بشكل وثيق بالوحدة الداخلية التي اذا اهتزت او تراجعت تراجع الاستقلال والسيادة. ما يدعم السيادة والاستقلال ويؤكدها كل مشروع يجمع مكونات لبنان المنوعة بهدف حماية العيش المشترك. ان استدعاء اي فريق داخلي للخارج كي يشكل معه مشروع غلبة على حساب العيش المشترك والوحدة الداخلية، يؤدي الى انتقاص السيادة والاستقلال. واليوم نرفع مطلب رفع يد الاحتلال الايراني عن لبنان. لن ينجح هذا اذا كان مختصا بطائفة او جماعة واحدة او حزب او فريق”.

وتفيد بأن “طرح مطلب رفع يد الاحتلال الايراني عن لبنان لن ينجح اذا كان مختصا بطائفة او جماعة واحدة او حزب او فريق سياسي. انه مشروع ومسؤولية وطنية جامعة ويرتبط، كما كانت رفع الوصاية السورية عن لبنان، بالوحدة الداخلية. وعلينا العمل لكسب الرأي العام بمختلف مكوناته”.

وتوضح ان “من ميزات ووظائف واهداف المجلس الوطني جمع الطاقات. كيف يعاد تكوين الوحدة الداخلية؟ ليس من خلال وضع اشخاص جنبا الى جنب، بل من خلال الالتفاف حول النصوص المرجعية اي الدستور اللبناني ووثيقة الطائف، بمعنى ان من يعتبرون ان الدستور تجاوزه الزمن وان وثيقة الاتفاق الوطني اصبحت منتهية الصلاحية لا ينتسب الى المجلس الوطني. كذلك من يعتبر نفسه مسلما فقط او مسيحيا او فينيقيا وليس لبنانيا عربيا لا ينتسب الى المجلس الوطني، ويضاف الى النصوص المرجعية قرارات الشرعية الدولية. هذه هي النصوص المرجعية التي يستند اليها المجلس الوطني لإعادة تكوين الوحدة الداخلية. وعمله من خلال اللجان للعمل على مستوى قطاعات مناطق ومستوى سياسي عام. أما بالنسبة للثورة فجميعنا نعلم انها لم تتجمع تحت شعار واحد، ككل الثورات. من معنا من الثورة هم الأطراف السيادية التي تسمعونها تطالب بإخراج إيران من دائرة التأثير الداخلية”.

ويشرح عضو اللقاء طوني حبيب ان “فكرة المجلس الوطني لرفع الاحتلال الايراني عن لبنان تبلور مع دخول البلد في الأزمة المعقدة السياسية والاقتصادية – المعيشية والاستشفائية”. ويقول: “لم يكن لدينا شك أن وضع يد حزب الله على القرار السيادي في لبنان سيقود البلد إلى كارثة، ولذلك كنّا أول من طالب برفع الاحتلال الايراني عن لبنان. فقد كان لدينا قناعة بأن تسليم القرار السيادي سيكون له تبعات على كافة الصعد وقد حذّرنا مراراً من هذا الأمر، على الرغم من تهديدات حزب الله المتكررة”.

ويضيف: “قراءتنا للوضع الذي وصل إليه لبنان تختلف عن مجال الرؤى الداخلية والخارجية، فنحن مقتنعون بأن السبب الأول لتدهور الأوضاع هو الاحتلال الايراني، وهو الذي يغطّي الفساد والسرقات على المستويات كافة. وللخروج من هذه الأزمة لا بد من توحيد الرؤية السياسية أولاً، وهو ما نعمل عليه في المجلس الوطني، وثانياً لا بد من العمل على تجديد الوحدة الداخلية حول هذه الرؤية. لا يمكن تحقيق الهدف من دون وحدة داخلية وطنية، فعملية رفع الاحتلال هي مسؤولية وطنية مشتركة لا يستطيع تحقيقها أي من الأفرقاء اللبنانيين منفرداً”.

وينفي القول أن البطريركية المارونية تؤمن لنا الغطاء، مستدركا “لكن عملنا يتم بالتنسيق مع البطريرك ونحن نضعه في جو الخطوات التي نقوم بها. وبالطبع نقوم بالاتصال بجميع من يتوافق معنا بان رفع الاحتلال الايراني عن لبنان هو أولوية، كما أن بالنسبة لنا هناك ثلاثة ثوابت لا يمكن المفاوضة بشأنها وهي أولا ان الحل يبدأ بالوقوف بوجه الاحتلال الايراني الذي هو السبب الأول في أزمة لبنان، وثانيا الوحدة الداخلية هي الداعم للقيام بهذه المواجهة، وثالثا الوحدة الداخلية تقوم على الإلتفاف حول الشرعيات الثلاث: الوطنية: وهي الدستور المنبثق من وثيقة الوفاق الوطني في الطائف (لا مجال اليوم لفتح سجال تطوير الدستور لوجود السلاح مع فئة من اللبنانيين، مع العلم أن هذه الفئة غير موافقة على هذا الدستور)، العربية: وهي احترام الحدود لكل الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية واحترام المواثيق المشتركة، وأخيرا الدولية: وهي متمثلة بالقرارات ذات الصلة بلبنان وتحديداً 1559، و1680، و1701”.

من جهته، قال أمين الداخلية في حزب الوطنيين الاحرار كميل جوزف شمعون من “الجبهة السيادية من اجل لبنان”، ان هذه الجبهة ليست جبهة مسيحية، هي تكونت من عدة أطياف مسيحية وإسلامية متعددة الأراء منذ البداية، انضم اليها فيما بعد اللواء اشرف ريفي والنائب فؤاد مخزومي وشخصيات إسلامية ومن المجتمع المدني. صحيح مروحة التمثيل واسعة لكنها معبرة لان هؤلاء التقوا على مبدأ تحقيق سيادة لبنان من موقع وطني، وصحيح ان بكركي باركت هذا الجهد لا بل طالبت فيه”.

ويعتبر ان مطالبة “حزب الله” بأن يكون حزبا لبنانيا مثل بقية الأحزاب وان يقدم العلم والخبر الى وزارة الداخلية وفقا لذلك، لا ان يكون حزبا إيرانيا في لبنان، لا يمكن القبول بحزب يدعي انه لبناني فيما هو يعمل لصالح الولي الفقيه ويجاهر بانتمائه له وبان ايران تموله، عليه العودة الى الدستور والتصرف وفق القوانين اللبنانية والا يكون ما يفعله خيانة وطنية يحاسب عليها القانون، هذا ما نريده من حزب الله”.

شارك المقال