فتفت لـ”لبنان الكبير”: إستعادة الدولة يخرجنا من الجحيم

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

“دائما هناك أمل للإنسان”، هذا ما يراه النائب السابق احد فتفت عندما سألناه عما إذا كان هناك امل للبنان للخروج من الجحيم، مؤكدا إنه “لا يمكن للإنسان أن يفقد أمله في أي لحظه وتحديدا عندما يعمل في الشأن العام”.

لكن لا بد من شروط لتحقيق ذلك، يجيب فتفت في حديثه الى “لبنان الكبير”: “الشرط الأساسي للخروج من الجورة التي واقعنا فيها، هو إستعادة الدولة لمكانتها، ولا يمكن ان تستعيد الدولة مكانتها، في ظل وجود احتلال إيراني للبلد ووجود ميليشيا مسلحة لحزب الله تنتهك الدولة، وبالتالي لا مقومات للخروج من المأزق، طالما نراوح مكاننا في التعاطي مع موضوع السلاح غير الشرعي لدى حزب الله الذي جرّ لبنان الى المحور الإيراني وابعده عن المحور العربي وعن تاريخه وعلاقاته الدولية المنفتحة”. ويصف هذه المشكلة بــ”المرض العضال الأساسي، الذي لولاه لما حدث فساد كما نراه اليوم ولما توسع، لولاه لما حصلت انتهاكات امنية وما شابه، بالتأكيد نحن امام بلد مسروق وفاسد وهذا له سبب أساسي وهو غياب مكون الدولة، وفي ظل هيمنة الميليشيا والاحتلال لا يمكن ان يكون هناك مكونا حقيقيا للدولة”.

لا يعتقد فتفت بإمكان حل مشكلة لبنان عبر إتفاقات خارجية فقط، “فكل دولة تعمل مصالحها، وليس هناك دولة “كاريتاس”، في السياسة والعلاقات الدولية هناك مصالح فقط” على حد قوله، مستدركا: “”فقط يمكن حل الأزمة، إذا كان هناك فكرا وطنيا لبنانيا يقول ان الوضع في البلد سيتحسن ويمكن انتشاله من الأزمة، اذا انتعش المجتمع اللبناني سياسيا وثقافيا واقتصاديا، وهذه الفكرة تحتاج الى تفكير من نوع سياسي مختلف”.

وحسبه، ان المشكلة ليست فيما سيفعله رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، سائلا: “هل الحكومة قادرة على ان تفعل شيئا في ظل هذا الواقع، حتى لو أخذت قرارات فهي عاجزة عن تنفيذها، هناك مقتضيات لذلك، فكيف يساعدنا المجتمع الدولي اذا لم يتم وضع حد للدويلة”.

وبرأيه “هناك انهيار اقتصادي متواصل منذ 2011 حتى اليوم، تفجر عام 2019 بشكل واضح، حيث ننام ونستيقظ كل يوم على إنهيار جديد، ومرت ثلاث حكومات، حكومة الرئيس سعد الحريري، حكومة الرئيس حسان دياب وحكومة الرئيس نجيب ميقاتي، كل حكومة تركيبتها مختلفة، ولم تستطع أي حكومة القيام بأي عمل، اذا المشكلة ليست بالاشخاص، بل بالتوجه السياسي العام المسيطر على البلد، وانا استغربت كثيرا بكل صراحة، عندما تبرع نجيب ميقاتي ان يعمل رئيس حكومة، لاني كنت ادرك انه سيفشل، ربما رأى البعض أن ميقاتي كشخص قد يمارس مهام رئاسة الحكومة بشكل مختلف وربما يكون افضل بكثير من الرئيس دياب، لكن بالنتيجة لا إنتاج، ليس لانه لا يريد ولكن لأن الوضع السياسي العام بالبلد لا يسمح بأي انتاج فعلي ولا بإخراجه من أزماته”.

ويصف فتفت لبنان بأنه “بلد يشبه بيتا رائعا، بمنطقة جميلة عندو سقف قرميد وملبس حجر وفيه كل الأجهزة، بيسوى مليون دولار، نأتي نحن ننتهكه، نكسر القرميد والزجاج وندمر الحجر، فيصبح سعره 100 الف دولار، هذا ما يفعله حزب الله في لبنان، حزب الله يدمر تدريجيا الأسس البنوية للدولة، حتى يصبح ثمنها رخيصا ولا يعود أحد مهتما بأمره وهو يحقق نجاحات بذلك، بسبب أخطاء قسم كبير من اللبنانيين، لانهم لم يتعاطوا مع هذا الملف بجدية وبنهج يعالج المرض الأساسي، بل تعاطوا معه بنهج توزيع السلطة ومغانمها”.

يفضل فتفت تسمية الأمور بأسمائها، لذلك يصارح بالحقيقة: “حزب الله يتميز ويتمايز عن الفرقاء الآخرين في كل لبنان ان لديه مشروعا سياسيا، وتوجهه الاستراتيجي واضح، بينما كل الأطراف الأخرى، اطراف تنظر للسياسة من منطق توزيع مغانم السلطة وليس من خطر المشروع السياسي للحزب الذي يجعله متفوقا على الجميع، والقول أن حزب الله محشور غير صحيح، اللبنانيون والدولة اللبنانية محشورون اكثر منه بكثير، الدليل ان لا احد يجرؤ على تسمية الأمور كما هي عندما يكون في موقع السلطة والتأثير بالقرار، بل يرضى بمشاركته السلطة”.

ويشير فتفت الى ان “حزب الله منذ نشأ يسمي نفسه المقاومة الإسلامية في لبنان وليس المقاومة الإسلامية اللبنانية، أي هو مرتبط بالمقاومة الإسلامية بالعالم، انطلاقا من طهران، وأمينه العام افصح بشكل علني وصريح ان حزبه ممول من إيران، وقال نحن نأخذ معاشاتنا ومصرياتنا وسلاحنا من إيران، نحن ملتزمون بولاية الفقيه، يعني ملتزمون بكل ما تقوله إيران، وعلى الرغم من ذلك هو يتهم بقية اللبنانيين بانهم عملاء سفارات ان هم ركبوا طاقة شمسية في مدرسة او عملوا على إضاءة إشارات ضوئية لانها بتمويل أميركي ويتهمهم بالخيانة والعمالة”.

ويستدرك: “هذه الحكومة ستفشل ولن تستطيع فعل شيء. لان وضعنا مرتبط بالوضع الإقليمي، فإذا تطور الوضع الاقليمي ونحت المفاوضات في فيينا باتجاه إيجابي بالنسبة لإيران، ممكن تتسهّل بعض الأمور ويتحسن الوضع وممكن حصول العكس أيضا، إذا ساءت المحادثات ولم تصل الى نتيجة وبالتأكيد نحن اول من سيدفع الثمن”.

يشدد فتفت على ان “التجارب السياسية لا تُعاد في التاريخ”، معتبرا عندما نسأله عن فكرة إنطلاق المجلس الوطني لانهاء الاحتلال الإيراني وعما إذا كانت تكرارا للتجربة التي أنهت الوصاية السورية، أن “الوضع التاريخي مختلف والمعطيات مختلفة. عام 2005 كنا امام احتلال سوري ووجود عسكري سوري، ولذلك مطلب اخراج الجيش السوري كان واضحا. اليوم، المشكلة خارجية وداخلية في الوقت عينه. اعتقد أن هناك أفقا كبيرا كثيرا للتجربة الجديدة، يكفي ان نرى انه عام 2019 عندما انطلقت الانتفاضة كما اسميها وليس الثورة لأنها لم تمتلك مقومات الثورة الاجتماعية والقيادية، لم يكن هناك من يتجرأ على أن يقول كلمة على سلاح حزب الله حتى حصول انفجار 4 آب، إذ بدأ الناس يتجرأون وينتقدون السلاح غير الشرعي ودوره بتغطية الفساد وبضرب الاقتصاد، الوضع مختلف اليوم، كلمة احتلال ايراني تتكرر على الألسنة، عندما كنا نحكي عن ذلك منذ اربع سنوات مثلا، كانت الناس تستهزئ بالفكرة اليوم لا، كل الناس تأخد هذا الأمر بجدية، وبالتالي هناك مجموعات تعمل اليوم على إضاءة الطريق لرؤية المشكلة الكبيرة أي الاحتلال الإيراني والسلاح غير الشرعي الذي تسلط على الدولة وحمَى الفساد ومنع تطور البلد. هذه الفكرة مشيت. لكن نحن نحتاج الى تجمع سيادي اكبر بكثير. لقد اطلقنا فكرة المجلس الوطني الذي لن يكون تحت قيادة معينة. فالقيادة للناس، ولن يستمر أحد على رأسها بشكل مستمر، أي سيكون هناك تداول للسلطة”.

ويضيف: “إننا نحاول القيام بتجربة سياسية مختلفة عن التجارب السياسية اللبنانية لان المرحلة تقتضي ذلك، ولا نقول نحن الوحيدون السياديون ابدا. نحن نقول ان هناك سياديين كثرا ويدنا ممدودة لكل سيادي ونصفق له. نحن نؤمن بالدستور، باتفاق الطائف فهو ركيزة السلم الاهلي ونؤمن بالشرعية اللبنانية والشرعية الدولية ومع تنفيذ كل القرارات الدولية، ونرى اليوم أن البيان الفرنسي – السعودي كان واضحا في أهمية حل مشكلة ميليشيا حزب الله وتسليم سلاحها للشرعية اللبنانية، عدة أطراف في الخليج بدأت تحكي هذا الامر، طبعا ذلك لن يحصل سريعا ويحتاج الى نضال سياسي ونفس طويل ولن ينجز في سنة او سنتين. وبالطبع يجب ان نتذكر انه بعد انتخابات العام الفين، جرى اول حديث عن السيادة وإخراج الجيش السوري، تشكلت قرنة شهوان، حصلت مصالحة الجبل ومن ثم الانتفاضة اثر اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. أي قضينا خمس سنوات. حتى استطعنا الوصول الى نتيجة. موضوع التخلص من الاحتلال الإيراني يحتاج الى نفس طويل وهذا الفكر السيادي يسير في الطريق”.

ويستدرك فتفت: “حزب الله محرج بالسياسة لكنه ليس محشورا لأنه يعرف ان بإمكانه وضع سلاحه بالارض ساعة يشاء ولا يمكن ان يقول له أحد شيئا. كان عنده غطاء كتير كبير عام 2006 متعدد الطوائف، لكنه انحسر بدءا من عام 2011، صورته في الشارع المسيحي تراجعت كليا. لديه أزمة مع الشارع السني، يعني يجب عليه التنبه بشكل دائم من سلوك يودي الى فتنة سنية – شيعية. ومشكلته امتدت الى الشارع الشيعي، مع تفاقم الأزمة الإقتصادية. المعركة مع حزب الله سياسية لان لا احد يريد حمل السلاح او هو قادر على ذلك او لديه رغبة في تدمير البلد من جديد، لذلك نقول بمعركة سياسية لتحقيق السيادة معركة تحتاج الى نفس طويل والى تضحيات”.

شارك المقال