شبح “داعش” إلى طرابلس من جديد: من يُنقذ أبناءنا؟

إسراء ديب
إسراء ديب

لم يلق الخبر الذي نُشر إعلاميًا منذ أشهر عن اكتشاف الأمنيين لخلية داعشية في طرابلس أيّ رد فعل رسمي وأمني يوضح ماهية تفاصيله وانعكاساته، أو تُنبئ على الأقلّ بأيّ خطوة وقائية من هذه الظاهرة المخيفة التي سبق أن أحدثت “بؤرة مهدّدة” للمدينة وشبابها لأعوام عدّة، نظرًا لقدرة هذه الموجة الخطيرة على جذب عدد كبير من الشبان إلى “مستنقعها الأسود”، وهي تُعدّ اليوم من أخطر الظواهر التي تُهدّد البلاد في ظلّ الانفلات الأمني والحدود السائبة، مما يُتيح للخارجين عن القانون استغلال كلّ الظروف تنفيذًا لأجنداتهم الخطيرة.

ومنذ ساعات، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي خبر يُشير إلى مقتل شابيْن طرابلسيين أحدهما من القبة والآخر من التبانة في العراق، حيث كانا قد التحقا بتنظيم الدولة الإسلامية في الفترة الأخيرة بغية القتال ضدّ الجيش العراقي الذي قتل مجموعة تنتمي إلى داعش، وفق المعلومات التي كانت متداولة وأكّدتها مراجع عدّة لـ “لبنان الكبير”. 

تفاصيل الخبر

حسب معلومات “لبنان الكبير” فإنّ أحد هؤلاء الشبان “توجه إلى العراق منذ أسابيع عدّة مع مجموعة من الشباب هربًا من حملة اعتقالات أمنية حصلت عقب عملية إطلاق النّار التي أصابت وقتلت العنصر السابق في مخابرات الجيش اللبناني أحمد مراد الملقّب بـ”ابو زياد مراد” في طريق المئتين (مع العلم أنّ هذا الشاب لا علاقة له بهذه الجريمة وفق المعلومات)، أمّا الشاب الآخر فقد توجه إلى العراق منذ حوالي الشهر ونصف الشهر مع مجموعة شباب آخرين متأثرًا بأفكار هذا التنظيم”.

ويُؤكّد مصدر لـ “لبنان الكبير” أنّ مجموعات من الشبان توجهت إلى العراق عبر سوريا أيّ عبر الطريق البريّ لا البحري وعددهم يصل إلى ما يُقارب الـ 50 شابًا منذ شهرين أو أكثر، منهم من سلك طريق وادي خالد، ومنهم من سلك حدود البقاع للوصول إلى المناطق الحدودية بين سوريا والعراق وتحديدًا عند البادية، وهم شبان تراوح أعمارهم ما بين 16 و20 عامًا ذهبوا بدفعات إلى العراق”.

ولا تُخفي بعض المراجع الدينية لـ “لبنان الكبير” حذرها وتخوّفها الشديدين من احتمال إعادة السيناريو القاتم الذي قام عليه تنظيم “فتح الإسلام” سابقًا، مؤكّدًا أنّ الأجهزة الأمنية غالبًا ما تربط وجود هذه الظاهرة بشبكة الانترنت وهي افتراضية تحمل جدّية ما لكنّها ليست الوحيدة، “فكلّ الظروف القاسية في لبنان تُؤدّي إلى استغلال نقاط الضعف لدى هؤلاء الذين لا يحملون في قلوبهم شرًا لأحد، بل هم أساؤوا استثمار فهمهم للدين عبر من تمكّن من غسل دماغهم، ويُمكن القول أنّ غسيل الدماغ أصعب وأقوى بكثير من الحبوب والمخدّرات، فضلًا عن تأثر هؤلاء بالهجرة غير الشرعية، والفقر والذل، والحبوب المهلوسة التي تنشرها مراجع معروفة في البلاد بأهدافها…”.

الشبان… يختفون بشكلٍ مفاجئ!

يلفت عدد من الأهالي إلى أنّ أولادهم اختفوا بشكلٍ مفاجئ من منازلهم، واتصلوا بهم عند وصولهم إلى العراق. ويُمكن التأكيد أنّ هذه الظاهرة كانت قد درجت سابقًا تحديدًا عام 2014 واستغلّت عددًا من الشبان الذين توجهوا إلى سوريا في حربها والعراق، “وكانت العائلات الطرابلسية ضحية أفكار لم تزرعها تربيتهم في أطفالهم، بل زرعتها بعض الشخصيات الدينية التي كانت تُحكم قبضتها على الشبان برسائل دينية متطرّفة قُتلوا بسببها، ووضعت الأهالي تحت الرقابة الرسمية خاصّة عندما يتواجد في المنزل الواحد أكثر من شاب، لكن اليوم يوجد استغلال مادي يُضاف إلى عملية غسل الدماغ التي تستغلّهم لتنفيذ مخططات عالمية وتضعهم في واجهة الأحداث، مشدّدًا على أنّ الأجهزة الأمنية لا تقوم بمتابعة هذا الأمر بدقة واهتمام أبدًا”.

وفي حديثٍ مع طرابلسي هرب ابنه (الذي يبلغ 19 عامًا) مع داعش منذ شهرين إلى العراق، يقول لـ “لبنان الكبير”: “تحدّثنا مع محاميين ومع مرجعيات سياسية، ودينية، وأمنية لإنقاذ أكثر من 60 شابًا كانوا قد قتلوا على فترات في الخارج خدمة لهذا التنظيم الذي لا ينتمي لديننا بصلة، ولقد قمت بتربية ابني بشكلٍ سليم وعلى أسس صحيحة، لكن في الفترة الأخيرة وبعد أن تغيّر للأفضل بعكس شبان آخرين، اختفى من المنزل فجأة وقمنا بإبلاغ الدّولة بذلك، لكنّه اتصل بنا من العراق وطلب منّا أن نسامحه ولم نسمع صوته ولم نره بعد ذلك أبدًا، وهذا ما يُثير خوفنا كلّ هذه الفترة الزمنية”، مضيفًا: “صحيح نحن ندرك مصير من ينتمي إلى هذه المجموعات، لكنّنا نطالب كلّ الأجهزة الأمنية بضرورة التدخل لنعرف مصير أبنائنا ولحماية الشبان الآخرين الذين لن يتمكّنوا من العودة بعد سلوك هذا الطريق أبدًا”.

أمّا والدة شابين كانا قد قتلا منذ أعوام، أحدهما في العراق والثاني في سوريا وهما من القبة أيضًا، فتُشدّد لـ “لبنان الكبير” على ضرورة قيام الأهالي بمراقبة أبنائهم ولا سيما من بعض رجال الدّين الذين استغلّوا الثورة السورية والأحداث العراقية ليكسبوا أموالًا على رأس كلّ منهم.

من جهته، تمكّن أحد سكّان البداوي من إنقاذ ابنه منذ فترة “بعد اكتشافه أنّه يتعاطى حبوبًا مخدّرة ويتواصل مع أحد قيادات التنظيم، مما دفعه إلى إبعاد ابنه إلى محافظة أخرى لمعالجته وإنقاذه من أجواء كادت تودي بحياته”، حسبما يقول لـ”لبنان الكبير”.

شارك المقال