التعطيل يُصيب ثروة لبنان النفطية

محمد شمس الدين

أعلنها وزير الطاقة آنذاك ريمون غجر أن التنقيب عن الغاز الذي قامت به شركة توتال في الحقل الرقم 4 كان سلبيا. خيبة أمل تعرض لها اللبنانيون، لكونهم يعولون على الغاز لانتشال البلد من الأزمة الاقتصادية والمالية التي حلت به، تحديدا بعد حملة “لبنان دولة نفطية” التي أطلقها العهد عند بدء توقيع العقود. فمن يتحمل مسؤولية التأخير عن التنقيب؟ وهل حقول لبنان لا تحتوي على كميات غاز تجارية؟

خواجة: باسيل وورثته يتحملون المسؤولية

حمّل عضو كتلة التنمية والتحرير النائب محمد خواجة، في حديث لموقع “لبنان الكبير”، “الوزير جبران باسيل وورثته في وزارة الطاقة مسؤولية التأخير الذي حصل في ملف التنقيب عن النفط. الطريقة التي تم التعاطي بها في هذا الملف تفتقد إلى الرؤية والمصلحة الوطنية، وطغت عليها المصالح الخاصة والكيدية، إذ أصرّ التيار الوطني الحر على البدء من البلوك الرقم 4، بينما المنطق عند أي دولة في العالم هو البدء من المناطق المتنازع عليها، التي يمكن أن يتم فيها السطو على الثروة النفطية، وهو ما يحصل اليوم حيث يقوم العدو الاسرائيلي بالسطو على الغاز الذي هو من حق لبنان، عدا عن ذلك أن كل الدراسات كانت تقول أن البلوكات الحدودية واعدة بكميات الغاز التي قد تكون تحتويها، لذلك يجب مساءلة ومحاسبة باسيل والوزراء المتعاقبين بسبب سوء إدارتهم لهذا الملف، ولو أن العمل بدأ منذ 2011 كما هو مفترض، لكان لبنان منذ 3 سنوات بدأ يجني ثمار التنقيب، ولربما كانت الأزمة الاقتصادية الحاصلة اليوم لم تحدث أبدا”.

ولفت خواجة إلى “تلكؤ الشركات النفطية الملزمة، التي خالفت البرنامج المتفق عليه معها، مستغربا غياب الحكومة عن مساءلتها، مشيرا أن حجة كورونا لا تنفع، فالعالم كله أُصيب بهذا الوباء، وهو إن كان سبب هلع في البداية إلا أن العالم بعد بضعة أشهر تكيف معه، وبقيت الشركات في العالم تنقب وتستخرج النفط، وقد يكون سبب تلكؤ هذه الشركات هو ضغط أميركي أو اسرائيلي، تحديدا أن أميركا لن تحبذ أن يدخل لبنان نادي الدول النفطية وهي تضع عليه حصارا”.

القيسي: لبنان أضاع الفرصة الذهبية

من جهتها، أشارت عضو الهيئة الاستشارية في المبادرة اللبنانية للنفط والغاز ديانا القيسي إلى أن “لبنان يملك اليوم صفر غاز، وبدلا من التعامل مع الملف من الجهة التقنية، يتعرض للتسييس، وتركض الأحزاب السياسية من أجل محاولة جعله إنجازا تنسبه لنفسها، وهي ذهبت إلى مؤتمر “سيدر” تطلب أمولا على اعتبار أن لبنان يملك مخزونا نفطيا”. واعتبرت القيسي أنه يجب على مجلس النواب محاسبة الحكومة على التأخر 4 سنوات بإصدار المراسيم، بينما العدو الاسرائيلي استغل الفرصة وبدأ الاستفادة من البلوكات النفطية. ورأت القيسي أن لبنان أضاع الفرصة الذهبية، ففي 2013 كان سعر برميل النفط يفوق الـ100$، وكانت شهية المستثمرين قوية، بعكس اليوم.

تقنيا، تؤكد القيسي أن عدم وجود كمية تجارية في التنقيب الأول لا يعني أن البلوكات لا تمتلكها، بل إن الأمر طبيعي جدا في عملية التنقيب، فهناك شركات في العالم بقيت تنقّب 10 سنوات حتى وجدت مخزونا نفطيا، بينما شركات استطاعت إيجاد مخزون نفطي عند حفر أول بئر.

وتابعت: “العتب اليوم على وزارة الطاقة وهيئة إدارة النفط بسبب التكتم على النتائج حتى الآن، فهي صدرت منذ تشرين 2020، وليس مفهوما تأخير الإعلان عن النتيجة حتى الآن، أولا هل واجهت الشركات عوائق خلال عملية التنقيب أو لا؟ إلى جانب تفشي كورونا الذي عطّل العمل في كل دول العالم. وثانيا انفجار مرفأ بيروت، فإن قاعدة التموين كانت ملاصقة للعنبر الرقم 12، وبالتالي لم تستطع شركة توتال الالتزام بالموعد المحدد للتنقيب في البلوك الرقم 9 في أيار 2021، لكن الدولة اللبنانية أعطتها تمديدا حتى آب 2022”.

الخلافات السياسية تحصل في كل بلاد العالم، لكنها لا تتسبب بتعطيل المشاريع، تحديدا تلك المتعلقة بمصلحة الدولة العليا، أما في لبنان، البلد المحكوم بفيتوات طائفية بارتباطات إقليمية، كل المشاريع تدخل البازار السياسي، ويتم تعطيلها أو المماطلة بها، حتى لو كانت ذات أولوية قصوى للدولة وشعبها، الذي يعيش اليوم في جهنم بسبب سوء إدارة الحكم.

شارك المقال