لماذا انتصر هشام أبو هواش؟

زاهر أبو حمدة

141 يوماً. تخيل الفعل قبل الرقم. هنا الفعل هو المنع الذاتي عن الطعام والشراب. وفي العمق أن تقول لدولة نووية: لا. والهدف: الحرية. كم مكلف هذا الهدف؟ وكم نحن أمام هذا الفعل أقزام. هشام أبو هواش: درس بلا معلم. صفحة بيضاء ينتصفها خط واضح كُتب بالصبر: الارادة هي القرار، والقرار هو الانتصار.

صحيح أن الأسير الحر أبو هواش، ليس أول من يخوض معركة الأمعاء الخاوية ولن يكون الأخير، لكن توقيت إضرابه عن الطعام والاستمرار فيه أخذ أبعاداً مختلفة. وتضافرت الجهود الفلسطينية وفقاً لإمكانات كل الأطراف كي ينتزع حريته وارغام الاحتلال على الافراج عنه.

بداية كانت الإرادة الذاتية وقوة التحدي لهشام، ومن ثم تحرّك الشارع الفلسطيني في فعاليات شعبية وحملات افتراضية داعمة لقضيته. والأهم كان تهديد فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، فالاحتلال يخشى جولة قتالية جديدة وسط حكومة إسرائيلية مفككة لا تملك قراراً واضحاً في حرب ضد القطاع المحاصر. وهنا أتى دور السلطة الفلسطينية والوساطة المصرية عبر الضغط المباشر على حكومة الاحتلال وعبر المنظمات الحقوقية والدولية.

توحّد الفلسطينيون نصرة لقضية أبو هواش، وهذا الطلب الدائم في الملفات المعقدة الأخرى. فالجغرافيا الفلسطينية تكاتفت إن كان في غزة عبر التهديد أو الضفة في الدور السياسي والفعاليات الجماهيرية أو في الأراضي المحتلة عام 1948 عبر الاعتصام أمام المستشفى ومدّ أبو هواش بالتضامن والدعم النفسي.

لم نعرف الانتماء الحزبي لهشام، وفي الأصل هذا التفصيل ليس مهماً طالما أنه فلسطيني يعاني مثل غالبية الاسرى. وهنا اختبار نجح فيه الشعب الفلسطيني عموماً في الإجابة على سؤال: هل نحن شعب واحد؟ كانت الإجابة واضحة: نعم. لأن الجميع تابع وشارك ميدانياً أو بشعوره تجاه شخص يضحي بنفسه من أجل حريته وهذا ما يطمح إليه الشعب أيضاً. فالسجون الإسرائيلية كثيرة، منها الكبير والصغير، المفتوح والمغلق، الضيق والواسع، المظلم والظالم. استطاع الفلسطينيون أن يكون الكل لأجل الفرد، لأن الفرد فداءً للكل. ولعل هكذا تجربة تكون مقدمة للنجاح في الإجابة على أسئلة كثيرة تواجه القضية الفلسطينية: إلى أين؟ ما العمل؟ ماذا بعد؟… الخ. وستكون الإجابات في إطار الوحدة الوطنية بعيداً عن الفصائلية المشتتة والبرامج المختلفة والمشاريع الخلافية.

شارك المقال