حرب “لافتات” بيْن البداوي والضاحية… علّوش: الردّ بالسياسة فقط!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تصمدْ اللافتات المسيئة للأمين العام للحزب حسن نصرالله يومًا واحدًا في منطقة البداوي – طرابلس، إذ أصدر وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي تعليمات إلى المديرية العامّة لقوى الأمن الداخلي بإزالتها، وذلك حرصًا على ضرورة الحدّ من “الشعارات الاستفزازية” وللحفاظ على “النّظام والسلم الأهلي العام ووحدة أبناء لبنان وهويته”.

يُمكن القول، أنّ هذه الشعارات كانت قد وُضعت بعد أيّام على إزالة شعارات ولافتات مسيئة للسعودية في الضاحية الجنوبية، بعد كلمة نصرالله التي حملت الكثير من الاتهامات والإساءات للمملكة العربية السعودية في وقتٍ لم ينته لبنان بعد من أزمته الأخيرة مع دول الخليج والعلاقات اللبنانية – الخليجية المتأرجحة بسبب سياسة الحزب التي أدخلت لبنان ومعظم اللبنانيين في نفقٍ مظلم يصعب الخروج منه.

وللتدقيق، فإنّ الشعارات التي استُخدمت في كلّ من جسر مشاة البداوي أو في الضاحية، تحمل إهانات ثنائية لا تحتمل الشكّ، ومن يقرأها بعيْن الحكمة لا يجد فيها أهمّية أو حيثية قد تُؤدّي إلى حلحلة الخلافات ولا حتّى إلى إشعال الفتن، على الرّغم من الاعتراض الذي لم يتجاوز كونه ردّا “تويتريا” طالب فيه بعض المناصرين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي، بضرورة التدخل أو الاستقالة حين لا يتمكّنان من إزالة هذه اللافتات. وبعد دخول مولوي على الخطّ لتهدئة الشارع الذي أحرقت أنفاسه “لافتة”، يُمكن القول أنّ حربا ممكن أن تندلع في لبنان بسبب لافتة واحدة، لا بسبب وضع اقتصادي وسياسي متأزم في البلاد التي تُواجه انهيارًا حادًا على مختلف المجالات.

شبان غاضبون!

على الرّغم من الضجة الإعلامية التي أثيرت حول هذه اللافتات في البداوي، إلا أنّ الأهالي لم يحصل الكثير منهم على معلومات كافية عن آلية وضعها وإزالتها أيضًا، ووفق معطيات “لبنان الكبير” فإنّ “مجموعة من الشبان وضعوا بمبادرة فردية هذه اللافتات نظرًا لمعارضتهم الحزب وأمينه العام من جهة، ورفضًا للإساءات المستمرّة للملكة السعودية من جهة ثانية”. كما يُشير أحد المصادر المقرّبة من الشبان لـ”لبنان الكبير” إلى أنّ “هذه الفئة من الشبان لا تنتمي إلى عائلة أو عشيرة واحدة، بل هم عدد من الشبان الصغار الذين لا ينتمون إلى فئة سياسية واحدة أيضًا أرادوا التعبير عن توجهاتهم بلافتات بسيطة لا تُشبه تلك التي كانت موجودة في مناطق أخرى، لا من الجهة المادية ولا من الجهة الفنّية التي تُنظم الصور بشكلٍ كاف، لهذا السبب تجد لافتات بسيطة جدًا وغير مكلفة على الإطلاق، لكنّهم أرادوا فقط الاحتفاظ بحقّ الردّ من خلالها على لافتات مسيئة في مناطق أخرى، ولم يُفكّر أيّ منهم بالطريقة الصحيحة والأنسب للردّ لإبعاد المنطقة عن خلافات غير مجدية في الوقت الحالي، ولم يسأل أيّ منهم مرجعيات كبرى في المنطقة لتتحمّل هي هذه المسؤولية أو تتصدّر الواجهة في هذا الفعل”.

الردّ بالسياسة

في الواقع، ترى بعض المرجعيات الطرابلسية أنّ ما قام به الوزير مولوي هو الأفضل والأنسب وطنيًا في ظلّ الشحن الطائفي والسياسي الكبير في الفترة الأخيرة، وأنّ العبارات التي استُخدمت في البداوي أو في الضاحية غير ملائمة على الإطلاق، ولا تتجاوز كونها “زعرنات” متبادلة لا تُسمن ولا تُغني من جوع ولا تُضيف إلى القضايا السياسية المتداولة سوى المزيد من التعصّب. فيما ترى مرجعيات أخرى أنّه كان من الأجدر بالسياسيين المعنيين إتمام مهمّاتهم بجدارة والاستمرار في إزالة كلّ الإساءات من صور، شعارات، ولافتات مسيئة ومستفزة أبرزها صور قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني على طريق المطار.

ويلفت مرجع قانوني إلى أنّ خطوة الشعارات المتبادلة تأتي ضمن إطار التصعيد والتأجيج غير المبرّر حاليًا، وهي لا تتجاوز كونها خطوات شخصية وفردية لا جماعية أيّ أنّها لم تصدر عن حزب أو مجموعة تيّارات سياسية، بل هي خطوة لمناصرين داعمين لسياسة وعقيدة معيّنة، ولن تتخطّى كونها لافتات يُمكن إزالتها في أيّ وقت.

وفي هذا السياق، يقول الدكتور مصطفى علّوش لـ “لبنان الكبير”: “أنّ رفض الاحتلال الإيراني يُمكن التعبير عنه بطريقة حضارية”. إنّ علّوش الذي كتب منذ أيّام عبر “تويتر” عن الاحتلال الإيراني في وقتٍ كثرت فيه التصريحات السياسية عن صحة هذا القول من عدمه بين اللبنانيين، اعتبر أنّ الأصح هو أنّ لبنان “يحتلّه عملاء لإيران تطوّعوا لخدمتها تحت لواء الحرس الثوري، حوّلوا لبنان وشعبه من كلّ طوائفه لأداة وضحية لمشروع إيران المذهبي، مؤكدا أنّ كلّ اللافتات أو التعابير المسيئة لا تزال أسلوبًا خاطئًا، فإذا قام الآخرون بتوجيه الشتائم والإساءة بهذا الأسلوب لنا، لا يجب أن نردّها بالطريقة عينها، بل الردّ سيكون بالسياسة فقط، وليس بعبارات بذيئة أو طائفية لن تُفيد على الإطلاق”.

شارك المقال