بايدن يواجه فقدان مصداقيته في الداخل الأميركي

حسناء بو حرفوش

في الوقت الذي تواجه فيه الولايات المتحدة قرارت مصيرية في الخارج، يتجه التركيز في الداخل الأميركي إلى ثقة المواطنين بالرئيس جو بايدن. موقع “واشنطن إكزامينر” (Washington examiner) سلط الضوء على استطلاع جديد للرأي أظهر مدى زعزعة ثقة الناخبين الأميركيين برئيسهم الذي “لم يعد الشخص المنتخب نفسه”.

ووفقا للمقال، “قد يبدو للناظر أن الانسحاب غير المنظم والمدمر للرئيس جو بايدن من أفغانستان شكّل اللحظة التي تحطمت فيها صورة الرئيس في ناخبيه لكن الواقع أن الخطاب الذي ألقاه بايدن الأسبوع الماضي في أتلانتا هو الذي قد يضع رئاسته في عين العاصفة. وقام بايدن الثلاثاء الماضي بإلقا كلمة في كلية مورهاوس وجامعة كلارك أتلانتا، ضمّنها اتهامات سامة ووحشية تفتقر إلى أسس واقعية. بالنسبة للمستمعين، لم يكن بالإمكان تفسير صراخه سوى بقراره خوض هجوم ضد أعضاء حزبه عينه (السيناتور جو مانشين وكيرستن سينيما) مما يعزز عزم هؤلاء على عدم الاستسلام لمطالبه.

ولم يتوان بايدن على وصف أولئك الذين يختلفون مع آرائه السياسية بشأن التشريع، أمام الجماهير، بـ “الأعداء الداخليين”. وذهب إلى حد مقارنتهم بالرئيس الكونفيدرالي جيفرسون ديفيس وعضو اللجنة السابق في حزب ألاباما الديموقراطي والعنصري المتشدد والعنيف بول كونور. وهذا ما يعتبر في السياسة الأميركية، خطابا أقرب ما يكون إلى إثارة الانقسام… على الأقل لم يأتِ على ذكر هتلر.

ليس الرئيس المنتخب

ولا يشبه بايدن اليوم الرجل نفسه الذي خاض الحملة الإنتخابية يوم ترشح للرئاسة. فقد تعهد حينها مرارا وتكرارا توحيد البلاد وإعادة إرساء الشعور بالهدوء والعودة إلى الحياة السياسية. لكنه منذ اليوم الذي أدى فيه اليمين وتسلم المنصب ووقع الأوامر التنفيذية التي أعفت الآلاف من العمال في صناعة الطاقة، ما عاد ذلك الرجل من سكرانتون والذي كون الناخبون عنه هذه الصورة.

لم يعد ذلك الرجل منذ دعا في إطار تغييرات سياسية غير مدروسة، أعدادًا لا حصر لها من المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود الأميركية. ولم يعد الرجل نفسه منذ الفشل الذريع للقوات الأميركية وانهيار صورة الأمة خلال الانسحاب الأميركي الكارثي من أفغانستان. وعلى الرغم من عدم امتلاك بايدن تفويضا، بل مجرد أغلبية تشريعية ضئيلة لحزبه، فقد حوّل سياسة فرّق تسُد إلى حل لكل شيء، بما في ذلك لمواجهة جائحة كورونا.

خطابات لتسجيل نقاط

ما الذي قصده بايدن بالتحذير من شتاء المرض “الشديد والموت” والذي سيطارد غير الملقحين؟ ليس من المنطقي تخيل أن هكذا خطاب يهدف للتقريب بين الناس؛ يمكن قراءة هذه الكلمات كتهديد، تمامًا مثلما فعل بايدن خلال إعادة إحياء ذكرى جورج والاس في خطاب الأسبوع الماضي، فقط من أجل تسجيل نقاط سياسية رخيصة. إنه لمن المبهر كيف أن بايدن سقط في فخ السياسة الكاذبة السامة التي ستقول أي شيء لإرضاء الناشطين اليساريين.

ولن يمر هذا الأمر من دون أن يلاحظه أحد وتحديدا في صفوف الناخبين. وفي هذا السياق، أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة “كوينيبياك” (Quinnipiac) الأسبوع الماضي، أن غالبية الناخبين (49٪) يعتقدون الآن أن بايدن يبذل الجهد الأكبر لتقسيم البلاد أكثر مما يسعى لتوحيدها. وسجل بايدن تأييدا منخفضا للغاية نسبته 33٪ ولم تتخط النسبة التي منحت له من قبل المستقلين 24٪؛ ودعمه أصحاب الأصول الأسبانية أكثر قليلا بنسبة 28٪. واللافت أن نسبة التأييد له داخل حزبه قد تراجعت بمقدار 12 نقطة منذ تشرين الثاني الماضي.

وحاولت وسائل الإعلام التعتيم على تراجعه واعتبرته موقتا في آب الماضي، إذ أظهر استطلاع للرأي أجرته “واشنطن بوست” (Washington Post) و”أي بي سي نيوز” (ABC News) أن الجمهور لا يوافق على أدائه غير الكفء في أفغانستان بنسبة 2-1. وفي ذلك الوقت، شكل هذا الحدث المرة الأولى في رئاسته التي برزت النسب سلبية فيه. ولكن حتى ذلك الوقت، ارتبطت المسألة بقضية فقدان بايدن للدعم فقط. أما اليوم، فلا يمكن فصلها عن فقدان المصداقية التي يعاني منها بايدن والتي لن تزول آثارها قريبا من ذاكرة الأميركيين. وعلى الرغم من أن هؤلاء قد لا يتذكرون كل الكلمات، لكنهم سيتذكرون اتهامات بايدن الشريرة وسوء نيته وأكاذيبه الصارخة ونبرته الفظة. ومثلما حصل بعد الانسحاب من أفغانستان، ستستمر وسائل الإعلام والأشخاص المحيطون ببايدن بالتعتيم على رد الفعل العام، وسيترك بايدن في وضع أسوأ بعد”.

شارك المقال