“كورونا” يستوطن المخيمات الفلسطينية

زاهر أبو حمدة

يكثر أعداء الشعب الفلسطيني، بداية بالاحتلال وجيشه ومستوطنيه ولا نهاية بتشديد الحصار وسياسة الافقار والضغط المالي والاقتصادي والنفسي. الا أن اعداء اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لهم فروع مختلفة من البؤس والحرمان والفقر والبطالة والتهميش المتعمد وصولاً إلى انتشار فيروس “كورونا”. استوطن الفيروس بمتحوراته المتعددة المخيمات بطريقة سريعة، وكان ذلك متوقعاً لأسباب تتعلق بالبيئة المكتظة بالسكان لا سيما بعد افتتاح المدارس داخل المخيمات وخارجها.

فعلاً، تتفاقم الأمور ولم بعد هناك إمكانية للسيطرة على الانتشار السريع. فمخيم عين الحلوة في صيدا، على سبيل المثال، يشيّع يومياً جثمان متوفٍ جراء الفيروس أو أكثر، وغالبية البيوت فيها مصاب وأكثر لدرجة أن مستشفى الشهيد محمود الهمشري مكتظ بالمصابين.

ومع أن سفارة دولة فلسطين في لبنان ولجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني ساهمتا في انشاء قسم خاص بـ”كورونا” بدعم من السفارة الألمانية، إلا أن عدد الحالات فاق التوقعات ولم تعد المستشفى تستطيع استقبال جميع الحالات. ولذلك عمل مدير المستشفى الدكتور رياض أبو العنيين وفريقه على ارسال فرق طبية متخصصة لتنتشر في المخيمات، لإجراء فحوص دورية وللاهتمام بالمرضى داخل البيوت. ومع ذلك يبدو المخيم، الأكبر ضمن 12 مخيماً على الأراضي اللبنانية، أمام تحول طبي خطير علماً أن جزءاً كبيراً من أهالي المخيمات تلقوا جرعات لقاح كورونا وهذا يحسب لمدير قسم الصحة في وكالة “الاونروا” الدكتور عبد الحكيم شناعة، بالتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية.

وفي حين يتفاقم الوضع الصحي داخل المخيمات، يبقى لذلك إيجابية واحدة على الرغم من ارتفاع عدد المصابين، أن يصبح هناك مناعة جماعية لأهالي المخيمات. لكن حتى تحصل هذه المناعة لا يعرف عدد الوفيات المحتمل ولا سيما عند كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة. أما الانعكاس الأهم فسيكون اجتماعياً ومعيشياً على الأسر التي تعاني من فقر مدقع، إذ تسجل الأرقام أن أكثر من 80% من سكان المخيمات يعيشون تحت خط الفقر، مع ارتفاع معدلات البطالة وسط أزمات تتراكم على كاهل اللاجئين. ومن هنا لا بد من خطة إنقاذيه شاملة، تشارك فيها وكالة “الاونروا” وبرعاية الدولة اللبنانية والدول المانحة. وكذلك يحتاج مجتمع اللاجئين إلى حملات تكافل وتعاضد يشارك فيها ميسورو الحال داخل لبنان وخارجه.

صحيح أن الفلسطيني يواجه الاستيطان والفصل العنصري في بلاده، إلا أن استيطان “كورونا” وتداعياتها غير المرئية في المخيمات، تحتاج لأكثر من مواجهة وفي شتى القطاعات والمجالات، وفي مقدمها الصحية والمعيشية.

شارك المقال