صحيح ان مختلف الاحزاب والتيارات تستعد للانتخابات النيابية في أيار المقبل على اعتبارها قائمة، لكن الصحيح أيضا ان ما من جهة أعلنت تحالفها مع هذا الفريق أو تلك الشخصيات المستقلة أو مع من يطلق عليهم “قوى التغيير”، ليبقى التداول بأسماء مرشحين في المناطق، والتي يتم اختيارها بتأنٍ وبميزان “الجوهرجي” إذ تنشط الماكينات الاحصائية التي تتحدث بلغة الارقام أكثر من الماكينات الانتخابية التي لا تزال غير مفعّلة، ولم تتلق اشارة الانطلاق على الرغم من أهميتها وتأثيرها في العملية الانتخابية.
وعند التواصل مع الجهات السياسية للاستفسار عن التحالفات واللوائح، الكل يجيب اجابة واحدة: أسماء المرشحين جاهزة لكن اللوائح لم تكتمل بصورتها النهائية والتحالفات لا تزال قيد الدرس والنقاش.
هذا الغموض الانتخابي على مسافة أقل من أربعة أشهر من الاستحقاق الدستوري، لا يطمئن بعض المراقبين الذين يعتبرون اننا في مرحلة يجب ان تكون التعبئة الشعبية في أوجها خصوصا ان الانتخابات النيابية لعام 2022 لها أهمية خاصة، لكن في حال أُسقطت الحسابات السياسية لدى الاحزاب والتيارات والجهات المعنية من التحليلات والتأويلات، يبقى الكثير من الغموض يحاصر الانتخابات مما يدفع الى الكثير من التساؤلات، ومنها: لماذا الحذر لدى الجميع في البوح عن التحالفات وعن اللوائح التي هي بند أساسي لخوض المعركة الانتخابية، ويجب توثيقها في وزارة الداخلية قبل 4 نيسان المقبل؟ لماذا لم يعلن أي مرشح عن تقديم طلب ترشحه على الرغم من ان باب الترشح على الانتخابات فتِح منذ العاشر من كانون الثاني الحالي؟ وصولا الى أكثر من علامة استفهام حول تعيين هيئة الإشراف على الإنتخابات التي يجب أن تعيّن قبل 6 أشهر من انتهاء ولاية مجلس النواب الحالي أي انه كان يجب تشكيلها قبل 21 تشرين الثاني الفائت خصوصا انها ضرورية لاتمام العملية الانتخابية. وفي وقت تم الحديث عن مسعى للتجديد للهيئة السابقة، يتخوف البعض من تعيين هيئة جديدة كي لا يفتح الباب أمام التعيينات الادارية التي تشكّل مادة خلافية بين أكثر من فريق خصوصا بين الرئاستين الاولى والثانية.
رأي قانوني
يوضح الخبير الدستوري سعيد مالك لـ”لبنان الكبير” انه “عملا بالفقرة الاخيرة من المادة 11 من قانون الانتخاب المعدّل، تبقى هيئة الإشراف على الإنتخابات السابقة قائمة الى ان تتشكل الهيئة الجديدة. وبالتالي، الهيئة التي تشكلت للاشراف على انتخابات 2018 هي المولجة راهنا لاتمام الاشراف على انتخابات 2022 الى ان يُصار الى تشكيل هيئة اشراف جديدة من قبل الحكومة خاصة بعد ان استأنفت اجتماعاتها”.
ويشير الى انه “لا يمكن القول ان الهيئة محاصصة طائفية بقدر ما هي محاصصة سياسية، وهي تتشكل من 11 عضوا بمن فيهم الرئيس، وتتألف من قضاة ومحامين واختصاصيين. قاض عن القضاء العدلي وآخر عن القضاء الاداري وثالث مالي متقاعدون يُصار الى تعيينهم بمرسوم يصدر عن مجلس الوزراء بعد اقتراح اسمائهم من المراجع العائدة لهم. والى جانب هؤلاء محاميّين اثنين، واحد عن نقابة بيروت وآخر عن نقابة محامي طرابلس. أما الاختصاصيين، فهم في مجال الاعلام أو المحاسبة أو كل المسائل التي يمكن ان تحتاجها الهيئة للمراقبة”.
ويرى انه “يفترض ان يكون هناك نصاب 7 أعضاء من أصل عدد الهيئة، لافتا الى ان هناك من استقال ومن اعتكف ومن سافر من الهيئة السابقة، وبالتالي أرى انه للمزيد من الشفافية يفترض الذهاب الى تشكيل هيئة اشراف ولو كنا تجاوزنا المهل لكن يمكن للحكومة ان تعالج هذا الموضوع وتعمل على تشكيل هيئة اشراف جديدة”.
ويوضح مالك ان “تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات لا يدخل في اطار التعيينات لأن التعيينات تكون دائمة في المواقع والمراكز التي لا تنتهي بمقدار زمني معين، أما هيئة الاشراف على الانتخابات فتعتبر مهامها منتهية بعد ستة أشهر من اجراء الانتخابات أي انها هيئة ظرفية لها مهلة ومهام محددين”.
الكل بانتظار موقف الحريري
يعتبر الوزير السابق رشيد درباس ان “حماوة المعركة الانتخابية تأخرت لأسباب متعددة ومنها الضائقة الاقتصادية، لكن الأهم ان الكل كان ينتظر عودة الرئيس سعد الحريري، واليوم ينتظرون الموقف الذي سيتخذه من الانتخابات، وبالتالي الكل في حالة ارباك حتى أولئك الذين لا ينتمون الى خط الرئيس الحريري السياسي، مشددا على ان تعطيل الانتخابات أمر في غاية الخطورة، ويكون بمثابة اعلان ورقة نعي لدولة لبنان”.
ويرى ان “المهم كيفية تبلور المشروع السياسي، وليس المشروع الشخصي، وقوى التغيير عليها الاستفادة من نقمة الناس على السلطة التي أوصلت البلد الى ما هو عليه، ووضع برنامج واضح يتضمن وضع حد لازدواجية السلطة في السياسة”.
ويشير الى ان “الانتخابات عبارة عن مهرجان، لا يمكن ان تصل الى نتيجة في ظل غياب طرح قضية مهمة كما ما من أحد لدية آليات التطبيق”.
المستقبل أساسي في رسم صورة التحالفات
ويلفت الكاتب والمحلل السياسي مروان أيوبي الى ان “كل المنظومة لم تحدد تحالفاتها بعد لانه في انتخابات 2018 كانت التحالفات على القطعة بين كل الاطراف، والاضداد كانت تتحالف مع بعضها في مناطق وتتنافس في دوائر أخرى. اليوم في ظل الخلاف السياسي المستفحل لم يرتسم بعد شكل التحالفات، وتيار المستقبل أساسي في رسم صورة التحالفات لأن هناك 10 دوائر يتمثل فيها التيار الازرق، معتبرا ان الامور تتغير ان كان الرئيس الحريري سيترشح أو اذا كان التيار سيخوض المعركة أو انه يعزف عن خوضها”.
ويقول: “حتى الآن لا يبدو التحالف سوى بين الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات في عاليه – الشوف. المستقبل أساسي في التحالفات على مستوى المناطق المختلطة مسيحية – سنية، ويساهم في بلورة اللوائح في المعركة الانتخابية”.
ويتحدث عن “المجتمع المدني حيث التباينات في وجهات النظر واضحة مما يلعب دورا في عدم الوصول الى حل، مشددا على ان الكل لا يزال يشكّك ان كانت ستجري الانتخابات أو لا. هناك ارباك على الساحة المحلية لناحية الانتخابات ان كانت قائمة وفي موعدها ولناحية التحالفات”.