عزوف الحريري… مسؤولية الثنائي واختبار سني للطائف والدوحة

رواند بو ضرغم

هل سأل حزب الله نفسه ماذا استفاد من دعمه اللامشروط لميشال عون وصهره جبران باسيل؟ ماذا حصد من هذا العهد سوى الانهيارات والانقسامات وجعل من نفسه شمّاعة لارتكاباته، وفي المحصلة يجاهر باسيل بأن حزب الله لم يساعده في بناء الدولة! هل يعي حزب الله حجم الخطيئة التي ارتكبها بتغطية عبث باسيل بالتوازنات وباتفاقي الطائف والدوحة؟ حزب الله متوجس من خطورة قرار الحريري بالاعتكاف، لكنه في المقابل، لن يحرك ساكنا مع حليفه التيار الوطني الحر.

في لقاء الساعة والنصف في عين التينة، سرد الرئيس سعد الحريري لرئيس مجلس النواب نبيه بري اسباب قراره بالاعتكاف، بدءا من سنة ٢٠٠٥، مرورا بالمعوقات التي تعرضت لها مسيرته، وصولا الى كل المراحل التي مر بها فاتسمت بالتعاون حينا وبالخصومة احيانا. علّق الحريري كثيرا على ممارسات الثنائي الشيعي واصطفافه الى جانب عون. هو طبعا، لم يحمّل المسؤولية للرئيس بري، انما حمّل الجزء الاساسي من المسؤولية لحزب الله، معتبرا أن هذا الدعم غير المشروط لعون هو ما اوصل البلاد الى هذا الدرك من الانهيارات على كافة المستويات. أما المؤكد فإن معاناة الحريري هي نفسها معاناة بري، خصوصا أن رئيس المجلس، ومنذ انتخاب عون رئيسا، استشرف سقوط الجمهورية الثانية في جهنم وشرك أحقاد عون وصهره الرئيس الفعلي.

متفهما كان الرئيس بري لأسباب الرئيس الحريري، لكنه حاول ثنيه عن قراره بالاعتكاف، فلم ينجح. ولم تنفع كل المحاولات التي قادها المفتي دريان ورؤساء الحكومات السابقون (التقاهم ثلاث مرات) ونوابه والقيادات السياسية في تيار المستقبل، فقرار الحريري متّخذ، وهو ماضٍ به حتى النهاية…

ولكن هل ينحصر قرار الحريري باعتكافه الشخصي او ينسحب كذلك على كتلته النيابية؟! الاجابة عن هذا السؤال لم يحصل عليها أحد، بانتظار ان يعلن قراره الحاسم عصر الاثنين.

الى ذلك، أصبح المشهد السياسي على الشكل التالي: هل يسمح اتفاق الطائف، ومن بعده اتفاق الدوحة، لأي فريق من الفرقاء اللبنانيين مهما بلغ حجمه، او حتى لو شكل الاكثرية، ان يحكم لبنان في ظل غياب مكوّن اساسي وهو المكوّن السني؟ اعطى هذان الاتفاقان كل فريق حق الفيتو، فما هو المطلوب لعودة السنّة الى نظام اتفاق الطائف واتفاق الدوحة؟ فبعدمْ ترشح الحريري وسلام وميقاتي (بات من شبه المؤكد أن ميقاتي سيعيد تجربة ٢٠٠٥ بعدم ترشحه لأنه يرأس الحكومة التي تدير الانتخابات)، فهل يستطيع نواب اللقاء التشاوري مثلا أن يترشحوا؟ هل هم من يمثلون السنّة في لبنان؟ وهل هذا الاعتكاف سيكون أشبه باعتكاف المسيحيين عام ١٩٩٢؟ الذين ما زالوا يحصدون منه الخيبات…

معلومات خاصة بموقع “لبنان الكبير” تشير الى أن الرئيس بري يحاول جاهدا مع حزب الله من اجل اصدار موقف مشترك عن الثنائي الشيعي تداركا لما يشكّل اعتكاف الحريري، بما يمثل على الساحة السنية والوطنية، من انكسار لاحد الاعمدة الاساسية لاتفاق الطائف… الا أن محاولاته لم تصل بعد الى اي نتيجة.

فيكفي الحريري التظاهرات التي حصلت أمام بيت الوسط لتؤكد بشكل قاطع أنه يبقى مرجعية الطائفة السنّية في لبنان ولا أحد سواه، اراد العالم أجمع ذلك ام لم يرد… الا ان قرار الرئيس الحريري اصبح حاسما ونهائيا ولا عودة عنه… فلمن سيجيّر اصواته؟ هذا السؤال لم يحصل احد على اجابته… وإذا لم تكن هناك ماكينة انتخابية تقوم بتنفيذ تعليماته في حالة تجيير اصواته، فهل سيكون هناك فاعلية لمثل هذا التوجه؟ ماذا سيجري في عكار؟ اذا لم يكن هناك ماكينة لتيار المستقبل تدعم النائب هادي حبيش، هل سينجح ويعود نائبا ام سيكون جيمي جبور ممثل التيار الوطني الحر نائبا عن المقعد الماروني مكان حبيش؟ هو ارتباك كبير أحدثه قرار الحريري في صفوف المستقبل وعلى الصعيد الوطني، وهذا ما جعل فكرة اعتكاف نواب اللقاء التشاوري مطروحة، لأنهم وحدهم سيواجهون تهمة اضعاف السنّة ومخالفة الشريحة الاوسع منهم… فهل تكون الانتخابات بابا لتفجير الوضع الداخلي وتهشيما لاتفاق الطائف؟ ام يعود حزب الله لإيلاء التوازنات الوطنية اهمية على التحالفات الضيقة… هي ايام صعبة فعلا كما قال الرئيس الحريري امام جمهوره، لكن بيت الوسط سيبقى مفتوحا امام كل اللبنانيين، وسيبقى الحريري بوصلة الاعتدال وحاجة الداخل والخارج…

شارك المقال