عن بايدن وسياسة “العصا والجزرة” في لبنان

حسناء بو حرفوش

كتب المحلل سام هيلر على موقع “سانتشوري إنترناشيونال” (CENTURY INTERNATIONAL) دراسة سطّر فيها تمييز الإدارة الأميركية بقيادية الرئيس جو بايدن بين لبنان كدولة وحزب الله كتنظيم ذي نفوذ متنام. وحسب التحليل المفصل تحديدا لجهة العلاقة بين إدارة بايدن والحزب، “تنتهج إدارة بايدن في لبنان، الذي يعاني من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ الحديث بشكل فعال سياستين: الأولى لمنع “الدولة الفاشلة”، والأخرى لمواجهة نفوذ حزب الله. ويعود ذلك في الأغلب لأهداف سياسية منفصلة (…) ومن شأن الخلط بين إنقاذ لبنان الاقتصادي والتصدي لحزب الله أن يؤدي إلى سياسة سيئة ومشوشة. وبالنسبة للولايات المتحدة، لا شك أن مواجهة حزب الله مشروع طويل الأمد. لكن في غضون ذلك، يتطلب الانهيار الاقتصادي في لبنان التحرك الفوري.

(…) وفي ظل الأزمة الوجودية المستمرة في لبنان، تحاول إدارة جو بايدن منع البلاد من التفكك أكثر. وهذا النوع من الاهتمام الأميركي بلبنان جديد. فقد شكّل حزب الله لسنوات، الحزب السياسي والمنظمة شبه العسكرية المدعومة من إيران، محور التركيز الأساسي للسياسة الأميركية في البلاد. وفي السابق، تم التعامل مع القضايا الأخرى المتعلقة بلبنان كمجموعة تتفرع من السياسة الرئيسية القاضية بمواجهة نفوذ حزب الله. وعلى النقيض من ذلك، تبنّت إدارة بايدن نوعا من سياسة أو سياسات لبنان المزدوجة: واحدة مخصصة للبنان وأخرى لحزب الله. ولا شك أن هذا أمر جيد (…) إذ يجب أن تحاول الولايات المتحدة إنقاذ لبنان من الفشل التام، أو على الأقل كبح الكارثة المستمرة في البلاد من الازدياد سوءا. وفي المقابل، لا يتوقع أحد أي تغيير في السياسة الأميركية المناهضة لنفوذ حزب الله.

لكن يجب الإبقاء على الجهود لمواجهة حزب الله منفصلة عن الدعوات العاجلة الجديدة للإصلاحات اللازمة لإطلاق المساعدة الدولية واسعة النطاق وإنقاذ الاقتصاد اللبناني المتعثر. ومن السيء الخلط بين الهدفين. فحزب الله ليس مركزيا في الأزمة الاقتصادية في لبنان. ولذلك، لا بد للمسؤولين الأميركيين تأطير دعوات الولايات المتحدة للإصلاح من منظور لا يركز فقط على مناهضة حزب الله.

منع “الدولة الفاشلة

(…) من أجل منع فشل الدولة اللبنانية، تعمل الولايات المتحدة بذكاء مع فرنسا وشركاء آخرين على تشجيع المسؤولين اللبنانيين على متابعة الإصلاحات التي ستطلق العنان لتوافد أموال الإنقاذ الدولية. وبالتوازي، تفرض واشنطن عقوبات على الشخصيات السياسية اللبنانية الفاسدة. وبالتالي، تدفع الإدارة باتجاه الإصلاح بمزيج من الترغيب والترهيب، انطلاقا من سياسة العصا والجزرة. كما تدعم الولايات المتحدة صفقة البنك الدولي التي من شأنها أن تحقق الاستقرار جزئيا في قطاع الطاقة المختل وظيفيا والذي تترتب عنه تكاليف باهظة”.

وإذ يركز التحليل على تداعيات الأزمة الوخيمة والتضخم الذي بلغ نسبا خيالية، يجد “من المناسب أخيرا أن ملخص كانون الأول حول سياسة إدارة بايدن بخصوص لبنان يركز على الوضع الاقتصادي الخطير في البلاد. ومع ذلك، من غير المعتاد بعض الشيء عدم ذكر حزب الله. وهذا لا يعني بالطبع، أن إدارة بايدن تخلت عن هدفها طويل الأمد المتمثل بتقليص قدرات حزب الله ونفوذه، سواء داخل لبنان أو في جميع أنحاء المنطقة. لكن تقييد حزب الله هو مشروع طويل الأمد (…) بينما من جهة أخرى، يتطلب انهيار لبنان من الداخل تحركا فوريا. ومن المنطقي إذن أن تركز الإدارة أولا على منع الدولة الفاشلة وتنفذ سياسة حزب الله بشكل متواز (…) وقد اشترط المانحون الدوليون صفقة إنقاذ لبنان بأمس الحاجة إليها لكنها مشروطة بالإصلاحات الصعبة.

(…) وعلى الرغم من أن حزب الله لا يحمل وحده كل اللوم على انهيار لبنان، يبدو أنه يحتل مكانة مركزية في الأزمة الحالية في البلاد (…) فقد أظهر استعداده لاستخدام العنف ضد المنافسين المحليين الذين يهدّدون مهمته. وهو يشكل قوة الوضع الراهن في السياسة اللبنانية على نطاق واسع (…) ومع ذلك، غالبا ما يتعامل صنّاع السياسة في واشنطن مع أي مشكلة تتعلق بلبنان على أنها مشكلة حزب الله كما حصل عدة مرات في عهد ترامب.

وتهتم الولايات المتحدة بحزب الله لأسباب محددة، لا علاقة لها إلى حد كبير باقتصاد لبنان وبالإصلاح، تحديدا فيما يتعلق بكونه جزءا مما يعرف بمحور المقاومة. وبينما يشكل الحزب في الداخل محط خلاف، تبدأ السياسة الأميركية الفعالة بشأن لبنان من خلال وضع تصور مناسب لأولويات الولايات المتحدة. ومن الطبيعي لحظ بعض التداخل بين الأهداف كما في حالة دعم مشروع الغاز الطبيعي المصري والكهرباء الأردنية ودعم تقويم البنك الدولي من أجل لجم واردات حزب الله الأحادية من الوقود الإيراني إلى لبنان عبر سوريا (…) أخيرا، لا يتعين على المسؤولين الأميركيين ذكر حزب الله في كل محطة، لأنه من المسلّم به في الأساس أن أي إدارة أميركية ستستمر باتّباع سياساتها المناهضة للحزب. وإدارة بايدن ليست استثناء. لكن تحتاج واشنطن للاعتراف بأن منع الدولة الفاشلة هو من أولويات السياسات المستقلة عن حزب الله. ولحسن الحظ أن هذا ما تفعله إدارة بايدن حاليا”.

شارك المقال