“بعبدا” يقرأ موقف الحريري “على كيفه”… وجنبلاط لن يقاطع الانتخابات

رواند بو ضرغم

لا يتوقف قصر بعبدا بحاشيته عن التذاكي واتّباع سياسة الانكار. فلا يُقيم وزناً للمكوّنات الطائفية وتوازناتها في ذروة التفاهمات. يستفزّ القواعد الشعبية ويمعن في طعن زعمائها والانقضاض على صلاحياتها، وعند الخصومة يتباكى على ميثاق العيش المشترك واتفاق الطائف.

فكيف تلقى القصر الجمهوري إعلان الرئيس سعد الحريري تعليقه العمل السياسي وعدم المشاركة في الانتخابات النيابية؟ يقول مصدر مقرب من الرئيس ميشال عون إن “الأمر جلل وليس بعابرٍ أكيد، وكان له وقعه علينا”. ويضيف: “الكل يتذكر موقف الرئاسة يوم أزمة الحريري في تشرين 2017، فليس من باب التمنين على الاطلاق، إنما من واجب الكرامة الوطنية، وها نحن اليوم نأسف لما آل اليه قرار الرئيس الحريري، ونبحث عن الاسباب ونربط الأمور ببعضها ونسأل: لماذا تأخر الحريري في تأليف حكومة لبنان لأكثر من تسعة أشهر؟ الكثير من الأمور تنكشف أمامنا، ولكن في الوقت عينه، محزن تعليق عمل زعيم مكوّن أساسي في لبنان”.

يحاول فريق العهد التنصّل من مسؤولية انتفاضة الحريري بوجههم، وبكيدية يحاولون رمي الاتهام على الخارج أحيانا، وعلى حلفائه حينا، الا أن غدر حليفه سمير جعجع له، لا يلغي الطعنات العديدة التي تلقاها الحريري من جبران باسيل مدعوما من حزب الله: فالتفاوض مع صندوق النقد كان بمثابة مؤامرة في وقت الحريري، لكن مع تسلّم حسان دياب ومن بعده نجيب ميقاتي بات هذا التفاوض حاجة وضرورة؛ جاهد الحريري لبلوغ مؤتمر سيدر والتزام الاصلاحات، فما كان من باسيل الا أن عرقلها وعاد لينشد نغمة الاصلاحات على وقع مصلحته الانتخابية؛ أكثر من تسعة أشهر من التعذّر عن تأليف حكومة، لكن السبب لم يكن ارتهانا خارجيا، بل جرّاء مفاعيل نماذج الرئاسة الاولى التي انقضّت على صلاحيات الرئاسة الثالثة وتنقّلت على متن درّاج او مرسال الى بكركي، فدخلت على خطها البطريركية لأسباب تتعلق بالرئاسة المارونية والنائب السابق وليد جنبلاط لأسباب تتعلق بمصالحة الجبل وحل أمور قضائية عالقة.

قلب الحريري الطاولة في وجه الحلفاء والخصوم في آن معا، وهو ينظر إليهم من بعيد يراقب ردود أفعالهم، لا ينتظر شيئا من حليف او خصم، ولا يُتوقع أصلا أن يحذو أي مكوّن حذوه في تعليق العمل السياسي. وهنا تشير معلومات خاصة لموقع “لبنان الكبير” انه على الرغم من حزن المختارة جرّاء قرار الزعيم السنّي، الا أن هذا الحزن لن يرتقي ليصل الى حد المقاطعة الدرزية للانتخابات.

يرصد القصر الجمهوري مواقف باقي المكوّنات السياسية، ولا معلومات لديه ما اذا كانت ستلحق الحريري مكوّنات أخرى، لكنه متأكد أن الثنائي المسيحي لن يقاطع الانتخابات (القوات والتيار الوطني الحر) كما انه يترقب تطورات الساحة السنّية ودار الفتوى.

“رئيس الجمهورية لا يمكنه الا التمسك بموعد الاستحقاق الانتخابي” تقول مصادره لموقع “لبنان الكبير” و”هذا ما ينص عليه الدستور، لكن غدا لناظره قريب، فأي تطورات على الساحة السياسية وانعكاساتها على الانتخابات فسيجري تقويمها، وسنرصد التحالفات الجديدة التي يمكن أن ينجم عنها مقاطعة الانتخابات… اما المبدأ فهو إجراء الانتخابات في تاريخها”.

فهل يأخذ المتضرّرون من قرار الحريري ذريعة لتطيير الانتخابات؟ وذلك على الرغم من أن القرار الدولي ضاغط من أجل إتمام الاستحقاق الانتخابي في مواعيده. وأظهرت وزارة الخارجية الفرنسية في بيانها حرصها على اجراء الانتخابات، وذلك عقب تعليق الحريري عمله السياسي. كذلك، علم “لبنان الكبير” أن الرئيس عون سمع من الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة يوانا فرونتسكا التشديد على وجوب إجراء الانتخابات النيابية والرئاسية في مواعيدها.

شارك المقال