فلسطينيو لبنان يخسرون “كتلة المستقبل”

زاهر أبو حمدة

انتقل لبنان منذ احتجاجات 17 تشرين الأول عام 2019، من مرحلة التوقع والتحليل السياسي إلى مربّع المفاجأة. أخر وأكبر المفاجآت عزوف الرئيس سعد الحريري وتياره العابر للمناطق والمذاهب، عن خوض الانتخابات البرلمانية. بالتالي خسر فلسطينيو لبنان داعماً أساسياً لهم سياسياً وحقوقياً في مجلس النواب اللبناني. وذلك لأن “كتلة المستقبل” كانت ضمن من صاغوا “الرؤية اللبنانية الموحدة لقضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان” الصادرة عام 2017، برعاية لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني. ويعرف الجميع أن موقف “تيار المستقبل” أنه مع إعطاء اللاجئين حقوقهم الإنسانية بما يكفله الدستور اللبناني والمعاهدات الدولية.

ينقسم ساسة لبنان إلى قسمين في التعاطي مع اللاجئين: الأول عنصري ويرى فيهم خطراً ويجب التخلص منهم؛ أما الثاني فيجد في الحوار الطريق الأمثل لإعطاء كل محق حقه ويعتبر الفلسطينيين أشقاء ويجب التعامل معهم وفقاً للحقوق الإنسانية قبل السياسية والأمنية. وينتمي “تيار المستقبل” إلى القسم الثاني، ولأنه لم يكن في خلال الحرب الأهلية ولم “يبل” يده بالدم الفلسطيني استطاع أن يكون مصدر ثقة عند اللاجئين ولا سيما ساكني المخيمات. وكانت أهم الخطوات في بناء الثقة تأسيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني عام 2005، و”تيار المستقبل” أهم الداعين والداعمين لها ليكون التعامل المنطقي بين دولة وجهات فلسطينية شرعية تمثلت بافتتاح سفارة فلسطينية في بيروت. أما على المستوى السياسي، فلم تخلُ بيانات “كتلة المستقبل” من التضامن المستمر مع القضية الفلسطينية ومواجهة الاحتلال. إضافة إلى دعم ميداني كان آخرها تنظيم وقفة تضامنية في بلدة مروحين أثناء معركة “سيف القدس” في أيار الماضي، بمشاركة نواب من الكتلة في مقدمهم السيدة بهية الحريري. وكان للتيار دور بارز عند اعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب صفقة القرن، بإعلان رفض كل بنودها، وأوعز الحريري للهيئات والمؤسسات الدينية والرسمية المعنية في بيروت، بإنارة مسجد محمد الأمين بصورة المسجد الأقصى، وكاتدرائية مار جرجس المارونية بصورة كنيسة القيامة، والسراي الحكومي بصورتي المسجد والكنيسة، وصخرة الروشة بصورة العلم الفلسطيني، وذلك “تضامناً مع الشعب الفلسطيني الشقيق، ورفضاً للقرار الأميركي بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيان العدو الإسرائيلي”، وفق ما جاء في خبر وزعه “تيار المستقبل”.

أما على المستوى الشعبي، فجزء كبير من أعضاء “كتلة المستقبل” يُنتخبون في دوائر فيها مخيمات فلسطينية، ولا سيما في الشمال والجنوب وبيروت، وهناك علاقات متينة بين النواب وهذه المخيمات ولا سيما في القضايا الخدماتية. وفي هذا الإطار، يخسر اللاجئون داعماً أساسياً في حياتهم اليومية والمعيشية. ومن المميز في العلاقات الفلسطينية مع المستقبل أن كوادره ونوابه لا يفرّقون بين الفلسطينيين لجهة التوجهات السياسية الفصائلية، إنما العلاقة تكاملية ووحدوية مع جميع الفصائل والهيئات الفلسطينية. وبما أنه لا يُعرف من سيحل مكان نواب المستقبل إذا حصلت الانتخابات، يبقى الفلسطيني مراقباً متأملاً لمجريات الاحداث لأنها ستنعكس عليه سلبياً أو ايجابياً وفقاً للإيقاع السياسي والميداني في بلد أصبح فيه العزف من دون أهم قادة الأوركسترا اللبنانية السياسية والاجتماعية.

شارك المقال