هل إنتهى وقت اللعب… تنفيذ 1559 تحت البند السابع

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

لم تترك الدول الخليجية الباب مقفلا أمام إعادة العلاقات الى مجاريها الطبيعية بينها وبين لبنان، وكانت لها مبادرة مفاجئة في هذا الإطار، نقلها وزير الخارجية الكويتي، وينتظر الحصول على جواب الحكومة اللبنانية السبت (غدا) على البنود الــ 12 الواردة واهمها التزام القرارات الدولية ولا سيما الـ1559 و1701، اضافة الى بنود متعلقة بالاصلاحات والانتخابات والنأي بالنفس عن صراعات المنطقة، كل البنود قد يكون من السهل التعاطي معها وإيجاد تخريجة ما لها، بإستثناء الجواب على قضية سلاح حزب الله وفق ما نص عليه القرار 1559 والذي في كل مرة كان يطلب تنفيذه من المجتمع الدولي، كان يجري التهرب من إيجاد صيغة لتنفيذه أساسا هي موجودة في بند حل المليشيات اللبنانية الوارد في الدستور اللبناني اي اتفاق الطائف، وكان حزب الله يفتعل حروبا ويقوم بإغتيالات ويوتر الاجواء مذهبيا وأمنيا ويتهرب من وعود يقدمها في مجلس الوزراء او حلقات الحوار وآخرها اعلان بعبدا والاستراتيجية الدفاعية.

ومن المقرر ان يغادر وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب غدا السبت الى الكويت للمشاركة في مؤتمر وزراء الخارجية العرب، الا ان الدول العربية تنتظر جواب الحكومة اللبنانية قبل ذلك، ليبنى على الشيء مقتضاه، وليستعيد لبنان ثقة الدول العربية والمجتمع الدولي فان هذه المبادرة هي اختبار حقيقي لنية الحكم، خصوصا ان الكلام المعسول الشكلي لم يعد مفيدا، والترحيب بالمبادرة كلاميا في وقت يجري الحفر لها من تحت الطاولة اصبح مفضوحا، ولا سيما ان مواقف حزب الله منها سلبية، وهو امر محرج للتيار الوطني الحر الذي يدافع عن سلاح حليفه تحت عنوان انه سلاح لمقاومة اسرائيل.

لكن هذه الحجة “لم تعد تقلي عجة”، فسلاح ما يسمى مقاومة اصبح سلاحا لمحاربة دول عربية وسلاح ميليشيا تتدخل في اشعال حروب اهلية في سوريا والعراق واليمن وصواريخها لم تذهب كما وعد الامين العام لحزب الله الى ما بعد بعد حيفا بل الى مدن أبها وابو ظبي في الخليج العربي، وعليه هو سلاح عدوان على دول شقيقة.

فالبند المرتبط بالقرار 1559 الصادر عن مجلس الأمن في أيلول 2004، يدعو إلى “حل جميع المليشيات اللبنانية ونزع سلاحها”، في جلسة عقدت وتحمل الرقم 5028، واكد مجلس الامن في قراره على جميع القرارات السابقة الصادرة بشأن لبنان، بما فيها القرار 425 الصادر سنة عام 1978 والقرار 520 الصادر سنة 1982 والقرار 1553 الصادر عام 2004. بالاضافة الى تأكيده على بيانات رئيسية صادرة ومتعلقة بلبنان اهمها البيان الرئاسي الذي صدر 18 حزيران عام 200.

ويوضح عضو لقاء سيدة الجبل المحامي ايلي كيرلس لــ”لبنان الكبير”، أن اهمية القرار 1559 انه نص باحد بنوده على ثلاثة امور مهمة ورئيسية، تصيب حزب الله بالصميم وهو يحاول التنصل منها لانها تتعلق به بوضعيته ووجوده. اهمها انه يطالب جميع القوات الاجنبية الانسحاب من لبنان. اول نقطة نص عليها هذا القرار، انسحاب كل القوى الاجنبية من لبنان، كما نص على حل جميع الميليشيات اللبنانية وإلزامها تسليم سلاحها وهذه نقطة اساسية تعني حزب الله. وفي احد بنوده ينص أيضا على بسط سلطة الدولة على جميع الاراضي اللبنانية. وبالتالي هذه النقاط الثلاث تعني حزب الله، وبالمعنى المجازي تشكل خطرا على حضوره ووجوده، ككيان قائد. وهذه البنود تتعارض مع الحالة التي يمثلها الحزب هذا ضمن التركيبة اللبنانية، فهو يتناقض مع هذا القرار”.

وإذ يشير الى أن “القرارات الدولية ملزمة للبنان لان لبنان عضو مؤسس في منظومة الامم المتحدة، كعضو مؤسس. وفي نفس الوقت فإن الدستور اللبناني ينص على الإلتزام بالمواثيق الدولية والقرارات الدولية، وهي في مرتبة تفوق حتى القانون الداخلي. وبالتالي فإن تنفيذ القرار 1559 ملزم للبنان”.

ويؤكد ان هذا القرار مرتبط بالقرار 1701، لان حزب الله حاول بسرديته ان يتنصل من تنفيذ الـ1559 بالقول انه فرض على اللبنانيين وهو نتاج الامبريالية الاميركية، وما الى هناك من تعبيرات للتشكيك بهذا القرار كما شكك بالمحكمة الدولية لكشف حقيقة اغتيال الرئيس رفيق الحريري لاحقا، ونحن كلبنانيين نرفض تشكيكه بالمحكمة الدولية. وللقول انه فرض علينا ولكن بالواقع 1701 وافق عليه حزب الله. لانه كان ممثلا بالوزير محمد فنيش بالحكومة. لما وافقت الحكومة اللبنانية على هذا القرار نتيجة حرب تموز عام 2006 اثر قيام حزب الله بأسر اسرائيليين على الحدود مع لبنان، وكان الوزير فنيش بقلب الحكومة اللبنانية. وبالتالي موافقة حزب الله كانت بخط وحبر. حزب الله الذي وافق على 1701 والذي نص على تنفيذ 1559. وبالتالي حزب الله ما بيقدر اليوم يتبرأ من القرار 1701 ويتنصل من تنفيذ 1559، فهو وافق عليه، من خلال موافقته1701″.

ويلفت الى ان تنفيذ القرارات الدولية يجب ان يحصل من قبل الحكومة اللبنانية وإذا عجزت الحكومة اللبنانية عن ذلك او كانت غير قادرة على التنفيذ، يستطيع مجلس الامن بناء لطلب الحكومة اللبنانية او بناء لقرار منه، لكونه سيد نفسه أن يتخذ قرارا ويطلب التنفيذ تحت الفصل السابع مما يعني تدخلا عسكريت واستعمالا للقوة.

يشدد كيرلس على ان القرارات الدولية تؤخذ لمصلحة الدول وعلى حكومات هذه الدول ان تنفذ هذه القرارات. وبالتالي فإن القرارات المتخذة لمصلحة لبنان من واجب الحكومة اللبنانية والسلطات الدستورية اللبنانية تنفيذها. انما بالواقع هي لا تنفذ لان قرار الدولة مصادر من الدولة العميقة او ما يعرف بالدويلة، الحكومة اللبنانية اليوم غير قادرة على الاجتماع من دون موافقة حزب الله فكيف يمكن لها ان تتخذ قرارات لتطبيق قرارات دولية. هناك فريق مسيطر اليوم على الدولة، اساسا هو رافض لمفهوم الدولة من الاساس، الدولة العميقة اليوم، مختبئة وراء هيكل عظمي اسمه دولة تمرر قراراتها. تأخد شرعية لقراراتها. واذا لم تستطع تمرير قراراتها تلجأ الى التعطيل، سنة وسنتين وإذا لم تصل الى مكان بعد مدة تلجأ للشارع من اجل التعطيل، من أحداث السابع من ايار، وصولا الى أحداث الطيونة، يظهر إنها كل ما كان حزب الله مأزوم يلجأ الى التعطيل بإستخدام الشارع، ليخربط الوضع ومن ثم يفرض ما يريده”.

وبرأيه هناك “استحالة ان تطبق الحكومة اللبنانية القرارات الدولية. اليوم عندك معابر شرعية ومعابر غير شرعية، هناك جيشان، عندك شبكتي اتصالات شبكة اتصالات شرعية وشبكة غير شرعية. عندك ناس تعبر الحدود من دون قيود وعندك ناس عندها قيود. الحكومة اللبنانية بكل واقعية غير قادرة. عجز الحكومة اللبنانية قد يؤدي الى اللجوء للبند السابع. وهذا كله يبقى من باب التحليل. لكن لنتنظر خطوة وراء خطوة”.

وعن المبادرة الكويتية، يجد كيرلس “إنها لم تأت من فراغ وهي جاءت بعد بيان الرياض الذي صدر عن الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي. وجرى التأكيد على القرارات الدولية، وجاء الامين العام للامم المتحدة الى لبنان واكد ايضا ضرورة تنفيذ القرارات الدولية، وبسط سلطة الحكومة اللبنانية على كامل الاراضي اللبنانية. وحتى الرئيس ميقاتي صرح بان الحكومة اللبنانية تلتزم 1701، المبادرة العربية انا لا اسميها مبادرة كويتية، لان الوزير الكويتي تحدث باسم الخليج العربي والسعودية وحكى بإسم القوى الدولية العظمى، اميركا وفرنسا وغيرهما. وبالتالي اذا فشلت المبادرة او أسقطت فإن هناك شيء جديد سيلوح في الأفق، وهي تدل على ان هناك ستاتيكو جديد يركب للبنان من قبل المجتمع الدولي والعربي”.

وعما اذا كان اللجوء للفصل السابع سيؤدي لحرب أهلية، يعتبر كيرلس أن “اهم مفاعيل الفصل السابع ان مجلس الامن يستطيع تنفيذ قراراته باللجوء الى القوة المسلحة. والقول ان ذلك قد يؤدي الى حرب اهلية تحليلات. وهذا الامر يتعلق بكيفية تعامل حزب الله مع هذا الموضوع لكن في النهاية القرار صادر عن المجتمع الدولي ومعارضة تنفيذه تعني معارضة الإرادة الدولية. ومفاعيل تنفيذه من قبل مجلس الامن تحليلات. هناك من يهوّل بحرب أهلية. برأيي لا احد يمكن ان يجزم بما سيحصل. يمكن حزب الله يلتزم بتنفيذ القرار وممكن ان لا يلتزم، ويمكن عدم التزامه أن يؤدي الى اشكاليات معينة من دون ضربة عسكرية او غير عسكرية ومن دون ما يصير في حرب اهلية. وممكن يصير في حرب اهلية. يعني ذلك من باب التكهنات والتحليلات. فكل فريق اليوم له مصلحة، في أخذ الأمور باتجاه معين. حتى يجرب يصوّب الأمور بما يخدم مصلحته”.

شارك المقال