البلد على كف قرار الحريري والورقة الخليجية والموازنة

رواند بو ضرغم

ثلاثة مفاصل تحكم الحياة السياسية اللبنانية ومستقبل مكوناتها، لم تتضح نتائجها بعد.

اولا، شكّل تعليق الرئيس سعد الحريري عمله السياسي التقليدي وتياره مرحلياً، حدثاً مفصلياً هز انسيابية الانتخابات النيابية وتحضيرات الحلفاء والخصوم لهذا الاستحقاق.

ثانيا، الرسالة الخليجية والرد اللبناني عليها الذي يحدد مستقبل علاقة دول الخليج مع لبنان.

ثالثا، البحث في الموازنة، وضرورة إنجازها لتحديد مصير المفاوضات مع صندوق النقد والبنك والدولي وانتشال لبنان من جحيمه.

كل هذه الأحداث تتزامن في ما بينها، لكن تأثيرات كل منها لا تنعكس على بعضها، وكل استحقاق له تداعياته الخاصة. وأكثر ما أصاب الانتخابات في الصميم، هو اعتكاف المكوّن السنّي بأكثريته الحريرية، فضرب الحلفاء والخصوم أخماسا بأسداس، ومن كان يطمح للتحالف مع المستقبل كالاشتراكي والمردة وميريام سكاف في زحلة، عبّر عن وقوفه الى جانب الحريري، وحاول ثنيه عن الاعتكاف. أما من كان سيكون له خصما كالقوات والتيار الوطني الحر، فحاول قطف الاصوات السنّية. الجميع يُعيد حساباته الانتخابية بعد عزوف الحريري والمستقبل، وسيركب البعض موجة شقيقه بهاء الحريري للاستفادة من ماله الانتخابي تحت ذريعة إرث الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ويبثّ بعضهم شائعات بأن خطوة سعد مدروسة مع شقيقه بهاء ومتفق عليها، إنما هذه الأكاذيب لن تنطلي على جمهور الرئيس سعد الحريري الذي التزم قرار زعيمه وفاء له ولتضحياته واعتداله. فالزعامة السنّية مرتبطة بالرئيس سعد الحريري فقط دون سواه، وجمهوره باقٍ على وفائه الى حين عودته.

وفي مقلب آخر، جاء جواب الدولة اللبنانية على الرسالة الخليجية محصورا بين الرئاستين الاولى والثالثة، وجرى اطلاع الرئيس نبيه بري عليها من غير ابداء أي رأي فيها، وتقول المصادر إن حزب الله رفض أيضا ان يبدي رأيا حولها، لأنه لم يُطلب رأيه قبل صياغة الرد اللبناني. وما هو معروف أيضا أن وجهة نظر الثنائي الشيعي قالها الرئيس بري فور تسلمه الرسالة من وزير الخارجية الكويتي ومفادها بأن مضمون القرار ١٥٥٩ مندرج ايضا ضمن مفاعيل القرار ١٧٠١، فالاصرار على ادراج هذا البند الخلافي ضمن المبادرة تصعّب التوافق اللبناني. الا أن عدم مشاركة السلطة التشريعية في الرد اللبناني يريح الثنائي الشيعي، فلا يصدر موقف معارض علني ولا التزام يؤثر في علاقة المكوّنات السياسية فيما بينها. ففضّل الثنائي الشيعي السكوت، لكن ما يقولونه أمام زوارهم أن القرار ١٥٥٩ لن يمر ومن غير المقبول أن يملي أحد على لبنان القرارات ويخرق سيادته، أما رد الدولة اللبنانية فكان مقبولا لدى أغلب فرقاء الداخل، إذ جرى اقتراح تأليف لجنة مشتركة عربية – لبنانية للبحث في النقاط الخلافية. والعبرة في الخواتيم.

أما الاستحقاق الثالث الذي يأخذ طابعا اجتماعيا فهو مشروع الموازنة الذي تبحثه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي والذي يتضمن رفعا للضرائب ومسا لجيوب المواطنين. فحتى اللحظة إن النقاش لم يحسم أي بند جدي، لأن النقاط الخلافية تُرحّل الى الجلسات الأخيرة التي تعقدها الحكومة، والأكيد أن ملف الكهرباء وتعرفتها سيأخذ الحيز الاكبر من النقاش، ويتلاقى وزير الطاقة وليد فياض مع الرئيس ميقاتي بمقاربته في ضرورة رفع تعرفة الكيلووات الى ما لا يقل عن ٥٠٠٠ ليرة وذلك تحت ذريعة أن المواطن يرتضي دفع تعرفة للمولدات يلامس ٨٠٠٠ ليرة. أما البند معلّق البحث، فهو الدولار الجمركي إذ تُجمع الحكومة على وجوب رفع الدولار الجمركي على السيارات وفقا لتاريخ الصنع، إنما السجال على المواد الغذائية الاساسية المستوردة فلا يزال من دون اتفاق، إذ تعمل وزارة المال على درس أهمية السلع المستوردة وفصلها وفقا لضرورتها عند المواطنين ليحدد على اساسها قيمة الدولار الجمركي عليها.

شارك المقال