مقاعد حلفاء على مائدة تعويض “التيار” خسائره الانتخابية؟!

المحرر السياسي

تغيب الكيمياء الانتخابية كما السياسية بين “التيار الوطني الحر” والأحزاب الموضوعة في الخانة الحليفة سياسياً. ويبدو أن التيار يتعامل مع الاستحقاق الانتخابي انطلاقاً من مقولة “أنا وخيي ع إبن عمي… وأنا وابن عمي ع الغريب”. وإذا كان الشقيق السياسي للتيار “البرتقالي” هو “حزب الله”، فإن “ولاد العمّ” هم الأحزاب المنضوية في خانة المحور السياسي عينه، بما في ذلك حركة “أمل” وتيار “المردة” والحزب “القومي”… وتأتي ترجمة عبارة “أنا وابن عمي ع الغريب” هنا، على طريقة خوض الانتخابات في مواجهة الفريق المحسوب على قوى 14 آذار سابقاً. لكن “الأخذ والعطى” الانتخابي الذي يدور في الكواليس حتى الآن، يرتبط بالجزء الأول من المثل الشعبي: “فأنا وخيي على ابن عمي” وسط مشاورات تجري للوصول إلى اتفاق حول تشكيل اللوائح الخاصة بالتحالف العتيد الذي تُبذل مساعٍ لجعله واسعاً.

وعلم “لبنان الكبير” أن مداولات ومفاوضات تجري خلف الكواليس بين “التيار الحر” و”حزب الله” تحديداً، حول الشؤون الانتخابية والبحث في التفاصيل العامة. وهناك جملة عناوين أشبه بشروط انتخابية يضعها التيار أولها اشتراط التحالف مع الحزب في كل الدوائر الانتخابية من دون استثناء، بما يعنيه ذلك من طلب التحالف حتى في الدوائر التي لا حضور لمقاعد نيابية شيعية فيها وتجيير الأصوات الشيعية لمصلحة مرشحي التيار. ويتعلّق الشقّ الثاني من المداولات المستمرّة بشعارات “شعرية” على طريقة ضرورة تطوير اتفاق “مار مخايل” وبناء الدولة وتحقيق الاصلاح وإلى ما ذلك من شعارات… ويغمز التيار هنا من قناة صراعه السياسي المستمرّ مع حركة “أمل” علماً أن الحركة ستكون بطبيعة الحال الفريق الثالث الأساسي على اللوائح المشتركة في حال تم الاتفاق على التحالف بين الثلاثي.

وأفادت المعطيات أن هناك نقاشاً جديّاً يتّخذه التيار على عاتقه للمفاوضة على عدد من المقاعد الانتخابية، بما في ذلك بعض المقاعد التي كانت محسوبة في الدورة الانتخابية الماضية على حلفاء له. ويضع مقعد بعلبك – الهرمل الماروني المحسوب على الحزب “القومي” تحت أنظاره. ولم يحسم النقاش حتى اللحظة، لكن التواصل قائم بين التيار والحزب “القومي”. وهناك من يقرأ خطوة من هذا النوع على أنها محاولة للافادة من الانقسام داخل “القومي” الذي تحول إلى “أحزاب مصغّرة” لتحقيق مكاسب على حساب الخسائر المنتظرة بالنسبة إلى عدد من المقاعد النيابية التي سيخسرها التيار حتماً نتيجة تراجع جماهيريته الشعبية. لكن اللافت أن المعطيات تشير إلى استعداد “القومي” لخوض الانتخابات وترشيح عدد من الشخصيات على امتداد دوائر عدّة انتخابية على الرغم من انقسامه الداخلي، بما يعني تصعيب الأمور أكثر على التيار في امكان الفوز بالمقاعد المسيحية التي لم يسبق أن تمثل عنها في الدورة الانتخابية السابقة.

وعلم “لبنان الكبير” أن حركة “أمل” تتمسك بترشيح النائب ميشال موسى عن المقعد الكاثوليكي عن دائرة الزهراني، بما يعني قطع الطريق أمام أي محاولة لترشيح شخصية محسوبة على التيار في تلك الدائرة، مع الاشارة الى أن ثمة من يهمس بأنه لا حضور عونياً في تلك الدائرة وأن النائب موسى أثبت ذاته على مدى الدورات الانتخابية ولم يترك المنطقة في عزّ الحرب بل بقي كطبيب الى جانب أهله. وتؤكد هذه الأجواء أن قدرة التيار على قطف مقاعد مسيحية اضافية قد تكون مسألة أكثر من صعبة. وفي وقت ستدعم “أمل” النائب ابرهيم عازار في جزين، يبدو أن الوضع أكثر سهولة بالنسبة الى تركيب التحالف في تلك الدائرة نتيجة الخلاف العميق بين النائب زياد أسود والمرشح المفترض حكمت أبو زيد، وترجيح استمرار رفض مشاركتهما انتخابياً على لائحة واحدة، بما يعني القدرة على ترشيح عازار على لائحة واحدة مع التيار وضمان حصوله على المقعدين الماروني والكاثوليكي في جزين.

وفي الانتقال إلى دائرة الشمال الثالثة، وتحديداً الى قضاء الكورة، فإن التيار يبدو بعيداً عن التفاوض على المقعد القومي علماً أن عدد الأصوات القومية يقدّر بما يقارب 6000 صوت. وينفي مواكبون القدرة على التوصل الى “بيعة انتخابية” بين الفريقين في الكورة لاعتبارات عدّة أبرزها عدم قدرة التيار على تحقيق أكثر من حاصل واحد في البترون وغياب الكيمياء بين القاعدتين العونية والقومية التي لا يمكن أن تصوّت لمصلحة مرشح للتيار. ويشار الى أن الفريقين يحتاجان الى عقد تحالفات في تلك الدائرة للوصول إلى حاصل انتخابي، خصوصاً لجهة “القومي” الذي من غير الممكن أن يحقق الحاصل من دون تحالفات. وهنا الأنظار على الخيارات التي يمكن أن يتخذها تيار “المردة” وإذا ما كان التحالف سيتحقق على صعيد ثلاثي مع التيار و”القومي”. ولم تنضج المؤشرات حول الصيغة الممكنة للتحالفات في هذا الاطار.

أما المقعد البارز الذي هناك مفاوضات حوله، فيتمثل بمقعد جبيل الشيعي في ظلّ تساؤلات حول ما إذا كان التيار سيخوض الانتخابات في تلك الدائرة بالتحالف مع “الثنائي”. وهنا يحتاج “حزب الله” الى عقد تحالف مع التيار للوصول الى الحاصل الانتخابي خلافاً للتجربة الانتخابية السابقة التي فشل فيها في الوصول الى بلوغ الحاصل في ظل الحاجة الى ما يقارب 3000 صوت إضافي. ويتيح التحالف مع التيار قدرة أكبر لفوز الحزب بالمقعد الشيعي. لكن التساؤلات المستمرّة في هذا السياق، مرتبطة بما إذا كان التيار سيقبل بعدم ترشيح اسم عن المقعد الشيعي في جبيل كما في الدورة الماضية. وثمة من يرجّح أن يكون المقعد الشيعي في جبيل أداة في يد التيار للمفاوضة على مقاعد مسيحية في دوائر انتخابية أخرى.

شارك المقال