“الثنائي” معتاد على “الغدر”: لكن ليس ضدي!

رواند بو ضرغم

لماذا فوجئ “الثنائي الشيعي” بغدر حليفيه الرئيس ميشال عون والرئيس نجيب ميقاتي له؟ أليس من يغدر بحليف يسهل عليه أن يغدر بخصم؟ أليس “حزب الله” هو من أوعز لتكليف الرئيس ميقاتي عام 2011 بعد أن اتفق معه و”التيار الوطني الحر” على طعن الرئيس سعد الحريري على باب البيت الابيض؟ ألم تؤدي عرقلة مساعي الانقاذ التي كان يقوم بها الرئيس الحريري الى وصول ميقاتي لرئاسة الحكومة؟ سيناريو عرقلة الحريري جرّبه “حزب الله” عام 2011 وكرّره عام 2021 لمصلحة مماحكات النائب جبران باسيل وكيده، ولم يتعلم من أخطائه، واليوم يدفع الثمن. فعلى الأقل يبقى الحريري خصماً شريفاً، لا يساوم على المصلحة الوطنية، ولا يُخل في التوازنات… فلماذا الاستغراب اليوم من انقلاب عون وميقاتي على “الثنائي الشيعي”؟

يوم عاد الثنائي الشيعي الى اجتماعات مجلس الوزراء بعد اعتكاف دام ثلاثة أشهر، كانت شروطه واضحة: إقرار الموازنة وخطة التعافي المالي وتمرير شؤون المواطنين. يومها، تقول مصادر الثنائي لموقع “لبنان الكبير”، إن اتفاقا أُبرم بين الثنائي والرئيس ميقاتي بأن لا يمر أي من التعيينات التي تهدف الى تعويم فريق رئيس الجمهورية في آخر عهده وقطعاً للطريق أمام تقريشها في الانتخابات النيابية المقبلة، وتستطرد المصادر بالقول: “كان في الاساس مطلب الرئيس ميقاتي وكان يصر عليه، وانقلب اليوم بعد الاتفاق مع رئيس الجمهورية”.

أحد الوزراء الشيعة قال لموقع “لبنان الكبير”، إن “ميقاتي نكث بهذا العهد الذي قطعه لحزب الله وحركة أمل، وميقاتي هو من بادر على طاولة مجلس الوزراء بالتوجه الى وزير الدفاع موريس سليم بالسؤال: ماذا لديك من شغور في المجلس العسكري؟ إطرحه للبت به”. وهنا علم وزراء الثنائي الشيعي بالاتفاق المسبق بين الرئيسين ميقاتي وعون، فسمّى ميقاتي محمد المصطفى بدلا من اللواء محمود الاسمر، وسمى رئيس الجمهورية حصته المتمثلة ببيار صعب.

وتصر مصادر وزارية على أن “حالة من الفوضى عمّت جلسة إقرار الموازنة، متمثلة بعدم التصويت عليها وفقا للدستور الذي يحتّم نيلها ثلثي المجلس، هذا بالاضافة الى إسقاط التعيينات من خارج جدول الاعمال، والاستخفاف بمؤسسة مجلس الوزراء. ولم يُعطَ وزراء الثنائي الشيعي فرصة مراجعة قياداتهم السياسية، على الرغم من اعتراض الوزيرين علي حمية ومحمد مرتضى على مسار الجلسة، على اعتبار أن للوزراء الشيعة مرجعيات يجب العودة اليها”.

مصادر عين التينة تؤكد لـ”لبنان الكبير” أنه “لم يُسجل أي اتصال بين الرئيسين بري وميقاتي بعد الجلسة، ورئيس المجلس النيابي مستاء جدا مما حصل في مجلس الوزراء”، ووفق معلومات خاصة بموقعنا، فإنه “بعد التنسيق بين حركة أمل وحزب الله، اتفق على عدم توقيع مراسيم التعيينات العسكرية الى حين اكتمالها، ولن يصدروا أي بيان مشترك إنما سيتوجه الثنائي (علي حسن خليل وحسين الخليل) للقاء الرئيس نجيب ميقاتي فور عودته من الاردن للاعتراض على ما يحصل بشكل حازم”.
الأفظع من تهريب التعيينات، وفق مصادر قريبة من ميقاتي ممتعضة من انقلابه على التزاماته، “هو أنه أقر أسوأ موازنة على مر تاريخ الحكومات من غير التصويت عليها، ففرضت ضرائب لا تراعي الأمن الاجتماعي، واتبع اسلوب حكومة حسان دياب التي امتنعت عن سداد ديون الخارج، واستنسخته حكومة ميقاتي مع ديون الداخل والامتناع عن سدادها، هذا بالاضافة الى الاتفاق على تهريب تغطية سلفة الكهرباء”.

هذه الضبابية في تمرير الموازنة، يعني النية الواضحة في ترحيل الخلافات الى مجلس النواب لافتعال المشكلات والمزايدات الشعبوية والبلبلة الناجمة عن عدم الاتفاق المسبق عليها، وهذا ما جعل الثنائي الشيعي يتأكد من أننا في مرحلة استخفاف بمؤسسة مجلس الوزراء، مع طرح العديد من الأسئلة: لماذا لم يطلع الثنائي الشيعي على جدول مجلس الوزراء؟ وهل يحق لرئيس الجمهورية ادراج تعيينات من خارج جدول الاعمال، من دون اطلاع الوزراء على الاسماء لدراستها قبل 48 ساعة؟ كل هذه الأمور ادت الى احراج الثنائي الشيعي، وسط فوضى دستورية واستخفاف في مجلس الوزراء والوزراء وموقف الثنائي، وهذا ما قد يتطور الى المزيد من الكباش في المقبل من الايام.

شارك المقال