هل ينجح عون في التمديد ممهداً طريق الرئاسة للصهر؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

كل المؤشرات توحي بأن رئيس الجمهورية ميشال عون قد يلجأ الى طرح التمديد لولايته، إذا فشل في إقناع حليفه “حزب الله” بالإتيان بصهره خلفاً له، خصوصاً وأن أصوات المجلس النيابي العتيد غير مضمونة، حتى ولو جرى تعطيل الاستحقاق الانتخابي وزرع الفوضى لتبرير تأجيله، فإن المجلس الحالي لن يكون بإمكانه تمرير إنتخاب باسيل المعاقب دولياً والمرشح لخسارة موقعه النيابي. وفي حال جرت الانتخابات، وتجاوزت السلطة العوائق المالية والإدارية، الا أنها قد لا تتجاوز العوائق الأمنية والشلل في المؤسسات في ظل إصرار عون على إختلاق أسباب للعرقلة وتطيير الانتخابات النيابية وبعدها الرئاسية لعل الظروف بعد ثلاث سنوات تصب في مصلحة الصهر.

اللحام: التمديد ممكن دستورياً ومستبعد سياسياً

يشرح أستاذ القانون الدستوري وسام اللحام لــ “لبنان الكبير”، أنه في الشق الدستوري “يمكن حصول التمديد لولاية رئيس الجمهورية، كما حصل عندما جرى تمديد ولاية الرئيس الياس الهراوي في العام 1995، وكذلك عندما مدد للرئيس إميل لحود في العام 2004، عبر اجراء تعديل دستوري للمادة 49 من الدستور، بالقول بصورة استثنائية ولمرة واحدة تستمر ولاية رئيس الجمهورية الحالي لمدة معينة، وعادة يجري التمديد لمدة ثلاث سنوات، مثلما جرى مع الهراوي ولحود. وحتى يتم التعديل بشكل سريع، يجب أن يمر في مجلس الوزراء وبموافقة ثلثي أعضاء المجلس باقتراح من رئيس الجمهورية لتعديل الدستور، واذا وافق ثلثا الأعضاء على مشروع قانون التعديل، فيجري تحويله الى مجلس النواب لمناقشته وعندها يجب اقراره بغالبية الثلثين أيضاً”.

ويقول اللحام: “من الناحية الدستورية هناك صيغة للتمديد يمكن حصولها ولكن هل هناك ثلثان من النواب في المجلس يمكن أن يوافقوا على التمديد لرئيس الجمهورية؟ أشك في ذلك، مع أنه لا يمكن معرفة ما يمكن أن يتفقوا عليه عبر اجراء صفقة ما تمرر التمديد لرئيس الجمهورية”.

ويضيف: “من الناحية السياسية من المستبعد التمديد، ولكن من الناحية الدستورية يمكن تعديل الدستور كما قلت بآلية دستورية معينة كما حصل في العامين 1995 و2004”.

الزغبي: عرقلة الانتخابات النيابية مقدمة

ويرى الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي، في حديث لــ “لبنان الكبير” أن “كل المقدمات السياسية والقضائية والأمنية التي تحصل في هذه المرحلة، تدل على أمر ما بات يتراكم في المعطيات كي يثبت صحتها، هذا الأمر هو أن هناك من يفكر ويسعى الى التمديد على أكثر من مستوى، بدءاً بمجلس النواب من خلال عرقلة الانتخابات النيابية في 15 أيار أو تعطيلها أو نسفها، ثم من خلال خلق الظروف المناسبة لإحداث فراغ في سدة رئاسة الجمهورية بعد 31 تشرين المقبل”.

ويقول: “هذه المساعي يقوم بها ما أسمّيه ثنائي الضاحية وضاحيتها. أي حزب الله وتيار العهد أو العهد وتياره، وقد باتت الأمور واضحة جداً على هذا المستوى. فبالنسبة الى تأجيل الانتخابات النيابية أو تخريبها، شاهدنا بالأمس آخر فصول هذه المحاولات من خلال إعادة احياء طرح الميغاسنتر، أي أن ينتخب الناخبون في أماكن سكنهم، وهذا الموضوع كان قد طوي لأسباب عدة أبرزها دقة اقامة الناخبين والكلفة الباهظة مالياً، خصوصاً أن هذه السلطة تفتقر الى المال وتتسوله من دول العالم بحجة أنها لا تملك ما يكفي لإجراء الانتخابات النيابية”.

ويعتبر أن “طرح الميغاسنتر الذي تقدم به عون في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة يعني أن هناك مسعى لإيجاد حجة أو سبب ما لتعطيل الانتخابات النيابية. سبقت ذلك محاولات عدة منها إعادة طرح تعديل قانون الانتخاب من خلال اعادة حصر أصوات المغتربين ضمن الدائرة 16، أي كي يقترعوا فقط بشكل منعزل لـ 6 نواب في المغتربات. وقبل ذلك أيضاً حدثت محاولة قوية جداً من خلال تقديم طعن أمام المجلس الدستوري، صحيح أن هذا الطعن سقط بتعديلات قانون الانتخاب، ولكنهم ما زالوا يحاولون الدخول من ثغرة هنا أو هناك كي يبرروا قانونياً على الأقل واجرائياً تأجيل الانتخابات”.

ويؤكد الزغبي أن “الثابت في كل هذا الاتجاه، أن حزب الله يقيم حساباته على الرغم من انسحاب تيار المستقبل من المعترك السياسي والإنتخابي، أنه سيخسر الأكثرية التي يتمتع بها الآن بعد انتخابات 2018، على خلفية ما جرى في العراق، من خلال انحسار عدد نواب الكتل المؤيدة للوصاية الايرانية هناك، ويخشى أن يتكرر الأمر هنا، خصوصاً أن أذرعه في الطوائف الأخرى، السنية والدرزية وتحديداً أكثر فأكثر لدى الطائفة المسيحية. هذه الأذرع مهددة بالانقباض على الأقل أو بالانحسار، بفعل تمدد وإتساع رقعة شعبية القوى السيادية، من أحزاب سيادية كانت في إطار 14 آذار أو في المجتمع المدني بعد ثورة 17 تشرين 2019”.

ويرجح “احتمال التمديد المزدوج للمجلس النيابي الحالي ومن ورائه ايجاد فراغ في سدة الرئاسة ومن ثم البحث عن فذلكة دستورية ما، يعد لها الطاقم الاستشاري في رئاسة الجمهورية، كي يستمر عون في كرسي الرئاسة بحجة أن الفراغ غير مسموح به وأن المرافق العامة ومنها رئاسة الجمهورية يجب أن تكون وتستمر في الدولة”.

ويشير الى أن “كل هذا مرتبط حكماً بالتطورات الاقليمية من فيينا الى الحوارات الدائرة جانبياً سواء بين السعودية وايران أو بين الامارات وايران، وكذلك على خلفية الملف النووي الايراني وموقف اسرائيل المتصاعد ضد أن يسمح لايران بانتاج قنبلة نووية. هذه التشابكات في المواقف الداخلية والاقليمية والدولية يظن الساعون الى التمديد أنها تناسبهم للقيام بذلك. وما الخطوة الأخيرة التي أقدم عليها عون من خلال قيادة أمن الدولة بمطاردة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الا خطوة في هذا الاتجاه، لأن هذا الإضطراب القضائي والأمني يخلق تبريرات تجاه الرأي العام الداخلي والخارجي بوجوب التمديد لمجلس النواب أو تأجيل الانتخابات على الأقل بحجة أن هناك اضطرابات أمنية وسياسية وقضائية وأن المؤسسات المؤسسات غير جاهزة، لذلك فان مسعى هذا الفريق أو هذا الثنائي بين الضاحية وضاحيتها يتبلور أكثر فأكثر يوماً بعد يوم فهم يريدون فعلاً أن يمددوا للحالة التي يسيطرون عليها على الأقل منذ العام 2018”.

شارك المقال