دفاعاً عن حق لبنان وثروته البحرية… الثوار ينتفضون على الخيانة

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

لم يستقبل الثوار نتائج المفاوضات بين لبنان وإسرائيل على ترسيم الحدود البحرية، بالترحيب، إذ بدؤوا يعدون العدة للقيام بتحركات للضغط على منظومة الحكم، بعدما جرى التداول إعلامياً عن تراجع رئيس الجمهورية ميشال عون عن الخط ٢٩ في ملف الترسيم، واعتبار الخط 23 هو سقف التفاوض، وسط اتهامات تشير الى أن عون قد يكون حصل على وعود أميركية برفع العقوبات عن صهره جبران باسيل. ويبدو أن “حزب الله” الذي يتغنى بالمقاومة وبالمسيرات والصواريخ الذكية وبــ 100 ألف مقاتل قد أعطى موافقته على ذلك، على الرغم من “بروباغندا” أمينه العام السيد حسن نصر الله بأن ليس للحزب علاقة بملف الترسيم.

وبدأ الثوار يعدون عدتهم لكشف ما يبيته العهد القوي لمواطنيه الذين رماهم الى قاع الجحيم، عبر تقديم التنازلات لاسرائيل واحتلال 1430 كلم2 بدون “مقاومة”، من حدوده البحرية وهي مساحة الفرق بين خط 23 الذي جرى قبوله والخط 29 المفترض أن يفاوض عليه.

واعتبرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أنّ “الطّريق بات ممهّداً، لتوقيع اتّفاق بوساطة الولايات المتحدة الأميركية، بين لبنان وإسرائيل، ينهي الصّراع على الحدود البحرية بين البلدين”، مشيرة الى أن “المبعوث الأميركي الخاص بترسيم الحدود آموس هوكشتاين، نقل رسالة إلى تل أبيب مفادها بأن نصر الله، أعطى موافقته للحكومة اللبنانية على التقدّم في المفاوضات، مع بعض الشّروط المقبولة للجانبين”. والواضح أن هوكشتاين استطاع أن يفرض شروط اسرائيل على الدولة اللبنانية ويتنازل رئيسها عن 1430 كلم2 من حدودها البحرية، وقبول شروط العدو، بينما “حزب الله” يستعرض مسيراته على الحدود بهدف التعمية على الحقائق، ولا أحد يعلم ما إذا كان السيد يرغب في تكرار تجربة “لو كنت أعلم” وذلك لأنه يجنح بمواقفه وفق رياح محادثات فيينا.

وتعلن مجموعات من الثوار من خلال تنظيم نشاطات مختلفة عن رفضهم لما حصل في مفاوضات ترسيم الحدود والتنازل عن حقوق لبنان في المساحة الواقعة بين خطي 23 و29 على الحدود البحرية أو المس بثروة اللبنانيين، وهم يهدفون الى مخاطبة المجتمع الدولي وايصال صرختهم الرافضة، معتمدين على المادة الثانية من الدستور، بعدم جواز “التخلي عن أحد أقسام الأراضي اللبنانية ولا التنازل عنها”. واذ انتقدوا السلطة الحاكمة، حذروها من عقد الصفقات المشبوهة على حساب سيادة الوطن وسلامة أراضيه وثرواته.

وفيما يعقد في نادي الصحافة يوم الاثنين في 21 شباط الجاري مؤتمر صحافي للدكتور عصام خليفة بدعوة من قوى الثورة والتغيير، يستعد المغتربون اللبنانيون للتجمع في باريس يوم 26 شباط الساعة الثالثة بعد الظهر في ساحة فيكتور هوغو من أجل إعلاء الصوت ضد سياسات الحكم التي فرطت بثروات لبنان وحقوقه.

وفي هذا الاطار، يشير مؤسس حركة “مواطنون لبنانيون حول العالم” اليان سركيس وهو ناشط في صفوف الثورة، في حديث لـ “لبنان الكبير”، الى أن الدعوة لمغتربي فرنسا، “هي للقول إننا لن نتنازل عن ثرواتنا وعن 1430 كلم2 عند حدودنا البحرية، ولنؤكد أن التفاوض يجب أن يحصل على الخط 29 وليس التراجع عنه الى الخط 23 كونه الخط الأساس، ومن يتنازل عنه يكون قد ارتكب خيانة عظمى بحق وطنه”.

ويلفت سركيس الى ما حدث في العام 2007، عندما وقع اتفاق بين لبنان وقبرص على ترسيم الحدود، حول تعيين المنطقة الاقتصادية الخالصة، وفي العام 2009 استكملت الدولة اللبنانية ترسيم حدودها الشمالية والجنوبية. وتبين أن الحدود مع قبرص يجب أن تمتد جنوباً الى النقطة 23 بدلاً من 1، وشمالاً 7 بدلاً من 6. وكان هناك خلل كبير لصالح قبرص، وفي العام 2010 استغلت اسرائيل الخطأ، ورسمت حدودها من النقطة 1 الى النقطة 12، ثم عمدت الى ترسيم حدودها البحرية مع لبنان بخط من 30 متراً يبدأ من شمال رأس الناقورة حتى النقطة 1.

ويعتبر أن “الحكومة اللبنانية وقعت في خطأ كبير، عندما اعتبرت الخط الممتد من شمال رأس الناقورة بـ30 متراً”. ويوضح أنه “في العام 2011 صدر قانون رقم 163 حول تحديد واعلان المنطقة البحرية، وبعد ذلك صدر المرسوم 6433 الذي يعتمد الخط 23 خط التفاوض اللبناني، لكن الدولة كلفت شركة ايكو التي وضعت تقريراً يؤكد أن حدود لبنان تصل الى النقطة 29 أي بزيادة 1430 كلم2 وهذا قبل 4 أشهر من صدور المرسوم 6433، وربما أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي مع المنظومة الحاكمة لم يعرضه على مجلس الوزراء آنذاك، بما يتخطى اقتراح هوف والسفير الاميركي الذي حاول إيجاد حل بين الخطين 1 و23 من خلال إعطاء لبنان 468 كلم2 والاسرائيلي 392 كلم2 من أصل المساحة المتنازع عليها”.

أما في العام 2013، يشير سركيس الى أن “العقيد في الجيش اللبناني مازن بصبوص أجرى دراسة حول هذا الموضوع عن انشاء مصلحة هيدروغرافيا في الجيش اللبناني وتوصل في أطروحته الى نتائج متشابهة مع الشركة البريطانية ايكو، ووجه كتابين الى مجلس الوزراء في العام 2019، والأخير كان بتاريخ 9-3-2020، طالب فيه بتعديل المرسوم 6433، واتخاذ لبنان خطاً تفاوضياً هو الخط 29″، مؤكداً أنه “يحق للبنان فعل ذلك لأن المادة الثالثة من المرسوم تسمح له بتعديل النقاط وخط التفاوض. وهذا يتوقف على قيام رئيس مجلس النواب نبيه بري، بموافقة المنظومة وخصوصاً حليفه حزب الله منذ عشر سنوات، بالإعلان عن اتفاقية الاطار للتفاوض مع اسرائيل ولم يذكر فيها الا اتفاقية الهدنة واتفاقية ترسيم الحدود عام 1949 واتفاق نيوكمب 1923 وهي نقطة ضعف أساسية للوفد اللبناني المفاوض”.

ويقول سركيس: “على الرغم من المطالبة الشعبية ولجنة الترسيم ومصلحة هيدروغرافيا في الجيش اللبناني وتعديل المرسوم 6433 وارساله الى الأمم المتحدة، الذين اعتبروا أن الخط 29 هو الخط التفاوضي للبنان، الا أن تعنت السلطة لا يزال قائماً للحفاظ على مصالحها الداخلية”.

ويشدد على أن “الشعب اللبناني وثواره، سواء كانوا في الداخل أو في الخارج، يرفضون رفضاً قاطعاً التنازل عن أي شبر من حدودنا البحرية أو البرية. ونطلب من الدول والأمم المتحدة أن تساعدنا على إعادة النظر في هذا القرار وتعديله بما يحفظ حق لبنان، وسنبقى نعمل للضغط على المنظومة السياسية في الداخل حتى يعدلوا المرسوم 6433، ويرسلوا رسالة واضحة الى الدول المعنية بإمضاء الرؤساء الثلاثة الذين تعاونوا مع بعضهم البعض من العام 2011 حتى اليوم بالتعديل حتى نحافظ على ثروة لبنان وحقه”.

ويلفت الى “أهمية التمسك بخيرات بحرنا، ونحن نعرف أن البلد اليوم في حالة انهيار وشلل كاملين، وهذه الثروات اذا استخرجت من تحت الارض تؤمن ما يقدر بمئتين مليار دولار، واذا لم نتحرك فسـتستفيد اسرائيل منها أي يتم تقديمها لها كهبة من دون أي مقابل أو مقابل نزع العقوبات الأميركية عن شخصيات فاسدة في الحكم”.

من هنا، يختم سركيس كلامه تأتي دعوتنا لكل اللبنانيين المنتشرين في دول العالم الى “إعلاء الصوت أينما كانوا في الداخل والخارج، ونحن من ساحة بلاس فيكتور هوغو في باريس ستكون لنا وقفة يوم 26 الشهر الجاري الساعة الثالثة بتوقيت فرنسا من أجل اعلاء صوتنا ضد هذه السياسة الفاشلة للحكم اللبناني”.

شارك المقال