الأزمة الأوكرانية: أي غزو روسي غير مبرر تماماً

حسناء بو حرفوش

في موقع صحيفة “ميترو” البريطانية، تساؤلات حول خشية الحكومة البريطانية من استعداد الجيش الروسي لاجتياح أوكرانيا “مع دخول الأزمة مرحلة جديدة مخيفة، يمكن أن تنذر باندلاع الصراع الأكثر دموية في أوروبا منذ العام 1945”. ووفقاً للمقال، “يستمر العمل العسكري الروسي في أوكرانيا منذ العام 2014، لكن الأمور تنذر بحرب واسعة النطاق.

وعلى الرغم من إصرار فلاديمير بوتين مراراً وتكراراً على عدم نيته غزو جاره، تتحدث الحقائق عن نفسها. لكن حجم ومدى أي عمل عسكري لا يزال غير واضح المعالم بينما لا يزال العالم يحاول معرفة ما خطط له بوتين. ويمكن تلخيص الأسئلة الكبيرة المطروحة على الشكل التالي:

هل قامت روسيا بغزو أوكرانيا؟ الإجابة هي “نعم” بكل بساطة، ويعود ذلك إلى العام 2014 أصلاً، حين ضمت القوات الروسية شبه جزيرة القرم وقدمت الدعم سراً للقوات في دونيتسك ولوهانسك (المعروفة باسم دونباس). وتكمن المشكلة في أن كلمة “غزو” تتضمن الكثير من المناطق الرمادية، التي يبرع الكرملين في استغلالها، لذلك سوف تستمر الأطراف بالتنازع حول تعريف مفهوم الغزو. ومع ذلك، اتخذت الحكومة البريطانية قرارها، فهي تعتقد أن “الغزو قد بدأ”، مما يعني أن ضم الأراضي الأوكرانية قد دخل مرحلة جديدة. ويضاف الاعتراف الروسي باستقلال دونيتسك ولوهانسك إلى محاولة روسيا تقسيم الدولة الأوكرانية.

بعد دونباس، هل تغزو روسيا بقية أوكرانيا؟ لا أحد يمتلك الإجابة ما عدا فلاديمير بوتين. لقد أوضح جلياً رفضه قبول حق أوكرانيا في الاستقلال ويعتبر أرضها جزءاً من الإمبراطورية الروسية. وأفيد في وقت سابق من هذا الأسبوع أن البعض في البيت الأبيض يخشى الآن أن الهجوم على كييف هو التكتيك الأكثر ترجيحاً.

ماذا سيحدث بعد الغزو؟ إذا نجحت الروس في الاستيلاء على أوكرانيا، فمن المحتمل أن يسعوا إلى تنصيب حكومة خاضعة للتحكم. وكشف السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة في هذا السياق، أن الأميركيين يعتقدون أن موسكو أعدت قائمة بشخصيات المعارضة والمعارضين الذين سيتم قتلهم أو إرسالهم إلى المعسكرات بعد الغزو. وليس من الواضح ما إذا كانت روسيا ستسعى الى احتلال البلاد لأي فترة زمنية بعد تثبيت نظام يمكنها السيطرة عليه بسهولة. أما الأوكرانيون، من ناحية أخرى، فعازمون على القتال وخوض حرب عصابات أيضاً. وتلقى العديد من الأوكرانيين بشكل يومي تدريبات على الأسلحة، وحذر الغرب موسكو من أنها قد تتورط في صراع دموي طويل”.

وحسب تحليل في موقع “سكوتسمان” (Scotsman) الاسكتلندي، “على الرغم من أن أوكرانيا وروسيا قد تبدوان بعيدتين على الجانب الآخر من القارة بالنسبة الى الأوروبيين الغربيين، من شأن أي صراع واسع النطاق أن يترك تأثيراً كبيراً على الحياة بأكملها هناك، مما يجبر الناس على الفرار من القتال والبحث عن ملاذ في أي مكان آخر في أوروبا بالتزامن مع رفع أسعار الطاقة والغذاء وتضخم أزمة تكلفة المعيشة الحالية.

ولا شك في أن رد الفعل الدولي سيأتي سريعاً وهاماً إذا غزت روسيا جارتها، وسيترجم بفرض عقوبات واسعة النطاق على المعتدي، بينما سيكون هناك دعم عسكري ومالي لأوكرانيا الضحية. وتربط اسكتلندا صلات طويلة وثابتة للبلاد بكل من أوكرانيا وروسيا، عدا عن الروابط التاريخية.

ويجب أن تكون اسكتلندا المستقلة عضواً في الناتو حتى تتمكن من لعب دورها في الحفاظ على السلام في المنطقة، خصوصاً وأن ما يحدث في أوكرانيا في الوقت الحاضر مفجع للغاية. ويستعد مئات الآلاف من القوات والجيش الروسي المدججين بالسلاح لضرب البلد المجاور، وإلحاق الضرر والدمار والموت بسكانه. وبالتالي، تعتبر التهديدات الحالية لأوكرانيا من قبل الرئيس فلاديمير بوتين مروعة وغير مقبولة. وإذا بدأ العدوان العسكري الروسي واسع النطاق، فسوف يودي بحياة العديد من الأوكرانيين والروس، مع الاشارة إلى أن هذه الكارثة غير ضرورية وغير مبررة على الإطلاق.

ولجميع الدول الحق في العيش بسلام وتقرير مستقبلها. ولكن لسوء الحظ، تحاول روسيا أن تكبح طموحات أوكرانيا بتبني المعايير الديموقراطية والاقتصادية الأوروبية. وبعد قيامها بغزو شبه جزيرة القرم، تدعم روسيا المتمردين في شرق أوكرانيا وتنشر الآن معلومات مضللة مع وكلائها كذريعة للصراع. ومع ذلك، لم يفت الأوان بعد حتى في هذه المرحلة المتأخرة، لتفادي أسوأ نزاع مسلح. وتهدف ديبلوماسية اللحظة الأخيرة التي يشارك فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن إلى وقف آلة الحرب الروسية.”

شارك المقال