القرارات الدولية وتجاهل المنظومة… مظلة التنفيذ بعد الانتخابات؟ 

هيام طوق
هيام طوق

صحيح أن الملفات الشائكة التي تستحوذ على اهتمام قادة الدول متعددة وملتهبة ومصيرية ومنها المفاوضات النووية في فيينا وطبول الحرب التي تقرع بين روسيا وأوكرانيا، ولكن على ما يبدو أن دهاليز الأزمات اللبنانية المظلمة، والتطورات الدراماتيكية للأحداث على المستوى المحلي التي تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم تشي بأن الوضع في غاية الدقة والخطورة.

وعلى الرغم من انشغال العالم بملفات دولية ملتهبة إلا أن الاهتمام “الكوني” الديني والمدني، بلبنان يحتل مرتبة متقدمة على أجندات القادة، ويأخذ حيزاً هاماً ومساحة واسعة من برامج المحادثات واللقاءات التي تؤكد جميعها على ثابتة واحدة: استقرار لبنان واحترام سيادته تماشياً مع القرارات الدولية.

وبعد البيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي في شأن لبنان مطلع شباط الحالي، والورقة الكويتية العربية – الدولية التي حملها وزير خارجية الكويت أحمد ناصر المحمد الصباح الى بيروت منذ أسابيع، شدد بيان مشترك لمجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي على “الحاجة إلى إجراءات بناء الثقة وضرورة العمل المشترك للمساعدة في الحفاظ على استقرار لبنان واحترام وحدته وسيادته تماشياً مع قرارات مجلس الأمن 1559 و1680 و1701”. مع الاشارة الى أن هناك معلومات تتحدث عن أن الجواب اللبناني على الورقة الكويتية لم يأت على قدر التطلعات، وما التشابه بين الورقة والبيان الأوروبي – الخليجي سوى دليل على ذلك.

إذاً، مجلس الأمن والورقة الكويتية ومجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي والبيانات الصادرة عن الديبلوماسية الفاتيكانية، واللقاءات والمحادثات القائمة على مستوى رؤساء الدول والوزراء ولعل آخرها المناقشة التي جرت بين وزيري خارجيتي فرنسا جان ايف لودريان والولايات المتحدة أنتوني بلينكن، في الملف اللبناني، كلها تنطلق من عنوان أساسي مشترك ومتفق عليه من قبل الجميع يتمثل بضرورة التزام لبنان بالقرارات الدولية.

وقبل أيام من زيارة لودريان الى لبنان مطلع آذار المقبل، وهو يحمل رسالتين وفق المعلومات، تتمحوران حول اجراء الانتخابات في موعدها، والقيام بالاصلاحات تسهيلاً لعملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي، لا بد من طرح الأسئلة التالية: هل تكتفي عواصم العالم بإصدار البيانات المتطابقة؟ وما أهمية هذه البيانات والمطالبة بتطبيق القرارات الدولية في ظل تجاهل المنظومة؟ وهل فعلاً ستوفد الدول ممثلين لها للاطلاع عن كثب على مدى الالتزام بالنداءات العربية والدولية؟ وهل زيارة لودريان تصب في هذا الاطار؟ ولماذا الاهتمام بالاستقرار في لبنان؟.

قيومجيان: تراكم المجهود الدولي يعيد البلد الى وضعه الطبيعي

أشار الوزير السابق ريشار قيومجيان الى “أننا لم نشهد تطبيقاً عملياً للقرارات الدولية خصوصاً الـ 1559 نظراً الى إصرار حزب الله على الاحتفاظ بسلاحه. والأطراف في الداخل لا يمكنهم اللجوء الى القوة لنزع السلاح بغية عدم الانجرار نحو حرب أهلية، ولكن في الوقت نفسه، لا يمكن أن نكمل في مصادرة قرار الدولة من قبل الحزب”.

ورأى أن “القرارات الدولية تؤكد أن البلد ليس متروكاً”، آملاً “أن يعقد مؤتمر دولي يصب في اتجاه تحييد البلد عن صراعات المنطقة، وتقوية مؤسساته الشرعية ومساعدته لاستعادة سيادته وتطبيق الاصلاحات المطلوبة والخروج من أزماته، لكن الدول تعمل وفق توقيتها ومصالحها”. واعتبر أنه “على الرغم من أن هذه القرارات لم تؤد الى نتائج فورية لكن تراكم المجهود الدولي سيؤدي في نهاية المطاف الى الوصول الى الوضع الطبيعي في البلد، لأنه غير طبيعي حالياً في ظل وجود السلاح مع فريق مرتبط بالخارج”.

ولفت الى أن “الحركة الديبلوماسية اللافتة مرحب بها، وتبقي البلد في دائرة الاهتمام الدولي وتؤكد أنه ليس متروكاً لقدره ولمزيد من العزلة لأن الحزب أوصلنا الى العزلة العربية مع الأمل ألا نصل الى العزلة الدولية”، مؤكداً “أننا متمسكون وأفرقاء في الداخل برفض سيطرة حزب الله على البلد”.

علم: مناخ دولي جديد بعد الانتخابات

بدوره، اعتبر المحلل السياسي جورج علم أن “لبنان غير قادر على التجاوب مع ما تتضمنه هذه البيانات، وهذا ما انعكس في رده على الورقة الكويتية”، معرباً عن اعتقاده أن “هذه السلسلة من البيانات الصادرة على المستوى العربي أو الدولي أو من قبل الأمم المتحدة ربما يتم التحضير من خلالها لمناخ دولي جديد بعد الانتخابات النيابية المقبلة. وبالتالي، ربما سيعقد مؤتمر دولي أو ما شابه ذلك، لصياغة عقد اجتماعي جديد للبنان لأن الاتكال عليه في تنفيذ القرارات الدولية أمر صعب للغاية”.

وقال: “هناك مسار نراه حالياً علينا عدم الاستهانة به: أولاً، ترسيم الحدود حيث أن الأمر أصبح رهن الادارة الأميركية، اذ أن شركة نفط أميركية ستتولى التنقيب عن النفط في المناطق المتنازع عليها مع وسيط دولي يحدد الأرباح ويقسمها بين لبنان واسرائيل، أي هناك استثمار أميركي انطلق في النفط والغاز اللبناني. ثانياً، هناك استثمار فرنسي في مرفأ بيروت في ما يتعلق بمحطة الحاويات. ثالثاً، هناك كلام عن استثمار ألماني في الكهرباء بمعنى أن تعمل ألمانيا وتحديداً شركة siemens لاعادة تأسيس النظام الكهربائي في لبنان. إذاً، هناك مناخ دولي بدأ يستثمر في لبنان مع الاصرار على اجراء الانتخابات. لكن اذا حصلت الانتخابات ولم تؤد الى التغيير المنشود، فما العمل؟”.

وأكد أن “هذا المسار سيؤدي في نهاية المطاف الى مؤتمر دولي اقليمي خصوصاً الدول المؤثرة على الساحة اللبنانية لصياغة عقد اجتماعي جديد أو اعادة تنقيح اتفاق الطائف بشكل يعالج الثغرات”، مشدداً على أن “لبنان عاجز عن معالجة سلاح حزب الله اذا لم يكن هناك توافق دولي للضغط على ايران لاعادة صياغة هوية السلاح وبيد من سيكون. وهذا طلب لا يمكن للبنان تنفيذه لأن أي خطوة على الأرض ستؤدي الى حرب أو فتنة أو مواجهة طائفية مذهبية لبنان بغنى عنها”.

وأشار الى أن “المجتمع الدولي يهمه استقرار لبنان كنقطة استراتيجية بين الشرق والغرب وكنقطة تلاقي حضارات وديانات مختلفة، كما أن هناك جهات تريد أن يكون لها موطئ قدم في لبنان لرعاية مصالحها في المنطقة”.

وتحدث علم عن “الزيارات المتتالية لشخصيات مهمة على الساحة الدولية حيث كل شخصية كانت لها أهميتها ورمزيتها، وهذه الخطوات تدل على أن هناك شيئاً ما يُرتب”.

شارك المقال