من الرئيس الفلسطيني القادم؟

زاهر أبو حمدة

انتشرت صورة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو يتناول وجبة الفطور مع رئيس الحكومة محمد اشتية، وعضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة “فتح” حسين الشيخ. اتخذ البعض الصورة مناسبة لكيل الشتائم واعتبارها تمهيداً لمن سيخلف عباس. صحيح أن الصورة عفوية ومائدة الطعام عادية وتشبه غالبية موائد الأسر الفلسطينية، إلا أن نشرها تعمداً أو من دون قصد، فيها رسائل مستقبلية لا سيما وأن الرجلين سيكون لهما دور هام في مرحلة ما بعد عباس.

لو أن غداً غاب عباس عن المشهد، ستجتمع اللجنة المركزية لـ “فتح” وبعدها تجتمع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ويرجح أن يكون القرار اجراء انتخابات رئاسية، وإلى حين تنفيذها يعين الشيخ مُسيّراً لأعمال المنظمة في حين يعين أشتية مسيّراً لشؤون السلطة، فيما قائد “فتح” يبقى نائب رئيس الحركة أي محمود العالول إذا استمر في منصبه بعد اجراء مؤتمر الحركة في أواخر الشهر المقبل.

ما يمكن تأكيده أن الانتخابات هي من ستحدد هوية الرئيس القادم، ولن يحمل صفة الرئيس إلا عبر صناديق الاقتراع، وإن لم تحصل يبقى مسيّرو الأعمال في مناصبهم من دون صفة دستورية. وهنا يُرجح تقسيم مسؤوليات الرئيس القادم ونزع الكثير من صلاحياته، فلن يكون هو القائد العام لحركة “فتح” ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئيس دولة فلسطين. ستوزع الصفات والمناصب على ثلاث شخصيات ولو انتموا الى “فتح”.

ويجب الاعتراف بأن الرئيس الفلسطيني لا يحدده الفلسطينيون وحدهم. فهناك رأي للأميركيين والأوروبيين والروس، وكذلك لمصر والأردن والسعودية، ودخلت على الخط حديثاً تركيا وقطر والامارات. لكن في ظل الاشتباك الإقليمي والدولي، يبقى الفلسطينيون هم من يحددون هوية الرئيس لا سيما عبر تصويتهم. ويمكن للأسير مروان البرغوثي أن يرشح نفسه وتدعمه فصائل أخرى غير “فتح”. وهنا ستكون معضلة في الحركة، لكن المعضلة الأكبر إذا لم يتم التوافق على اسم وفاقي، أن الحركة ستنقسم جغرافياً لا سيما وأن الرجل القوي جبريل الرجوب من جنوب الضفة والعالول من شمالها. وكذلك كلمة الأمن والاستخبارات سيقولها اللواء ماجد فرج وهو يمثل المخيمات لا سيما وأنه ينتمي الى مخيم الدهيشة في بيت لحم.

أما السيناريو المحتمل تنفيذه فهو تقسيم التركة وإيجاد نقاط مشتركة، فيكون الرجوب قائداً لـ “فتح”، والشيخ رئيساً للمنظمة، واشتية المعروف بمهاراته الإدارية وخطابه الوحدوي رئيساً للسلطة. إذا حصل هذا السيناريو فسيجنّب الضفة سيل الدماء والتشرذم. لكن في أكثر اللحظات الحاسمة في مسيرة الشعب الفلسطيني، كانت هناك أحصنة رابحة وأخرى خاسرة ومن حيث لا يدري أحد يحصل ما لم يكن متوقعاً. فربما يستغل الاحتلال غياب عباس لضم كل مدن الضفة متذرعاً بالفراغ في المقاطعة، أو أن يكون للفصائل الأخرى لا سيما “حماس” رأي مختلف فتكون الفوضى هي الفيصل.

شارك المقال