هل سيحصل بوتين على حربه العالمية الثالثة؟

حسناء بو حرفوش

كيف ستحل خواتيم الأزمة الأوكرانية – الروسية؟ هل ستهمد التوترات وتنتهي بتفاهم ديبلوماسي أم أن كرة الثلج قد تكبر لتدحرج العالم باتجاه حرب عالمية ثالثة؟. في كلتا الحالتين، حسب ما نقرأ في تحليل لموقع puck.news الإخباري الإلكتروني، يناقش خبراء السياسة الخارجية بالفعل كيف يمكن لهذه الأزمة أن تعيد تشكيل المنطقة لا بل العالم، إلى الأبد. وبعد أن غزا فلاديمير بوتين جورجيا في 8 آب 2008، ها هو يرسل القوات إلى منطقة دونباس في أوكرانيا بعد الاعتراف باستقلال جمهورية دونيتسك الشعبية وجمهورية لوهانسك الشعبية، الانفصاليتين. وقبل ثماني سنوات بالضبط، جاء فرار الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش من أوكرانيا (بمساعدة بوتين) بعد أن أمر قواته بفتح النار على المتظاهرين في ميدان كييف، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص. وشكل ذلك اليوم من العام 2014 نقطة تحول. بالنسبة لى الأوكرانيين، كان يوماً للاحتفال بانتهاء النظام القديم الفاسد الموالي لموسكو وانطلاق حقبة جديدة من الأمل والحكم الرشيد الذي يقرّب البلاد أكثر من الغرب. ومع ذلك، لم تتحقق هذه الطموحات والأحلام بسهولة مع استمرار الفساد والخلافات السياسية بل وتفاقمها. وبالنسبة الى بوتين، كان يوم 22 شباط 2014 أكثر قتامة، ومن منظوره، يمكن تعريف ما حدث بالانقلاب المناهض للحكومة.

ليس الجميع أوكرانيين

ومن جملة الأسئلة المطروحة حالياً سؤال عن مدى التضحيات التي يستعد الأوروبيون لتقديمها لمواجهة فلاديمير بوتين بعد قراره الاعتراف بالأراضي الانفصالية في أوكرانيا ونشر قواته هناك، في انتهاك واضح لحدود البلاد، كما نشر في موقع صحيفة “لو تان” السويسرية. وحسب المقال، “في الحياة الواقعية كما في ميزان القوى بين الدول لا يُقاس التضامن بالكلمات، بل يتم الحكم عليه من خلال الأفعال وقدرة الجميع على الاستجابة للتهديدات عند صياغتها بالكلمات، والهجمات حين تصبح حقيقة واقعة. في حالة أوكرانيا، يجب الاعتراف بأن هذا التضامن، لن يرقى أبداً الى مستوى يحتمل أن يجعل فلاديمير بوتين يتراجع، خصوصاً وأن الرئيس الروسي الذي يشكك في وجود جارته كدولة مستقلة، يعتقد أنه يستحق الاحترام داخل الحدود. وينطبق الأمر كذلك على بيلاروسيا، على سبيل المثال بعد الانتخابات الرئاسية الصورية في آب 2020 والقضاء الفعلي على المعارضة الديموقراطية من قبل نظام ألكسندر لوكاشينكو. وكل هذا في الواقع جزء من المعادلة الاستراتيجية التي كانت الدول الغربية تدرس شروطها بعناية منذ أسابيع.

وبغض النظر عن الشروط، لن تمنح العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على روسيا، السلطات في كييف الدعم والحق نفسه كما في حالة أوكرانيا العضو في الناتو. في هذه الحالة الأخيرة، كان العدوان الروسي ليفجر على الفور المادة الخامسة لحلف الناتو، أي مبدأ التضامن الذي يلزم الدول الثلاثين الأعضاء بأن تعتبر نفسها في موقع المستهدفة إذا تعرض أحدها للهجوم، على غرار ما حدث في اليوم التالي لعقد التحالف، أي هجمات 11 أيلول 2001 في نيويورك. حينها، نظر كل بلد عضو لنفسه على أنه أميركي، بما في ذلك مواطنو الدول المحايدة في القارة القديمة.

ولا شك في أن بوتين فهم هذه الحقيقة بصفته إستراتيجي مهووس بالحفاظ على القوة الروسية. وبعد ثماني سنوات من ضم شبه جزيرة القرم في العام 2014، وأربعة عشر عاماً من انتهاء الحرب بين روسيا وجورجيا باعتراف موسكو بالمنطقتين الانفصاليتين، راهن الكرملين على الضعف الهيكلي للدولة الأوكرانية الحالية، حيث النقاش الديموقراطي الحقيقي والتحرر القوي للمجتمع المدني يخضع مع الأسف للتقويض بسبب الفساد المستشري والتعقيدات التاريخية والجغرافية الموروثة من الإمبراطورية الروسية، ثم من الاتحاد السوفياتي السابق.

هذان العائقان الرئيسان يجعلان من هذا البلد الذي يصل حجمه إلى 15 ضعفاً من حجم سويسرا، شريكاً تصعب إدارته في بروكسل وكذلك في باريس أو برلين أو لندن، ناهيك عن الولايات المتحدة التي لا ترى فيه سوى ساحة معركة، وواشنطن قد خرجت لتوها من الصدمة الأفغانية، عدا عن أن مصالحها الحيوية لا تتعرض للتهديد بأي حال من الأحوال. ويواجه الاتحاد الأوروبي، بغض النظر عن الحدة المبررة لاستجابته، وضعاً يذكرنا بالحياد السويسري، في ما يتعلق بأوكرانيا. وفي النهاية، لا تتصور في محيطها الإلزامي أكثر من حماية أراضي دول الحلف، من دون الطموح الى توسيع نطاق الدفاع. ويستدعي هذا الواقع المؤسف من جميع الخطب المتعلقة بالدفاع عن الاتحاد الأوروبي، الاعتراف بأن الأوروبيين ليسوا مع الأسف أوكرانيين جميعاً”.

المصادر:

puck.news
letemps

شارك المقال