طفرة النفط على خلفية الحرب الروسية ضد أوكرانيا

حسناء بو حرفوش

تزامنت العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا مع قفزة في أسعار النفط العالمية التي تجاوزت سعر 103 دولارات للبرميل. وعلى الرغم من أن هذا الارتفاع كان متوقعا، إلا أنه يستدعي تعمقا في أدوات “الاستثمار في الأزمات”، حسب تحليل لجون بيرسينوس، مدير تحرير صحيفة “Investing Daily” الأميركية.

وحسب القراءة، “من المؤكد أن الذهب ملاذ آمن في أوقات الاضطرابات الجيوسياسية، بالإضافة إلى الأصول الصلبة الأخرى. ومع ذلك، لا بد من الالتفات الى سلع تستحق مكانا غاية في الأهمية: النفط الخام، الذي تساهم أي تغطية حوله بمضاعفة ضغط العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على الأسهم العالمية مما يؤدي بالنتيجة الى ارتفاع أسعار النفط. فهل من وسيلة للتحوّط في ظل هذه الظروف المضطربة؟

لقد تسبّب غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لشرق أوكرانيا باضطراب كبير في أسواق الأسهم والطاقة. والواقع أن أسعار النفط لم تصل إلى 100 دولار للبرميل منذ العام 2014، لكنها تحوم حاليا عند هذا المستوى، بحيث يؤدي تصاعد العنف في أوكرانيا إلى تعطيل إمدادات الطاقة وفرض عقوبات. ويمثل إنتاج روسيا 12٪ من نفط العالم و17٪ من غازه الطبيعي. ويتم نقل الكثير من إنتاج الطاقة في البلاد إلى أوروبا في خطوط الأنابيب التي تمر عبر أوكرانيا. لكن ألمانيا أوقفت خط أنابيب الغاز الطبيعي “نورد ستريم 2” المملوك لروسيا والذي تبلغ كلفته 11 مليار دولار كجزء من العقوبات الغربية ضد روسيا.

ويتوقع المحللون أن تصل أسعار النفط إلى 125 دولارا للبرميل بحلول الربع الثاني من العام 2022. كما يقول بعض المحللين إن النفط الخام قد يرتفع إلى 150 دولارا للبرميل. وبغض النظر عن الأزمة الأوكرانية، فإن الاتجاه متعدّد السنوات هو لاستمرار الطلب على النفط، ولا سيما في الأسواق الناشئة حيث يؤدي صعود المستهلكين من الطبقة المتوسطة إلى زيادة الشهية لنمط حياة غربي يعتمد على الوقود الأحفوري. والنمو الاقتصادي واختلال التوازن في العرض يدفعان بالفعل أسعار النفط الخام الى الارتفاع. ويضاف إلى ذلك اليوم مزيج الحرب في أوكرانيا والعقوبات الغربية ضد روسيا والتي تشكل محفّزات قوية لنفط أغلى ثمنا.

بوتين زعيم غير مبدع

وعلى الرغم من أن بوتين قد يحظى حتى في الديموقراطيات الغربية، بإعجاب أشخاص معينين يفضلون طعم سياسة الرجل القوي، لكن الحقيقة هي أن بوتين “الرجل القوي” قد أثبت أنه زعيم غير مبدع. فعلى ما يبدو، لم يقم قط بالمهمة الصعبة المتمثلة في تنويع الاقتصاد الروسي. وبدلا من ذلك، حوّل روسيا إلى دولة نفطية وحكومة كليبتوقراطية، وأغدق بالثراء حصرا عليه وعلى أعوانه. وعلى هذا النحو، تعتبر روسيا ورقة أساسية في أسواق النفط. وبينما شكّلت روسيا عادة دولة جامحة في أوبك + كارتل، وضع غزو أوكرانيا أوبك في منطقة المجهول. وتشير أوبك + إلى الأعضاء الرسميين الـ 13 في منظمة البلدان المصدرة للبترول و 10 شركاء آخرين من خارج أوبك بما في ذلك روسيا. أما الأعضاء الخمسة المؤسسون لأوبك فهم فنزويلا والعراق والمملكة العربية السعودية وإيران والكويت. والآن، بعد أن أصبح بوتين المستبد معزولا وعلى خلاف مع المجتمع العالمي، بات تماسك أوبك + وقدرتها على معايرة أسعار النفط موضع شك كبير.

وفي ظل هذه الظروف، يتحول صندوق المؤشرات المتداولة للولايات المتحدة (USO)، وهو الصندوق الأكثر تداولاً في البورصة (ETF) في مجال النفط بأصول مدارة تبلغ 2.4 ملياري دولار ومتوسط ​​حجم يومي يبلغ 5.2 ملايين سهم، إلى رهان استثماري ذكي. ويسعى USO جاهدا الى الحصول على متوسط ​​النسبة المئوية اليومية للتغيّر في صافي قيمة الأصول، لأي فترة ضمن 30 يوما من التقويم المتوالي، ليكون في نطاق زائد / ناقص 10٪ من متوسط ​​النسبة المئوية اليومية للتغير في سعر العقد الآجل للنفط المعياري خلال الفترة عينها.

ووصل USO الأربعاء إلى أعلى مستوى في 52 أسبوعا وارتفع بنسبة 67 ٪ مقارنة بأدنى سعر له في 52 أسبوعا عند 39.27 دولارا للسهم، في ظل ملاءمة الظروف الأساسية التي تمنح أسعار النفط الخام زخما تصاعديا. وأخيرا وعلى الرغم من التحول إلى الطاقة الخضراء، لا يزال النفط هو السلعة الأكثر قيمة في العالم”.

شارك المقال