حرب روسية – أوكرانية… وارتدادات في عمق السياسة اللبنانية؟

هيام طوق
هيام طوق

أي هزة سياسية أو اقتصادية في آخر أصقاع الأرض تكون لها ارتدادات سلبية على الداخل اللبناني، وأي حرب تندلع بين بلدين أو فريقين تطال شظاياها الدولة بعدتها وعديدها، وأي تقلب في المزاج السياسي الدولي أو اتفاق أو خلاف في التفاوض على ملف من هنا وآخر من هناك يمكنه أن يحدد المنحى المستقبلي للبلد الذي يعتبر في الوضع الراهن الحلقة الأضعف والأقل تحصيناً بين دول المنطقة. وبالتالي، يبدو البلد متروكاً يتأرجح على حبال المصالح الاقليمية والدولية، وتتنقل أزماته المتنوعة بين التصعيد والحلحلة وفقاً لمقياس التطورات الدراماتيكية .

وبين من يقول ان لبنان “له في كل عرس قرص”، وانطلاقاً من المثل القائل: “إذا بدّك تخرب بلاد، ادْعي عليها بكتر الروس”، يبدي أكثر من مرجع ومحلل سياسي القلق على الوضع الداخلي في ظل الحرب الأوكرانية – الروسية التي ستكون لها انعكاسات على الصعد كافة، خصوصاً وأن الدولة تعاني من ترهل غير مسبوق في بنيتها إضافة الى الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تجعلها غير قادرة على تحمل أي نكسة.

ويبقى الأهم أن الانقسام الحاصل بين الأفرقاء على مختلف المواضيع والملفات سيجعل البلد مشرّع الأبواب والنوافذ أمام كل الرياح العاتية الآتية، وسط تأكيد مصدر سياسي لـ “لبنان الكبير” أن منسوب الاصطفاف والاختلاف بين السياسيين والتباعد بينهم في مقاربة الملفات الداخلية والخارجية سيزداد في الأيام المقبلة، وأن النائب جبران باسيل الذي يحاول ” القوطبة” على رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على صعيد أكثر من موقف وملف، سيلجأ الى أكثر من سيناريو لتعطيل الانتخابات النيابية، وبالتالي، البلد أمام مفترق خطير وأي انزلاق في أي اتجاه سيؤدي الى نتائج كارثية وسط التساؤل الذي بدأ يبرز حول مصير الحكومة.

وإذا كانت التداعيات الاقتصادية للحرب في أوكرانيا بدأت تتجلى في أكثر من اتجاه، فما هي الارتدادات السياسية على الداخل اللبناني خصوصاً لناحية الانتخابات النيابية في حال أخذت الحرب منحىً تصاعدياً لاسيما وأن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد أن الحرب في أوكرانيا ستطول؟ وما هو مصير الحكومة في ضوء الإنقسام والتباعد بين المسؤولين على أكثر من صعيد؟ وهل ستتسبب الحرب بتأخير الحلّ في لبنان بسبب تبدل أولويات الدول المهتمة بالانقاذ؟

درويش: الحكومة مستمرة في عملها

أكد عضو كتلة “الوسط المستقل” النائب علي درويش أن “الحكومة مستمرة في عملها، والانقسام الجديد في النظرة إلى الحرب في أوكرانيا لن يصل الى مرحلة تهدد الحكومة، ولا مصلحة لأحد في التضارب داخلها”، لافتاً الى أن “الكل يصرح بأنه يريد اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والاجراءات المطلوبة لإتمامها قائمة على قدم وساق. وبالتالي، ما من طرف لديه مصلحة باستغلال الحرب في أوكرانيا واللجوء الى سيناريو معين لتطيير الانتخابات”.

وأشار الى أن “هناك صيغة في لبنان تشير الى أنه ليس مع عدائية دولة على أخرى، ويجب عدم تحميل الأمر أكثر من اللازم”، مشدداً على أن “تداعيات الحرب ستكون على منطقة الشرق الأوسط ولبنان جزء منها، وهو الخاصرة الأضعف بسبب متناقضاته، ولكن هناك ترقب وانتظار لما سيحصل مع العلم أن السفير الروسي في لبنان تحدث عن العلاقة الجيدة بين البلدين”.

ورأى أن “الدول المهتمة بإنقاذ لبنان لن تتركه، ولكن لا شك أن الاهتمامات الحالية متجهة نحو الحرب الأوكرانية – الروسية التي ستشكل الحيز الأكبر من اهتمام الدول الكبرى”.

خواجة: ارتدادات الحرب ستطال كل العالم

واعتبر عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب محمد خواجة أن “ارتدادات الحرب ستطال كل العالم، ولا تداعيات سياسية مباشرة على لبنان، والانتخابات ستحصل في موعدها”، مشيراً الى “انعكاسات سلبية أساسية تتمثل في أمرين: أولاً، على الطلاب المحجوزين في أوكرانيا حيث كان يجب على الحكومة أن تقوم بخطة طوارئ لاجلائهم منذ أن بدأت الأزمة بالتصاعد. ثانياً، على المواد الغذائية التي نستوردها من روسيا وأوكرانيا بحيث يجب على الحكومة أن تتخذ كل الاجراءات كي لا نقع في أزمة خبز”.

وقال: “علينا نحن الاهتمام ببلدنا، والتفتيش عن لغة الحوار وايجاد رؤية مشتركة للخروج من الأزمة ولدينا كل القدرات والموارد البشرية الناجحة. لماذا انتظار الدول كي تهتم بنا؟. للأسف نحن نعيش في نظام طائفي والولاءات طائفية وليست ولاءات وطنية”.

وأكد أن “الاختلاف في وجهات النظر لن يؤدي الى تطيير الحكومة ولكن شرط أن نتفق على الرؤية الوطنية الواحدة بمعنى المصلحة الوطنية، ومن الطبيعي أن يتخلل النقاشات العديد من وجهات النظر الا أنه ليس مسموحاً ان نصل الى مزيد من المشكلات والأزمات ويكفينا ما فينا”.

ماروني: الاهتمام الدولي بلبنان تراجع

وتحدث الوزير والنائب السابق إيلي ماروني عن “الاستغلال الاقتصادي للأزمة الأوكرانية – الروسية بحيث أنه منذ اليوم الأول للحرب أصبحت لدينا أزمة قمح وطحين وزيت ومحروقات في غياب مطلق لرقابة الدولة، مع أن أوكرانيا المحاصرة لا تزال الكهرباء فيها موجودة والمواد الغذائية متوافرة بينما أعلن التجار في بلدنا منذ اليوم الأول أننا أمام أزمة وسنشهد ارتفاعاً في الأسعار، والدولة غائبة كعادتها”.

ورأى أن “الاهتمام الأوروبي والدولي أصبح محصوراً بالحرب الروسية – الأوكرانية، وبالتالي، فإن الفريق الذي لديه مصلحة في تأجيل الانتخابات أو التمديد للمجلس الحالي سيجدها فرصة سانحة للتخلص من الضغط الدولي والأوروبي والتحجج بأي أمر وايجاد أي ذريعة للتمديد وتأجيل الانتخابات في ظل اصرار أوروبي ودولي على اجرائها”، مؤكداً أن “الاهتمام الدولي بلبنان تراجع لأن هناك حرباً دولية لها انعكاسات على أوروبا وخصوصاً على فرنسا”.

ولفت الى “أننا تعودنا على استغلال المنظومة أي أزمة لتحقق غاياتها، وبدل البحث عن حل ، تذهب السلطة الى تمديد الأزمة. نحن أمام احتمالية تمديد للمجلس النيابي، وبالتالي تمديد للأزمة الراهنة وللسلطة القائمة”.

ناصر: لا تأثير للحرب على الانتخابات النيابية

وقال أمين سر الحزب “التقدمي الاشتراكي” ظافر ناصر:”لا أرى أي ارتدادات للحرب الروسية – الأوكرانية على الوضع الداخلي”. وتساءل “ما علاقة الحرب بين البلدين على الانتخابات النيابية في لبنان؟”.

واعتبر أن “الدول غير مهتمة بلبنان وليس أولوية بالنسبة اليها، فكيف الحال مع الحرب الروسية – الأوكرانية؟”.

شارك المقال